من-كوريا-الى-تركيا-الى-اسرائيل.-اسباب-جديدة-تدفع-نحو-تعلم-اللغة-العربية

من كوريا الى تركيا الى اسرائيل.. اسباب جديدة تدفع نحو تعلم اللغة العربية!

اخبار اليوم الصحيفة, من كوريا الى اخبار اليوم الصحيفة, من كوريا الى

ينشغل الكثير من الشباب العربي بتعلم اللغات الاجنبية، لاسباب عدة كالرغبة في الهجرة والاستقرار في دول هذه اللغات، او العمل والتعلم المؤقت في تلك الدول.
لكنّ تطوراتٍ عدة شهدتها المنطقة العربية، اوجدت دوافع جديدة لدى الالمان والاتراك والكوريين والصينيين وحتى الاسرائيليين للاقبال على دراسة اللغة العربية، دوافع تتعلق بامر اللاجئين، وتطور العلاقات الاقتصادية والثقافية، وصولًا الى التطبيع الذي تريده اسرائيل.
الاتراك يتعلّمون العربية جسرًا للتواصل مع اللاجئين
عكف الاتراك الراغبون في تعلم اللغة العربية على السفر الى الدول العربية بغية تعلّم اللغة من اهلها، فدفعت زيادة الاقبال على تعلم لغة الضاد بعيدًا عن تركيا مؤسسة «وقف طلاب ثانوية الائمة والخطباء في تركيا» لانشاء «قرية اللغة العربية» في ولاية قونية التركية.
اذ توفر القرية على الراغبين في تعلم اللغة العربية مشقة السفر ومتطلباته المادية، فهم يعيشون في القرية المقامة على الاراضي التركية فتتوفر لهم اساليب غير تقليدية في التعلم، اذ يتعلمون على يد نخبة من الاكاديميين العرب المتخصصين في مجال تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
تاريخيًّا، يعود ضعف معرفة الاتراك -الغالبية مسلمة- باللغة العربية، الى منع مؤسس الجمهورية التركية الحديثة «مصطفى كمال اتاتورك» التعامل بها في عام 1925، وفيما اقتصر تعلّمها في الماضي على المهتمين بدراسة قراءة القران الكريم في الجامعات والمؤسسات التابعة للاوقاف؛ كي يتمكّنوا من تنفيذ تعاليم الدين الاسلامي بلغته الاصلية، عاد الاهتمام بالعربية بعد وصول حزب العدالة والتنمية التركي الى الحكم، حتى تقرر ادخال اللغة العربية في المدارس الابتدائية العام الماضي (2016)، واخذت اقسام اللغة العربية في الجامعات التركية توسع نشاطها الاكاديمي.
اطفال سوريون في تركيا
واذ كان واحد من اسباب اقبال الاتراك على تعلم العربية يعود الى ما تقتضيه الحركة التجارية والاستثمارية والسياحية الواسعة بين تركيا، والدول العربية في السنوات الاخيرة، فان مجاورتها لدول يتدفق منها اللاجئون ايضًا كان له دور في خلق رغبة لدى الاتراك لتعلم العربية بغية التواصل مع العرب، خاصة ان العرب هم ثالث اكبر عرقية في تركيا، فقد اصبح يقام على الاراضي التركية العديد من الفعاليات والمعارض التي تستهدف العرب كالامسيات الشعرية والادبية والاغاني العربية، كما ان تركيا هي قبلة علاج تجتذب الكثير من العرب، وهي ايضًا مركز للاعلاميين والمؤسسات الاعلامية العربية، من مواقع الكترونية وقنوات فضائية افتتحت بعد توافد السوريين والعراقيين والمصريين اليها، وكذلك نشطت حركة الترجمة من العربية الى التركية والعكس.
