اخبار اليوم الصحيفة, سامي الشاطبي: الرواية اخبار اليوم الصحيفة, سامي الشاطبي: الرواية
ياخذنا هذا الحوار مع الروائي والكاتب اليمني، سامي الشاطبي، الى اثيوبيا، بجمال طبيعتها وخصوصياتها بوصفها اكثر الوجهات لهجرة اليمنيين وسكناهم في منطقة القرن الافريقي على مرّ العصور، حيث استثمر الكاتب هجرته المؤقتة اليها والتي استمرت لمدة خمس سنوات – في خضمّ تداعيات الصراع الدائر في اليمن- للاقتراب من عوالم الحياة هنالك لا سيما حياة اليمنيين ومشهد الثقافة والابداع، حيث عمل في الصحافة الاثيوبية الصادرة باللغة العربية، وخرج برواية توثق يوميات مهاجر يمني، صدرت مؤخرًا بعنوان “ضائع في اثيوبيا”.
والشاطبي هو عضو اتحاد الادباء والكتّاب اليمنيين منذ عام 1997. ترجمت له نصوص ادبية الى الانكليزية، كما ترجمت روايته “انف واحدة لوطنين”، الى الاسبانية من قبل دار بيروم للنشر- مدريد، 2016.
صدرت له مجموعتان قصصيتان: “الانا السابعة” (2000)؛ “هي الارض” (2006)، وسبع روايات: “كائنات خربة” (2002)؛ “للامل مواسم اخرى” (2004)؛ “مذكرات مُولّد طيب” (2005)؛ “مشروع ابتسامة” (2012)؛ “انف واحدة لوطنين” (2015)؛ “يا قمر قمّيرة” (2017)؛ “ارض العسل… وضائع في اثيوبيا”. كما صدرت له اربعة كتب اخرى: “القضاء على العنف في اليمن” (2003)؛ “ببليوغرافيا النتاج السردي اليمني” (2007)؛ “دليل كتابة السيناريو الاذاعي” (2009)؛ “فنيات كتابة السيناريو الاذاعي” (2011). وكتب ايضًا سيناريو عدة افلام وثائقية وحلقات من مسلسلات درامية يمنية.
هنا حوار معه:
(*) كيف وجدت نفسك في اثيوبيا؟
اي بلد فيه نهر وغابات فهو مرغوب، واثيوبيا ليس بها نهر وغابات فقط، بل فيها منبع النيل. وانتَ، كيمني، لك جذور عميقة في حبّ الفلاحة وزراعة الارض، فمن الطبيعي ان تنظر اليها نظرة اشتياق… اخترتَ اثيوبيا لاسباب عدة: اولها انها بعيدة عن الدول التي يتواجد فيها اطراف الصراع في بلدي اليمن، وثانيًا لانه بالمقدور الوصول اليها، وثالثًا لان بيننا وبينها روابط يطول شرحها هنا.
(*) وما الذي اكتشفته؟
هل تعلم بان عدن والقاهرة لم تقدما شيئًا لحركات التحرر اليمني، بل ان اثيوبيا، وخاصة الجالية اليمنية الكبيرة فيها، هي من قدم الدعم الاكبر؟ هذه النتيجة قد تبدو غير مقنعة بدون تفاصيل وحقائق. لقد نشرتُ الكثير من هذه الحقائق التي تؤكد دور اثيوبيا الحيادي في دعم حركات التحرر اليمني، وساواصل نشر بقية الوثائق.
وحقيقةً، انا مستغرب كيف لاطراف الصراع المقيمة في الخارج ان تعمل على النهوض بالوطن وهي تعيش في الخارج وتحقق مكاسب شخصية، بينما جهودها تقتصر على بعض المنشورات والتغريدات عن الوطنية والتحرر والانتماء.
اثيوبيا ترتبط باليمن بعلاقات عميقة ابرزها علاقات صلة الرحم… في كل خطوة لك في اديس ابابا ومدن كنازريت وجيجيكا ستجد اثارهم.
“ضائعٌ في اثيوبيا”
(*) وهذا يقودنا للسؤال عن احدث رواياتك: “ارض العسل… وضائع في اثيوبيا” (دار عناوين بوكس- القاهرة). ما الذي حملته متون هذه الرواية؟
الرواية سيرة موجزة لكل اليمنيين الذين هاجروا للاستقرار في افريقيا… بدءا من ملكتنا بلقيس وحتى اخر واحد اظنه وصل مهاجرًا خلال كتابتي لاجوبة هذا الحوار… ان الاختلاف عميق وكبير بين ان تهاجر الى بلد افريقي وبين ان تهاجر الى اوروبا مثلًا… فتحقيق الاستقرار في بلد افريقي يعد معجزة مقارنة بالاستقرار في دول اوروبا الغنية… تبدا الرواية بلجوء شاب يمني الى اثيوبيا هربًا من الاحتراب في اليمن، وهنالك يقض مضجعه الحنين المتنامي الى اليمن وناسها.
