اخبار اليوم الصحيفة, عشق وهيام.. الحب اخبار اليوم الصحيفة, عشق وهيام.. الحب
“والشفاعة للعشاق فيما يجوز من الوصال والتلاقي سُنةٌ ماضية، وسعيٌ مشكورٌ”
(ابن القيم – روضة المحبين)
قيس وليلى، جميل وبثينة، قيس بن ذريح ولبنى، توبة وليلى الاخيلية، ابن زيدون وولادة بنت المستكفي، ابو العتاهية وعتبة.. هذه بعض الاسماء التي حفظت دواوين العرب هيامها بالمحبوب وولعها بذكره وتخليده في اشعارها. وقد بلغ امر الحب والمحبة بالعرب مبلغا عظيما حتى الّفوا في المحبة والاُلفة والوداد مؤلفات مستقلة، وتناولوا هذا الشعور الانساني دون غضاضة.
وكانوا ينظرون الى امر المشاعر على كونها مما فطر الله العباد عليه، حتى ان بعض الفقهاء والادباء يستفتحون كتبهم بحمد الله على الحب والظفر بالمحبوب، كما قال ابن ابي حجلة في مطلع “ديوان الصبابة”: “الحمد لله الذي جعل للعاشقين باحكام الغرام رضا، وحبب اليهم الموت في حب من يهوونه”(1)، وقال ابن القيم في مقدمة “روضة المحبين”: “الحمد لله الذي جعل المحبة الى الظفر بالمحبوب سبيلا، ونصب طاعته والخضوع له على صدق المحبة دليلا، وحرك بها النفوس الى انواع الكمالات ايثارا لطلبها وتحصيلا”(2).
وقد حفظت دواوين الشعر افصاح المحبين بمحابهم وذكر احوالهم، واحوال من يحبون اما باسمه او وسمه.
– جميل بثينة: وما ذكرتك النفس يا بثين مرة *** من الدهر الا كادت النفس تتلف
– كُثير عزة: خليليَّ هذا ربعُ عُزَّة َفاعقلا قلوصيكُما ثمّ ابكيا حيثُ حلَّتِ
– قيس ليلى: واما من هوى ليلى وتركي زيارتها فاني لا اتوب
– قيس لبنى: عند قيس من حب لبنى ولبنى داء قيس والحب صعب شديد
– ليلى الاخيلية وحبها لتوبة: فَذَكَرْنَهُ ولا يَـبْـعَـثُ الاَحْزانَ مِثْلُ التّذَكُّرِ
– ابن زيدون وولادة ابن المستكفي: بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقا اليكم ولا جفّت ماقينا
وكان من عادة العرب اذا اَلِفوا شيئا وعلق في قلوبهم، او اشتد هيامهم به وعَظُم ميلهم اليه ان يُكثروا من اتخاذ الاسماء له، ويعددوا اسماءه بتعدد اوصافه. وبتامل المعنى اللغوي(3) لكلمة [حُب] نجد ان العرب قد عَرَّفُوه بانه ضد للبغض ومرادف للمودة. بيد انهم لم يقتصروا على هذا التعريف الصغير للكلمة، بل وسّعوا واستفاضوا في استخدامات الحب حتى تعددت مرادفات هذه الكلمة (حب) لشدة تعلق قلوبهم بها، وتكرار ورودها على خاطرهم، وبلغت مرادفاتها قريبا من ستين اسما.
“المحبة، الهوى، الصبوة، الصبابة، الشغف، الوجد، الكَلَف، التيمم، العشق، الجَوى، الشوق، الشجن، الحنين، اللوعة، الخُلة، الغرام، الهيام، الوله”(4). كل هذه المفردات اتخذها العرب تعريفا للحب ومرادفاته، وبيانا لمعناه. وقد تبعهم فقهاء الاسلام وعلماء الدين، فالّفوا في الحب والمحبة والغرام والعشق والوله، واوردوا لذلك القصص وضربوا الامثال وشحنوا كتب اللغة التفسير وشروحات الحديث النبوي بهذه الحكايات، بل الّفوا مؤلفات مستقلة في الحب والمحبة بكافة اشكالها.