اللاجئون والشراكة الاقتصادية تدفع الالمان الى تعلم اللغة العربية
«اتعلم العربية لرغبتي في مد جسور التفاهم والتحاور مع ابناء الجالية العربية، ومع سكان البلدان العربية التي ازورها، ارى ان اللغة العربية لغة جميلة»، كذلك يوضح الطالب في قسم الترجمة واللغة العربية بجامعة بون، يوليوس راديرس، سبب اقدامه على تعلم اللغة العربية.
ويضيف «راديرس» لـ«دويتشه فيليه» الالماني: «اهتم بالتراث العربي وخاصة في اليمن التي كثيرًا ما ازورها، لكن حقيقة تحول هذه المنطقة من منطقة حضارية الى منطقة تشوبها الخلافات والنزاعات، اثار في نفسي الرغبة في اتقان العربية لكي اتخاطب بطريقة مباشرة مع الناس هناك، وافهم واقع حالهم». وفيما كان سبب تعلم راديرس هو ذهابه الى الدول العربية، كان سبب تعلم الاخرين من الالمان هو قدوم لاجئين من الدول العربية اليهم بشكل قياسي، اذ وجد الالمان انفسهم في تحدٍ لمعرفة لغة العديد ممن يحيطون بهم، خاصة بعد وقوع سوء فهم بينهم وبين اللاجئين، فعدم معرفة الالمان بعادات وتقاليد المسلمين العرب، كرفض بعض النساء مصافحة الرجال باليد خلق بعضًا من الاشكالات؛ بل وقف الخوف من اللاجئين سببًا وراء تعلم اللغة العربية، اذ وجد الالمان انفسهم بحاجة لفهم اللاجئين الجدد، مفضِّلين التعرف الى ثقافاتهم، وكذلك منهم من اقدم على تعلم اللغة العربية بسبب ارتباطه بصداقة او علاقة عاطفية مع شخص عربي، تقول طالبة في جامعة بون، تدعى «انجيلا براندت» ان ما دفعها لتعلم اللغة العربية هو خوفها من اللاجئين؛ لذلك فضلت في حال تواجدت في احد الاماكن مع اللاجئين ان تكون قادرة على فهم ما يقولون.
وكذلك حضرت الرغبة في تعلم الالمان للغة الضاد، لتقديم انفسهم شريكًا اقتصاديًّا وثقافيًّا وسياسيًّا، بعد ارتباط المصالح الالمانية بدول الشرق الاوسط، ولذلك دفعت ادارة جامعة «فولكسهوخ شوله» في مدينة ريكلينغ هاوزن الى ادراج اللغة العربية ضمن قائمة اللغات الاجنبية التي يدرسها الاساتذة، اذ يزيد اقبال الالمان على تعلم اللغة العربية بقصد العمل، خاصة في منطقة الخليج ذات الفرص الاستثمارية للالمان.
فتاة تتعلم العربية (المصدر: دوتشيه فيليه)
ويضيف استاذ اللغة العربية والترجمة في جامعة «بون»، سرجون كرم، المزيد من الاسباب مثل: «الاعجاب بالثقافة والعادات الاسلامية والعربيّة بعد رحلة استجمام، اذ يعتبر البعض الثقافتين العربية والاسلامية عالمًا غريبًا ومثيرًا يجدر التعرّف اليه»، ويضيف في حوار «دوتشيه فيليه» الالماني: «احداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) لعبت ايضًا دورها في لفت الانتباه للتعرّف الى الفكر الاسلامي ومحاولة فهمه. كما ان للحافز الثقافي والديني بالنسبة الى الطلاب الالمان الذين تعود جذورهم الى اصول عربيّة او تركية، دورًا في اقبالهم على تعلم العربية».
العربية لغة استراتيجية في كوريا
امسكت فتاة في الخامسة والعشرين من العمر «رؤى لي» -من كوريا الجنوبية- دفتر تحضير الدروس، خطَّت فيه الكلمات العربية الجديدة التي اضيفت لحصيلتها في اللغة العربية، لقد كانت في صراع مع الوقت، فلديها شهر واحد، حظيت به لتعلم اللغة العربية في المغرب من كلية اللغات الاجنبية في جامعة شوسون الكورية.
