المنافسة-تولّد-الابداع.-وثائقيات-عن-معارك-ريادية-خلّدها-التاريخ

المنافسة تولّد الابداع.. وثائقيات عن معارك ريادية خلّدها التاريخ

اخبار اليوم الصحيفة, المنافسة تولّد الابداع.. اخبار اليوم الصحيفة, المنافسة تولّد الابداع..

– اعلم انه سيكـون منافسا قويا لي يوما من الايام.
– اذن لماذا تتركه؟ لماذا لا تستولي عليه وتستحوذ على شركته وانت قادرٌ على ذلك؟
– الامـر لا يتعلّق به هو، بل يتعلق بي انا.. المنافسـة وقود الابداع، وبدونها لم اكن لاصل الى ما وصلت اليه الان. وجود منافس قوي سيجعلني اجتهد لصناعة منتجات اكثـر ثورية.
هذا الحـوار المقتبس من فيلم “بارانويا” (Paranoia) الذي اُنتج في عام 2013(1)، ويجسد نقاشا بين رجلي اعمال، يعتبر تلخيصا لواحد من اهم مبادئ عالم ريادة الاعمال، خصوصا على مستوى العـاب الكِبـار. التنافسيـة تولّد الابداع (Competition Fuels Innovation)، والابداع هو الطـريق لعمـل انجازات ثـورية انقـلابية تتيح المزيد من التمدد في الاسواق، المزيد من الابتكـار، المزيد من السعي للوصول الى القمة. وفي النهاية، المزيد من الابتكار للبقـاء على هذه القمّة اطول فتـرة ممكنة.
صحيح ان هذه المعادلة قد تنقلب لتصبح تهديدا حقيقيا للشركات الرائدة، خصوصًا اذا كان المنافس شرسا. لكن في المُحصّلة، لولا وجود عنصر المنافسة تحديدا في الحيـاة عموما والسوق خصوصا، لما استدعت الحاجة الى اي ابتكارات ثورية هي التي تُشكّـل عصرنا وحياتنا اليومية الان. المنافسـة هي الاساس الذي نتج عنه صنـاعة الحذاء، والحاسوب، والطائرات، والموضة، والمشـروبات الغازية. بمعنى اخر، نحن نعيش عناصر حياتنا اليومية الحالية بناء على ابتكـارات جاءت اساسا كنتيجة لمنافسـة حامية بين خصوم لِداد في عالم الاعمال الذي لا يرحم.
هنا نستعرض مجموعة نماذج لمفهـوم المنافسـة مستمدة من ملف وثائقي انتجتـه “الجزيرة الوثائقية” بعنـوان “وجهًا لوجه”، يجسد مجموعة من اشهـر الاشخاص والشـركات الذين خلّدهم التاريخ “كفرسي رهـان” في مجالهم، وكيف انتجت هذه المنافسة مجمـوعة من المنتجات تُشكّـل حاليا اساس حيـاتنا العصـرية.
الهيبي في مواجهة العبقري.. مَن يستحوذ على سوق التقنية؟
في (مايو/ايار) من عام 2011، وقبل شهور من رحيل ستيف جوبز عن عالمنا بسبب مرض السرطان، اُعلن عن زيارة طويلة نسبيا قام بها مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس الى ستيف جوبز في منزله. كان الجميع يعرف ان جوبز في طريقه الى الرحيل عن عالمنا قريبا، بمن فيهم غيتس نفسه. كانت هذه الزيارة تبدو هي الوداع الاخير بين الثنـائي الذي غيّـر وجه التكنولوجيا في العالم كله على مدار 35 عاما مضت، والذي كان التحدي بينهما يحمل الكثير من الشراسة من جانب، والاحترام المتبادل من جانب اخر.
في منتصف السبعينيات كان كل من بيل غيتس وستيف جوبز لا يزالان في مرحلة المراهقة، كل منهما كان يبدي هوسا كبيرا بالعاب الفيديو التي كانت ظهرت بشكل متواضع في تلك الفترة. وقتئذ عالم الحاسوب كان مثقلا بالاجهزة الضخمة التي لا يمكن تحمّل كلفتها سوى الشركات الكبرى مثل “اي بي ام” (IBM). في عام 1975 صدر عدد لمجلة شهيـرة وقتئذ تسمى “الالكترونيات الشعبية” (Popular Electronics) وكان غلاف المجلة يشمل صورة لجهـاز “التير” (AlTAIR) الذي كان يعتبـر سلف اجهزة الحواسيب الشخصية في السبعينيات. كان هذا الجهـاز البدائي الضخم هو طلقـة بداية المنافسة الماراثونية بين الخصمين اللدودين.