فكيف كان الحب في عهد رسول الله وصحابته الكرام، وكيف تعاملوا معه؟ وما الكتب التي الّفها علماء الاسلام عن الحب؟ وما زوايا النظر التي نظروا بها الى الحب؟ وكيف عالجت كتب التراث الاسلامي هذا الموضوع؟ وما اشهر المؤلفات فيه؟ وهل هو حِكر على كلام الادباء والشعراء ام سطّر مداده علماء الشريعة والاسلام؟
نونية ابن زيدون التي قالها في فراقه ولادة بنت المستكفي
مشاهد من الحب في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه
“الحبُّ اوَّلُه هَزْلٌ واخِرُهُ جِدٌّ”
(ابن حزم الاندلسي)
كانت عاتكة بنت زيد زوجة لعبد الله بن ابي بكر الصديق رضي الله عنه، وكانت قد غلبته على رايه وشغلته عن سوقه. فامره ابو بكر بطلاقها ففعل، فحزن لفراقها فوقف لابيه ابي بكر الصديق وهو ذاهب الى الصلاة فبكى وانشا يقول:
ولم ار مثلي طلق اليوم مثلها *** ولا مثلها في غير جرم
يطلق لها خلق جزل وحلم ومنصب *** وخلق سوي في الحياة ومصدق
فرقَّ له ابو بكر -رضي الله عنه- وامره بمراجعتها، فلما مات قالت ترثيه:
اليت لا تنفك عيني سخينة *** عليك ولا ينفك جلدي اغرا
فلله عينا من راى مثله فتى *** اعف وامضى في الهياج واصبرا(5)
ذكر ابن القيم هذه القصة في فصّل سماه “في رحمة المحبين والشفاعة لهم الى احبابهم في الوصال الذي يبيحه الدين”. والقصة فيها عشق رجل لامراة وشدة هيامه بها، حتى انه بعد طلاقه اياها اشتد عليه فراقها، فانشد لابيه باكيا ومبيّنا لمنزلتها منه وحبه لها، حتى رَقّ له ابوه وحَنّ عليه فامره بارجاعها مرة اخرى وان شغلته عن صناعته وحياته، وابوه هو ابو بكر الصديق خليفة رسول الله وصاحبه، ومع ذلك لم يجد حرجا في ان يفهم ما بولده من الوَجد والشوق وان يَردّ اليه روحه بحلال الوصل ورجوعه الى مَن يحب.
وقد اورد ابن القيم هذه القصة(6) ثم اورد قصصا مشابهة وقعت لخلفاء النبي الاربعة ابي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم جميعا، مما يبيّن ان هذه العاطفة ليست مما ينتقص من اقدار الناس في عهد الصحابة الاوائل، ثم علّق ابن القيم بعد ايراده عددا من القصص التي حدثت في عهد الخلفاء: “وقد جاء عن غير واحد من الخلفاء الراشدين ومن بعدهم انهم شفعوا هذه الشفاعة”7 اي شفعوا للمحبين بين يدي احبابهم.
من قصيدة بانت سعاد للصحابي كعب بن زهير ويروي اهل السير سماع النبي لها وفي مطلعها الغزل العفيف (مواقع التواصل)
وقد اورد اهل الاثار وكتب الحديث تصريح النبي -صلى الله عليه وسلم- بحبه لعائشة وخديجة -رضي الله عنهما- امام الناس(8)، فلما سال عمرو بن العاص النبيَّ مَن احب الناس اليك؟ قال: “عائشة”، وقال لعائشة وهي تعاتبه في ذكره خديجة: “اني رُزقت حبها”.
وعلى هذا المنوال نسج علماء الاسلام، فلم يجدوا حرجا من الحديث في الحب وعن الحب بطيب الكلام ورقيق الاخبار. يقول الامام الحافظ مغلطاي: “وقد اجمع العلماء: ان الحب ليس بمستنكر في التنزيل، ولا بمحظور في الشرع!”(9)، وقد بوّب الامام البخاري بابا في صحيحه سماه “باب شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- في زوج بريرة”
واورد حديثا عن ابن عباس: “ان زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث كاني انظر اليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس: “يا عباس، الا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا”، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لو راجعته؟! قالت: يا رسول الله تامرني؟! قال: انما انا اشفع، قالت: لا حاجة لي فيه”(10).
قال الامام ابن بطال في تعليقه على الحديث: “لا حرج على مسلم في هوى امراة مسلمة وحبه لها ظهر ذلك او خفي”(11)، وقال الامام ابن القيم رحمه الله: “فهذه شفاعةٌ من سيد الشفعاء من محب الى محبوبه، وهي من افضل الشفاعات واعظمها اجرا عند الله، فهي تتضمن اجتماع محبوبين على ما يحبه الله ورسوله، ولهذا كان احب ما الى ابليس وجنوده التفريق بين هذين”(12).