رؤى لي (المصدر: الايام 24)
تتعلم تلك الفتاة الكورية لغة الضاد بشغف كبير، فكانت اسعد لحظاتها حين تم اختيارها للسفر الى المغرب للدراسة في احد معاهد الرباط، تقول عن تجربتها لموقع «الايام 24» المغربي انها تعتبر اللغة العربية واحدة من اللغات المهمة في العالم، وتضيف: «اعمل متطوعة في منظمة (الثقافات السماوية والسلام العالمي) الكورية، المعروفة اختصارًا باسم HWPL، وهي منظمة عالمية تسعى لنشر الوعي بثقافة السلام ووقف الحروب والنزاعات عبر العالم».
لقد اسهم اقبال الكوريين على تعلم اللغة العربية في وجود ستة اقسام للغة العربية في خمس جامعات كورية، يعود تاسيسها الى الرعيل الاول من الكوريين الذين تعاملوا مع الشرق الاوسط فترة الستينيات والسبعينيات في القرن الماضي، ومع تزايد كبير في نسبة الاقبال على دراسة اللغة العربية قررت الحكومة الكورية ان تكون اللغة العربية احدى اللغات الثانية التي تمتحن فيها طلاب المرحلة الثانوية، فقد تم في العام الماضي تحديد اللغة العربية بوصفها لغة استراتيجية للتعليم في كوريا، فقررت وزارة التربية والتعليم الكورية اللغة العربية مادة رسمية ضمن امتحان القبول في جامعة «هانكوك» بصفتها لغة اجنبية رسمية ثانية.
وتعد من ابرز اسباب اهتمام الكوريين باللغة العربية زيادة التعاملات التجارية والثقافية مع العالم العربي، اذ تشهد العلاقة بين كوريا الجنوبية والدول العربية تطورًا ملحوظًا في حجم التبادل الثنائي، وتجد منتجات الشركات الكورية العملاقة سوقًا رائجة في الوطن العربي، وهو ما فرض حاجة لدى الشركات الكورية الى مترجمين ومندوبين ومروجين، ويفضل الكثير من الكوريين الجنوبيين دراسة اللغة العربية في البلاد العربية من اجل الاطلاع عن كثب على الثقافة والعادات واللهجات العربية.
اسباب تجارية وثقافية وسياسية تدفع الصينيين الى تعلم اللغة العربية
تقف «اية سعيد» معلمة امام طالبات صغيرات في مدرسة كويتية، تلقي عليهن درسًا في اللغة العربية، يحمل اليوم الاول في الدراسة الكثير من الاستغراب تجاه «اية»، فملامحها الصينية تثير تساؤلات الصغيرات الكثيرة.
ولدت هذه الشابة في السعودية لاب وام صينيين مسلمين، وابت ان تكون علاقتها باللغة العربية علاقة ظروف معيشية، تقول «اية التي عادة ما تتحدث بخفّة ظل عن المواقف الطريفة التي عاشتها في البلدان العربية لكونها صينية تتحدث العربية، انها عشقت لغة الضاد حتى تتمكَّن من حفظ القران الكريم بنطق صحيح للمخارج، وهو ما وفر لها لاحقًا فرصة تعليم الصينيين -خاصة المسلمين منهم- اللغة العربية، وكذلك العمل مترجمة للجالية الصينية.
يتعلم الصينيون على اراضيهم اللغة العربية في الكثير من الاماكن، التي من ابرزها كلية الدراسات العربية في جامعة الدراسات الاجنبية بالعاصمة الصينية بكيـن، اذ وصل عدد الجامعــات التي تدرس اللغة العربية مع تزايد اقبال الصينيين علــى تعلم اللغة العربيــة الى نحــو 60 جامعة، وتتنوع الاسباب التي تدفع الصينيين نحو تعلم اللغة العربية بين اسباب تجارية وثقافية وسياســية، فتضاعف التبادل التجاري بين الدول العربية والصين ساهم في مضاعفة اعداد الطلبة الذين يرغبون في تعلم اللغة العربية.