“كانت المنافسـة المحتدمة هي السبب في النقلة الكبرى التي طوّرت البشرية جمعاء على مدار الثلاثين عاما الماضية في مجال الحواسيب والاجهزة الرقمية المختلفة”
في (ابريل/نيسان) اسس بيل غيتس شركة مايكروسوفت التي كان يُركّز من خلالها -برفقة زميله بول الان- بشكل كامل على تطوير البرمجيات والهيمنة على لغة الحواسيب وتطويرها، وهو ما افرز لغـة البرمجة “Basic” التي جعلت من هذا الجهاز البدائي العمـلاق جهازا ذكيا، وهو ما اعتُبر انجازا ثوريا في تلك الفترة. ومن ثمّ كرّس الشابان وقتهما في تطوير انظمة مستقبلية والتوسع في مجال البرمجة.
في نفس العام بالضبط كان هناك ثنـائي اخر تاثر بجهـاز الالتيـر العملاق البدائي الضخم، ولكن من ناحيـة اخرى مختلفة عن البرمجة، ناحيـة التصميم. مراهقان في الثانوية، هما ستيف جوبز وستيف وزنياك، نظر كلاهما الى جهاز التير فوجدا انه كبير للغاية ويضم عددا كبيرا من الاجهزة والشرائح، وغير عملي وشديد التعقيد والسذاجة ايضا، فقررا ان يتم اختزال كل هذه المكوّنات في حاسوب يعمل عبر لوحة مركزية واحدة مكوّنة من وحدة التغذية والذاكرة ولوحة المفاتيح وكلها متصلة بالشاشة. كان هذا هو ميلاد جهاز “ابل 1” وبداية رحلة التفـاحة الاميـركية في عالم الحوسبة.
رغم بسـاطة البداية لكل من الشركتين فان تصاعد المنافسة في السنوات اللاحقة كان دراميا، بقدوم عقد الثمانينيات والتسعينيات، وبزوغ نجم مايكروسوفت لاطلاق انظمة ويندوز للتشغيل، في الوقت الذي كانت فيه ابل تسير في رحلة ملحمية من الصعود والهبوط المستمر. لكن في النهايـة كانت هذه المنافسـة المحتدمة هي السبب في النقلة الكبرى التي طوّرت البشرية جمعاء على مدار الثلاثين عاما الماضية في مجال الحواسيب والاجهزة الرقمية المختلفة. وكانت هذه المنافسة هي السبب في الابداع الذي وصلت اليه كلا الشركتين -حتى الان- باعتبـارهما قطـبي التقنيـة العالمية على الاطلاق.
صراع ابناء دايسلـر.. صراع الاحذية
“دايسلر” كان اكليشيها للمواطن الالماني في فترة الثلاثينيات من القـرن العشرين. الماني مؤمن بالنازية تحت حكم هتلر، يمارس دوره كمواطن المـاني عادي في دولة الرايخ، لكنه لم يكن عاديا ابدا في مجال عمله، وهو صنـاعة الاحذية في مصنعه الصغير الذي يملكه في احدى المدن الالمـانية، ويساعده في عمـله هذا ابناه “رادولف” و”ادولف”.
كان دايسلر مهووسا بصناعة الاحذية الرياضية، ويقوم بتصميم كل حذاء بدقة متنـاهية، ويستهدف ان تصل احذيته الى اعظم رياضيي العالم. وهو ما حدث فعلا بقدوم اولمبيـاد برلين في عام 1936 الذي استطاع فيه عدد كبير من الرياضيين الفوز عبر ارتدائهم احذية دايسلر المميزة، الامر الذي ساعد في زيادة مبيعـات مصنع “دايسلـر” للاحذية الى عدد هائل من المبيعات. ثم تبدد كل شيء عندما اندلعت الحرب العالمية الثـانية، وهو الامر الذي جعل الاخوين “رادولف” و”ادولف” يقرران تقسيم مصنع ابيهما الى قسمين بسبب خلافات كل منهما حول طريقة الاستمرار على نهج ابيهم.