ولكن هذا الحنين الذي يستعر بداخل البطل لا تتضح ملامحه ويصير متشكلًا في حياته الا بظهور الشخصية الهلامية لعبد الله الحضرمي والتي تمثل الصوت الداخلي لكل ضائع ولاجئ وهارب من وطنه اليمن… الصوت الذي يربط كل يمني باليمن… يذكره باليمن وبالحنين اليها واهمية بذل ما يقدر عليه من اجل بلده… يخوض البطل صراعًا عنيفًا بين محاولات الغربة ابتلاعه ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا ومحاولات الحضرمي ربطه بشده الى الوطن…. الانسان لا يُنزع من غرسته، لان جذور غرسته في ارض الوطن (اليمن) فان نُزِع مات… انّ خلاص المهاجر اليمني هو ان يظل مرتبطًا بوطنه وان يعمل من اجل سلامه.
(*) قبل ذلك بسنوات، انجزت وثائقيا عن اللاجئين الاثيوبيين في اليمن. حدثنا عن هذا الفيلم الوثائقي وظروف انجازه؟
هذا الفيلم كان بدعم من الامم المتحدة وكان عنوانه “رحلة قدم” وهو يحكي قصة محاولات الافارقة، بشكل عام، الوصول الى دول الخليج الغنية للعمل والاستقرار حيث يتطلب وصولهم المرور عبر اليمن وفي اليمن يواجهون بعض الصعاب… الفيلم يرصد هذه الصعاب بتتبع رحلة شخصيات افريقية حقيقية من مدينة المخا وحتى الحدود اليمنية السعودية.
(*) وماذا عن المهاجرين اليمنيين في اثيوبيا، عمومًا؟
اول مهاجرة يمنية هي بالتاكيد وبحسب الوثائق التي لدى الاخوة الاثيوبيين الملكة اليمنية بلقيس وبالتاكيد خلال تلك المدة زهاء ثلاثة الاف عام شهدت اليمن هجرات متتالية… العدد التقريبي للمهاجرين اليمنيين في اثيوبيا خلال الفترة (1900- 1950) زهاء اربعمائة الف يمني، وفقًا للاحصائيات.
(*) على الصعيد الشخصي، ما هي حصيلة اكتشافاتك ومثاقفاتك في اثيوبيا، برغم حاجز اللغة؟
اقمت في اثيوبيا خمس سنوات وحاليًا لم اعد اقيم فيها… خلال هذه السنوات حاولت جاهدًا الاحتكاك بالمشهد الثقافي الاثيوبي… عملت في عدد من الصحف الاثيوبية الصادرة باللغة العربية ولكنني واجهت صعوبات جمة في الاحتكاك بالمشهد الثقافي لان انتاجهم الادبي يُكتب ويصدر باللغتين الانكليزية والفرنسية غالبًا.
(*) كيف ترى الى الرواية اليمنية التي تُكتب اليوم؟
يمكنني القول ان الرواية اليمنية التي تكتب الان تقوم، الى جانب كونها انتاجا ادبيا خاصا، بدور المؤرخ.
(*) منذ روايتك الاولى “كائنات خربة” (2002) وحتى الرواية السابعة: “ارض العسل… وضائع في اثيوبيا”، اين تجد نفسك روائيًا؟
كتابة الرواية امر استغله لتحقيق مارب شخصية اهمها انني انقل رسائل العالم المستضعف للقارئ، ولا اجدني روائيًا بالمعنى الرسمي او التعريفي. ان تحمل هدفًا واضحًا وقضية واضحة المعالم فلن يهمك بعدها ان تجدك مصنفًا ضمن قائمة من الروائيين.
(*) مؤخرًا، برزت الى الواجهة اكثر من مسابقة لتحفيز كتّاب الرواية في اليمن. كيف ترى الى هذه الجوائز التي تاتي في ظل شتات ثقافي عام؟
المسابقات والجوائز هي محفزة للابداع وقاتلة في نفس الوقت. لانك حين تعلن عن مسابقة ما فان الفائزين لا يزيدون عن ثلاثة من بين مائة رواية مشاركة وبالتاكيد الـ97 سيصابون بالاحباط خاصة من شاركوا بروايات جديرة بالفوز. لجان القراءة والحكم هي نوعًا ما لجان قديمة الطراز، كلاسيكية ان صح التعبير ويصعب على جيل الروائيين الجدد التماهي مع هذه الكلاسيكية المفرطة.
(*) كتبت حلقات من مسلسلات درامية محلية وسيناريو لافلام وثائقية. حدثنا عن هذه التجربة؟
السيناريو صناعة وليس ابداعًا. اذا امتلكت القصة او الفكرة ورغبت في تحويلها الى سيناريو فعليك ان تكون صانعًا جيدًا. اذًا كتابة السيناريو صناعة وليست ابداعًا، ويمكن لاي فرد ان يكتب السيناريو شرط ان يمتلك القصة الصالحة لتحويلها دراميًا فهي لا تشترط الابداع.
(*) ما الذي تشتغل عليه حاليًا، وهل هجرت كتابة القصص القصيرة؟
اعمل على رواية “مهاجرون الى الداخل”، ترصد مائة عام من الهجرة اليمنية في قالب روائي. كما انتهيت مؤخرًا من ضبط السيناريو الخاص بمسلسل الملكة اليمنية اروى بنت احمد الصليحي، لصالح احدى القنوات. وفي الختام، اؤكد على ان الرواية حياة. فحكايتي معها مستمرة منذ اكثر من 30 عامًا.سامي الشاطبي: الرواية اليمنية الان تقوم بدور المؤرِّخ