اخبار اليوم الصحيفة, لماذا نكون اكثر اخبار اليوم الصحيفة, لماذا نكون اكثر
ربما تكون قد تعلمت اللغة الانجليزية كلغة ثانية في المدارس بجانب لغتك الام، هذا يُفسر ان تكون الانجليزية اكثر اللغات المتحدثة حول العالم، حيث يتم التحدث بها في اكثر من مئة دولة حول العالم لتوصف باللغة الكونية المقبول التحدث بها للتواصل في اي مكان حول العالم، ولكن هل يكون لتحدث الانجليزية كلغة ثانية ثمن على مُتحدثها؟
ربما لم تلاحظ الفرق بعد، ولكن للغات المختلفة تاثير كبير على شخصية من يتحدثها، حيث يمكن للمرء ان يشعر بمشاعر مختلفة حينما يتحدث اللغة الثانية سواء كانت الانجليزية او غيرها باختلاف ما يشعر به حينما يتحدث لغته الام، وهذا يعني في سياق اخر انه من الممكن ان يكون للمرء شخصيتين مختلفتين، شخصية تظهر حينما يتحدث بلغته الام والشخصية الاخرى حينما يتحدث اللغة الثانية.
استنتج الباحثون ان الطريقة التي نرى بها ثقافة البلد التي نتحدث لغتها تؤثر بشكل كبير على الطريقة التي نرى فيها انفسنا بينما نتحدث تلك اللغة، فان كانت وجهة نظرنا عن الامريكان انهم منفتحون ويتمتعون بالحرية فستكون تلك الصورة معكوسة بشكل واضح على الطريقة التي نشعر بها حينما نتحدث الانجليزية مثلًا، او لو كنا نرى ان الثقافة الفرنسية ثقافة كلاسيكية وراقية فهناك احتمال كبير ان نشعر بالرقي والاناقة حينما نتحدث اللغة الفرنسية كلغة ثانية.
هل يكون لدينا شخصيتان حينما نتحدث لغات مختلفة؟
اجرت الباحثة نايران راميريز ايسبارزا في قسم علم النفس بجامعة “كونيتيكيت” الامريكية دراسة عام 2006 لاثبات الاختلاف في الشخصية الذي يظهر حينما يتحدث المرء لغته الام مقارنة بما يحدث حينما يتحدث اللغة الثانية، واختارت مجموعة من الطلاب الامريكان ممن لهم اصل ميكسيكي لتجري عليهم التجربة، وطلبت منهم كتابة وصف عن انفسهم خلال خمسة عشر دقيقة مستخدمين اللغة الام، الاسبانية تارة واللغة الثانية التي تعلموها، وهي الانجليزية، في المرة الاخرى.
لاحظت الباحثة ايسبارزا ان الطلاب عمدوا الى وصف انجازاتهم وانشطتهم اليومية التي يبرعون فيها، كما تحدثوا عن دراستهم وكيف يبلون فيها حينما استخدموا اللغة الانجليزية، بينما اختلف الامر بشكل كبير حينما وصفوا انفسهم مستخدمين اللغة الاسبانية وهي اللغة الام، حيث مالوا الى وصف علاقاتهم بعوائلهم، واهتموا بوصف الروابط الاجتماعية اكثر مما وصفوا هواياتهم.
حينما ننظر للاختلاف بين الثقافة الامريكية والثقافة المكسيكية، سنجد ان الثقافة الامريكية تعتمد على الفردية، حيث يقدس الامريكان الانجازات الشخصية ولا يميلون الى تفضيل الروابط الاجتماعية على حساب الانجازات الفردية، كما لا يعتبر المجتمع الامريكي مترابطًا على صعيد العلاقات الشخصية والعائلية.
على العكس تمامًا يكون المجتمع الاسباني الذي تميل ثقافته الى الثقافة الجماعية، وتعني الاهتمام الجم بالروابط الشخصية والعائلية وجعلها اولوية على حساب الانجازات الشخصية، وهذا بالضبط ما انعكس على الطريقة التي تصرف بها الطلاب في التجربة حينما وصفوا انفسهم في اللغتين، فكانوا اكثر فردية حينما كتبوا باللغة الانجليزية، بينما مالوا الى جعل الروابط الاجتماعية اولوية حينما كتبوا بالاسبانية، فكان استنتاج الباحثة كالتالي؛
“لا يمكن فصل القيم الثقافية المرتبطة باللغة عن اللغة نفسها، لان المرء يرى نفسه من خلال القيم الثقافية في اثناء تحدثه تلك اللغة”
نظرية “تاثير اللغة الاجنبية”
وصف خبراء اللغة التاثير الذي يظهر على المتحدث باللغة الثانية بـ”تاثير اللغة الاجنبية”، وهو مصطلح يُشير الى نتاج التفاعلات بين العواطف واللغات الاجنبية في سلوك الفرد، حيث لاحظ الباحثون في اثناء اجراء تلك الدراسة فرقًا واضحًا في سلوك مجموعة من الصينيين حينما تحدثوا باللغة الام، الصينية، مقارنة بسلوكهم حينما تحدثوا الانجليزية في اثناء لعبهم لعبة القمار.