في اواخر ايام الحرب وقع خلاف عنيف بين الاخوين قائم اصلا على سوء فهم خلّده التاريخ، عندما قرر رادولف ان يتوجه بعائلته الى الملجا الذي يعيش فيه اخوه ادولف ليقضيا معا اخر ايامهما تحت قصف الحلفاء، ليُفـاجا باخيـه يصرخ من الداخل -وهو لا يلاحظ ان رودلف قد وصل-: ها قد عاد الاوغـاد الملاعين(2) مرة اخرى (The dirty bastards are back again!)
على الرغم ان العبارة كان مقصود بها عودة الحلفاء للقصف مرة اخرى فان اخاه اعتبرها موجّهة له، وتم تسجيل هذا الموقف -الطريف اكثر من كونه مؤلما- كواحد من الاسباب التي ادّت الى تقسيم مصنع الاب، حيث استولى رودلف على نصف المصنـع وسمّـاه “رودا” (Ruda) في البداية ثم حوّله الى “بوما” (Puma)، بينمـا افتتح ادولف النصف الخاص به واسمـاه باسم “اديداس” (Adidas).
كانت هذه هي ضربة البداية لرحلة طويلة من اشرس المنافسات بين اثنين من اكبر الماركات التجارية العالمية الرياضية، اديداس وبوما. كان النجـاح حليف كلا الشركتين بسبب كفاءة الاخوين وتشرّبهما مبادئ صنـاعة الاحذية من والدهما دايسلر، مع تعدد مهارات كل منهما في التسويق للاحذية واستخدام افضـل الافكار في جعلها الاحذية الافضل من حيث الامكانيات والمرونة والسرعة. ويمكن القـول ان الخصـومة الحقيقية بين الاخوين كانت سببا في اشعال المزيد من الابداع في كلا الشركتين، ربما استفاد منها العالم الرياضي اقصى استفادة حتى يومنا هذا.
ايرباص لبوينغ: السماء ليست حِكرا لكم
بعد الحرب العالمية الثـانية كانت الولايات المتحدة الاميركية تستحوذ على السمـاء بالكامل، حيث هيمنت 3 شركات اميـركية على سوق المواصلات الجوية تماما، وهي شركات: ماكدونالد دوغلاس، لوكهيـد، والعمـلاقة بوينغ. كانت بوينغ خصّيصًا اشبـه بجوهرة التاج الاميـركي في عالم الطيـران، حيث كانت طائراتها الحربية هي العمود الفقـري في العمليـات الجوية الحربية الاميركية في الحرب العالمية الثانية، وحتى في حرب فيتنام. وكان دخولها سوق الطيـران المدني اكمـالا لمسيـرة الهيمنة المُطلقة لاميـركا على السماء.
في تلك الفتـرة كانت الطائرة بوينغ 707 هي الطائرة الوحيدة في العالم القادرة على اجتياز المُحيط الاطلسي، حتى ان الرئيس الفرنسي شارل ديغـول اضطـر الى ركـوب الطائـرة في زيارته للولايات المتحدة حتى تحفظ وجهه اثناء رحلته الى القوى العظمى الجديدة التي بدات باسطول طائراتها المدنية في غزو العالم برحلاتها، والاستحواذ بشكل كامل على ثورة المواصلات الجويّة.
في المقابل، كانت اوروبا تلملم اطرافها وتعالج جروحها البالغة بعد ان جعلتها الحرب العالمية الثـانية تصل الى الحضيض اقتصاديا واجتماعيا، لكنها ما زالت تمتلك الفولاذ والفحم والارادة السياسية الجماعية في اقتحام الصنـاعات الثقيلة في المجال المدني بعد ارهاق سنوات طويلة من التصنيع العسكري، فبدات واحدة من اكبر الشركات الجمـاعية الاوروبية تظهـر في الافق: شـركة “ايـرباص” (AirBus)، عمـلاق النقـل الجوي الاوروبي الذي جاء لهدف واحد: مواجهـة الهيمنة الاميـركية في سوق النقـل الجوي المدني، فضـلا عن ان المشـروع الصنـاعي العمـلاق اعتبر بداية جيدة للاتحاد الاوروبي كمشروع مشترك بعد الحرب.