نساء مسلمات من الصين
كذلك كان الشغف لدى الصينيين بالتعرف الى الثقافة العربية، واسباب سياسية كالاهتمام بالقضية الفلسطينية وراء هذا التعلم، كما توضح «خديجة»، وهي صينية تتعلم اللغة العربية وسميت بهذا الاسم في كلية تعلم اللغة العربية، قائلة: «لقد تعلمت اللغة العربية خلال عام ونصف العام، وسمعت عن الصــراع الفلسطيني- الاســرائيلي، وانا اعتقد ان الشــعب الفلســطيني يستحق الدعم والمساعدة لبناء دولته المستقلة».
ليس فقط لدوافع امنية.. التطبيع يدفع الاسرائيليين الى تعلم العربية
في ابريل (نيسان) الماضي، بثَّت القناة الاسرائيلية الثانية مقطع فيديو لجنود اسرائيليين يتعلّمون اللغة العربية، فقد بدا جنود جيش الاحتلال الاسرائيلي خاصة الذين يعملون في الضفة الغربية بالخضوع لدورات تعليم العربية، فاخذ هؤلاء يستمعون للاغاني العربية، ويتابعون المسلسلات العربية، وحسب المصادر الاسرائيلية فان سبب الاقبال على تعلم العربية هو «فهم المواطنين الفلسطينيين على الحواجز، وتقليل التوترات الناتجة من الفهم الخاطئ».
وبينما كانت في السابق الاعتبارات الامنية والتعرف الى «العدو» دافعًا نحو تعلم اللغة العربية من جهة الاسرائيليين، توسعت الاهداف لتشمل «جانب التلاقح الثقافي الفكري، الذي لن ينعكس ايجابًا على العلاقات الاسرائيلية الفلسطينية فحسب؛ بل سيشمل المنطقة باكملها بما فيها الدول العربية المحيطة باسرائيل، وخاصة تلك التي تجمعها بها علاقات دبلوماسية واقتصادية»، حسب تقرير «معهد واشنطن» لدراسات الشرق الادنى الذي اضاف ان: «اتقان اللغة العربية سيساهم بشكل كبير في توطيد العلاقات، وتسريع وتيرة عملية التطبيع مع دول الجوار، وحتى وان لم يساهم تدريس اللغة العربية في تحقيق السلام بين العرب، واسرائيل في الوقت الحاضر، فعلى الاقل سيساهم في تحقيق التفاهم الذي هو الاساس لاي عملية سلام في المستقبل».
الخبر الاكثر غرابة هو اقدام جامعة اسرائيلية على تعلم اللهجة المصرية استجابة لزيادة الطلب على تعلمها من جهة الاسرائيليين، الذين يعرفون اللهجة المصرية بسبب افلام السينما المصرية التي يتابعونها، وبسبب الاستماع الى الموسيقى التقليدية، مثل اغاني ام كلثوم وعبد الحليم حافظ.
فحسب تقرير موقع «المصدر» المقرب من الاستخبارات الاسرائيلية هناك طلب على تعلم اللغة العربية العامية يتجاوز حدود اللهجة الفلسطينية ويصل الى اللهجة المصرية، ويضيف التقرير: «اصبح الطلب على تعلُّم اللغة العربية المحكية كبيرًا في السنوات الماضية، وما زال ياخذ في الازدياد، لذا ستُفتح في جامعة بار ايلان دورة لتعليم اللهجة المحكية في مصر، الدولة الجارة الواقعة في جنوب اسرائيل بشكل خاص، وليس تعليم اللهجة الفلسطينية».من كوريا الى تركيا الى اسرائيل.. اسباب جديدة تدفع نحو تعلم اللغة العربية!

Scroll to Top