وجد الباحثون ان الصينيين مالوا الى المخاطرة بشكل اكبر في اثناء المضاربة في اللعب حينما سمعوا ردود فعل ايجابية باللغة الصينية، لغتهم الام، بينما كانوا مندفعين بشكل اكبر حينما سمعوا ردود فعل سلبية باللغة نفسها، ولكن ابدت المجموعة ذاتها ردود فعل مختلفة حينما سمعوا ردود الفعل الايجابية والسلبية باللغة الانجليزية، حيث كانوا اكثر عقلانية واقل اندفاعًا في اللغة الاجنبية الثانية.
يسترجع الاشخاص معاني كلمات معينة خاصة بالعواطف والمشاعر مثل التوبيخ او السباب من خلال اقترانها بذكريات معينة
نجد ذلك مُفسرًا تفسيرًا علميًا في دراسة المعهد القومي الامريكي للصحة، التي حاولت تفسير التداخل بين العواطف واللغات وهو الامر الذي همشه كثير من علماء النفس في التاريخ بعد ان فصلوا بين اللغة والعواطف والمشاعر، حيث وجدت ان هناك تداخلاً بين اللغة والعواطف التي يُظهرها المُتحدث، حيث وجدت ان المرء يكون اكثر عاطفية حينما يحاول التعبير عن المشاعر بلغته الام اكثر من اللغة الاجنبية، فسماع كلمة “احبك” في اللغة الام تثير المشاعر لدى المتلقي اكثر من سماع الكلمة نفسها بلغة اجنبية، اقترن ذلك الاستنتاج بمزيد من الدراسات التابعة للاولى من اجل مزيد من الاستنتاجات تدعم الدراسة السابقة، حاول الباحثون فيها اختبار مشاعر مثل الشعور بالاهانة، الشعور بالغضب او الاحساس بالتقدير والامتنان.
كانت النتيجة ان الاشخاص يسترجعون معاني كلمات معينة خاصة بالعواطف والمشاعر المذكورة سابقًا من خلال اقترانها بذكريات معينة، حيث يستشعر المرء الشعور بالاهانة حينما يسمع السباب او توبيخ احدهم له مستخدمًا كلمات التعنيف والتوبيخ من خلال ذكراه مع التوبيخ والتعنيف في الماضي، ولان الغالبية يختبرون تلك المشاعر والعواطف في سن مبكرة من خلال سماعها بلغتهم الام ولذلك يثير وقعها على مسامعهم عواطف اكثر من سماعها باللغة الاجنبية.
يظهر الناس تعاطفًا اقل حينما يسمعون كلمات تعبر عن المشاعر بلغة ثانية، فان كان احدهم يروي لك قصة شديدة الحزن بلغة ثانية لن تظهر له نفس التاثير الذي كنت ستظهره اذا روى لك القصة نفسها بلغتك الام، بالاضافة الى عدم الشعور بوقع الكلمات المسيئة حينما تستخدمها باللغة الثانية كما تشعر بوقعها المُهين حينما تستخدمها في لغتك الام.
سماع كلمة “احبك” في اللغة الام تثير المشاعر لدى المتلقي اكثر من سماع الكلمة نفسها بلغة اجنبية
وجدت الدراسة ان التاثير العقلي على الشخص حينما يستمع لكلمات مهينة او حزينة او تدعو للتعاطف تشبه تاثير “الفلترة” او التصفية، كما لو ان عقل المُتلقي او المستمع يصفي الكلمات من المشاعر التي من المفترض ان تصاحبها فيسمعها شبه مجردة من العواطف وبالتالي لا يُظهر لها التعاطف المفترض اظهاره في تلك الحالة على عكس ما يحدث عند سماعه للغة الام.
يميل الاغلبية للتفكير العقلاني والمنطقي حينما يستخدمون اللغة الثانية او الاجنبية في عملية اتخاذ القرار، بينما تؤثر عواطفهم على قرارهم حينما يستعملون اللغة الام في الحديث او الكتابة، ربما قد لاحظت ذلك بالفعل ان كنت من المتحدثين باللغة الانجليزية كلغة ثانية، ولكن هذا لا يُفضل لغة على اخرى، وانما يُظهر ان لاستخدام اللغات تاثيرًا على سلوكيات الناس وطريقتهم في اتخاذ القرار.لماذا نكون اكثر حرية حينما نتحدث اللغة الاجنبية؟