“خضعت الشركة لمستوى عالٍ من التطويرات واعادة الهيكلة، وافتتحت مصـانع ضخمة. وتعتبر الان المنافس الابرز وربما الوحيد لشـركة بوينغ الاميـركية التي كانت تسخر منها في يوم من الايام”
جاء مشروع ايرباص ليُظهـر وجها ملحميا اوروبيا مشتركا بشكل كبير، فلكي تستطيع الشركة الاوروبية الناشئة مواجهـة شركة عمـلاقة مثل بوينغ كان من اللازم تقسيم اجزاء تصنيع الطائرة الجديدة لتتولى كل دولة مسؤولية محددة. هناك عمل محدد لكل طرف، ستقوم انجلترا بتصنيع الاجنحة، وهولندا ستقوم بتوفير الذيل، والمانيا جسم الطائرة، وسيكون التجميع الاخيـر في تولوز بفرنسا.
في بداية السبعينيات كانت بوينغ تسخر طوال الوقت من الطائرة ايرباص الجديدة، وتعلن انها لن تنجح. حتى عندما تم اطـلاق الطائرة الايرباص الاولى المتوسطة تحت اسم “A 300″، وتم تحليقهـا في منافسة استعراضية مع الطائرة الكونكـورد (الاميـركية/بريطانية الصنـع)، بدا فيها ضعف الاداء الواضح لطائرة ايرباص، حتى سُمّيت وقتها بـ “البقرة السمينة”.
في السنـوات اللاحقة تحوّلت هذه “البقرة السمينة” الى واحدة من اهم شركات النقـل الجوي المدني على مستوى العالم، ومنافس حقيقي لشركة بوينغ الاميـركية، حيث تنتج حوالي نصف الطائرات النفاثة في العالم. خضعت الشركة لمستوى عالٍ من التطويرات واعادة الهيكلة، وافتتحت مصـانع ضخمة لها في فرنسا واسبانيا والمانيا، ثم تمددت الى الصين. وتعتبر الان هي المنافس الابرز -وربما الوحيد- لشـركة بوينغ الاميـركية التي كانت تسخر منها ضمنيا في يوم من الايام.
سكيــاباريلي وشانيل.. البرغـوث يزاحم الفيـل
السـا سكيباريلي: لم تكن لدي فكـرة جيدة عن طبيعة الموضة في الوقت الذي بدات فيه العمل.
سؤال: بالعودة الى الماضي، كيف يمكنك تفسيـر النجاح الذي حققتِه اذن؟
السا سكيباريلي: لا اعرف، ربما كان التوقيت الجيد، ومعرفة ما تريده النساء وما الذي يحتجنه في ذلك الوقت بالتحديد، وكان مختلفا عما اعتدنا. كان شيئا جديدا.
في العشرينيات وبداية الثلاثينيات من القرن العشرين كان عالم الموضة والاناقة في العالم كله يقع في قبضـة غابرييل شانيل. الفتـاة الفرنسية الرقيقة الحسناء المعـروفة بتصميماتها الثورية في الازياء وتنويعات الموضة ونوعية الاردية التي تصممها، الى جانب كونها معروفة بعلاقاتها العاطفية الملتهبة مع مجموعة من اقطاب الصنـاعة والمال. كانت شانيل هي الموضة، والموضة هي شانيل. وكان ذكـاؤها سببا في تمدد امبـراطوريتها لتشمل ما هو اكبر من الازياء للاكسسوارات والعطـور وكل ما له علاقة بصناعة الاناقة.
باختصـار: كانت شانيل هي “الفيـل” الذي يحكم هذا السوق من حيث العلامة التجارية وجودة المنتجات، ومن الصعب تصوّر ظهـور منافس على المدى القريب. وبافتراض ظهـور هذا المنافس، فمن الضروري ان يكـون فيـلا هو الاخر يمكنه تحدي فيـل الاناقة الراسخ في الاسواق العالمية خصوصا اوروبا واميـركا.
ولكن الذي حدث انه في عقد الثـلاثينيات كان المنافس القوي الذي هزّ عرش شانيل على هيئة سيدة ايطـالية متوسطة الجمال -او يمكن القول انها محدودة الجمال- اسمها السا سكيباريلي. بدات سكيباريلي في مجال الموضة بشكل جريء بطـرح مجموعة من التصميمات الثـورية المذهلة لهذا العصـر لم تكن مسبوقة من قبل. ازياء مختلفة التصميمات والالوان والاشكال، اعتبرت انقلابا كبيـرا في عقد الثلاثينيات الذي كانت النسـاء تمِلن فيه الى الاردية التي تجسّد خليطا بين الزي المُريح والمُحافظ واللافت ايضا.
سكيبـاريلي على اليمين، كوكو شانيل على اليسار (مواقع التواصل)
على مدار هذا العقد نشب صـراع هائل بين شانيل بعلامتها التجارية الكبيرة واضوائها الساطعة من ناحية، وبين سكيباريلي بتصميماتها الثورية المدهشة التي تجذب الانظار بشكل سريع رغم عدم وجود علامة تجارية قوية تدعم منتجاتها. استطاعت تصميمات سكيباريلي ان تسحب البساط بشكل مخيف من “الفيل” الاكبر في عالم الموضة، في اميركا واوروبا، الامر الذي جعل شانيل تسعى للدفاع عن امبراطوريتها بدورها بالمزيد من الابداع في منتجاتها بعد ان استشعرت خطر البرغوث الجديد الذي يهدد مركزها.
نتج عن هذا الصـراع مشاحنات شخصية ومهنية بين المراتين كناتج فرعي، اما الناتج الاساسي من هذه المنافسة كان ثـورة في عالم التصميمات والاناقة في فترة الثلاثينيات، مهّدت للمزيد من التطور في العقود اللاحقة في كافة تصنيفات صناعة الموضة بكافة تفاصيلها.
بيبسي وكوكاكولا.. حرب المشروبات الغازية
“اعتقد ان حرب الكـولا مفيدة لكل من الشركتين. احيانا، يحتاج المـرء الى عدو، بل في بعض الاوقات ربما من المؤسف ان يربح احدهما هذه الحرب. حرب الكولا مسلّية جدا!”
على مدار اكثر من 100 عام تقريبا -قرن كامل- كانا كفـرسي رهـان يتنافسـان بلا هوادة للاستحواذ على كل اسواق العالم، صغيـرة كانت او كبيرة. في منطقة ثرية او منطقة فقيـرة، في بلاد سكّـانها المليـارات او بلدات صغيـرة يقطنها بضع مئات من الناس. حرب بدات بالكـولا، ثم تطوّرت لتشمـل اسواق كبـرى في مجال الاغذية والمشـروبات في سعـي محموم لا ينقطع للاستحواذ على اكبر قدر من الاسواق، وفي نفس الوقت محاولة الاستحواذ على الاسواق التي كسبها المنافس!
اليـوم، يصل هذا الصـراع الى ذروته بين شـركتين تُقدّر قيمة كل منهما بحوالي 20 مليـار يورو اميـركي، وهي قيمة اكبر من قيمة الاحتياطي النقدي في البنوك المركزية لبعض الدول، ويعمل في كل منهما اكثر من 100 الف موظف حول العالم في كل قارّاته الماهولة بكل اللغـات. بيبسي العمـلاق العالمي الشـره للاستحواذ على كل جديد في عالم الاغذية والمشـروبات، في مواجهـة كوكاكولا التي يُستهلك مشـروبها حول العالم اكثر من مليـار مرّة كل يوم.
بدا كل شيء في الجنـوب الاميـركي في نهاية القـرن التاسع عشر، عندما توصّل الدكتور جون بمبـرتون الى الوصفة السرية الاساسية لمشروب الكوكاكولا، ثم بعد ثمـاني سنوات جاء الى الوجود الوصفة الاولى للبيبسي على يد الصيدلي كاليب برادهام. كانت هذه هي الشـرارة الصغيرة التي اشعلت حربا طويلة من المنافسة الضـروس بين الشركتين، تطوّرت على مدار عقـود طويلة مُورس فيهـا كل تكتيكـات التسويق النشط والابتكـار والتطوير في المنتج والتمدد لاستيعاب اسواق خارجية، والتوسّع في الانتاج بتدشين مصـانع عمـلاقة تصنّع عددا هائلا من المنتجات يوميا.
في النهاية، تختلف دوافع المنافسـة واسبابها ومنطلقـاتها، ما بين طموحات شخصية او طموحات اممية او حتى مشاكل عائلية، لكن نتائج هذه المنافسة تظل واحدة: المزيد من العمل والتجديد والابتكار والقدرة على ولوج مستويات جديدة من التطوير لم يكن متصورا الوصول اليها فى حالة الثبـات والاستقرار الطويل.المنافسة تولّد الابداع.. وثائقيات عن معارك ريادية خلّدها التاريخ

Scroll to Top