وفي الحديث صورة عجيبة من صور العشق، رجل يسير خلف امراة كانت زوجه ثم اصبحت اجنبية عنه، وهو يبكي وراءها بكاء حقيقيا، تسيل دموعه على لحيته! حتى اثار هذا المنظر المؤثر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: “اَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا”، والغريب انه لم يعدّ هذا الفعل منه فعلا منكرا، ما دام انه لم يمسها بسوء، ولا تعرّض لها باذى(13).
وفي حديث خنساء بنت خذام ان رجلا على عهد رسول الله زوّج ابنة له وكانت تكرهه وكانت تحب عمّ بنيها، وكان خطبها قبل ذلك عمُّ بنيها، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فاهدر النبي صلى الله عليه وسلم نكاحها وزوّجها عمّ بنيها(14).
لا يعرف الشوق الا من يكابده ولا الصبابة الا من يعانيها
لا يسهر الليل الا من به الم لا تحرق النار الا رجل واطيها
لا تسلكن طريقا لست تعرفها بلا دليل فتغوى في نواحيها
الحب ليس حِكرًا على كتب الادباء في التراث الاسلامي
قد يُظن ان احتفاء المؤلفات التراثية التي احتفت بشان الحب وذكرت القصص والحكايات ونقلت اشعار العرب فيه انما هي كُتب الادب فحسب كـ “الاغاني” للاصفهاني او “العقد الفريد” لابن عبد ربه. لكن بالعودة الى كتب التراث يتجلى ان موضوع المحبة ومشتقاته لم يكن تابوها سِريًّا في تاريخ التاليف في الاسلام، ولم يكن مُحرما على الناس الكلام فيه، بل تناولته كُتب الفقهاء وشُرّاح دواوين السُّنة النبوية والعلماء كما تناولته كتب الادباء.
والّف فيه فقهاء كبار وائمة من ارباب المذاهب مؤلفات مستقلة خاصة بالحب وحسب، وذكروا فيها مبداه ومنشاه واقواه واضعفه، والاحوال الداعية اليه، والاحوال المنفرة عنه، وصفات المحبوب واصناف المحبوبين، وما اتصل بالحب من الحزن والنوال والوجد والغيرة وغير ذلك الكثير.
وقد عدّد المؤرخ الشهيرة ابو الحسن المسعودي عددا من الذين تناولوا امر الحب في اول ثلاثمئة عام من تاريخ الاسلام, فحصر اسماء عدد كبير من رجال الفكر في المجتمع المسلم، منهم المسلم والمجوسي والمتكلم والفيلسوف والمتكلم والفقيه والاديب(15)، مما يبين ان هذه الظاهرة اشترك فيها الناس في المجتمع المسلم مهما كانت توجهاتهم وميولهم مختلفة!
وقد احتفت كتب التاريخ والسير والتراجم بقصص الحب وذكرت اخبار مَن عشق في تراجم (سيرة تعريفية) مَن ترجمت لهم وكثير منهم علماء او صالحون او زهاد. وحتى الكتب التي لم تُصنّف في الحب بالاساس تعرضت له في مواطن كثيرة، مثل كتب التفسير، وشروحات الحديث، وكثير من كتب الصوفية والتي ربط الكثير منها الحب بالحب الالهي، وكذلك الكتب التي عالجت قضايا او مشكلات اجتماعية خاصة مثل كتاب “الداء والدواء” لابن القيم في معالجته لمسالة العشق والتعلق، وكتاب “ذم الهوى” لابن الجوزي، و”اعتلال القلوب” للخرائطي، و”الاحياء” للغزالي.
لم يصلنا الكثير من الكتب القديمة المُفردة في التاليف للحب خصيصا، ولعل اول ما بلغنا من اسماء هذه الرسائل رسالة للاديب المعتزلي الشهير الجاحظ وعنوانها “في العشق والنساء”، وكذلك رسالة اخرى للكندي بعنوان “الزهرة”.
قلْبي يُحدّثُني بانّكَ مُتلِفي ***
روحي فداكَ عرفتَ امْ لمْ تعرفِ
لم اقضِ حقَّ هَوَاكَ ان كُنتُ الذي ***
لم اقضِ فيهِ اسىً، ومِثلي مَن يَفي
ما لي سِوى روحي، وباذِلُ نفسِهِ ***
في حبِّ منْ يهواهُ ليسَ بمسرفِ
(ابن الفارض)
الفقهاء واشهر مؤلفاتهم في الحب
وانّي لاهوى النَّوْمَ في غَيْرِ حِينِهِ لَعَلَّ لِقَاءً في المَنَامِ يَكُونُ
تُحَدِّثُني الاحلامُ انِّي اراكم فيا لَيْتَ احْلاَمَ المَنَامِ يَقِينُ
شهدت باني لم احُل عن مَوَدَّة ٍوانّي بِكُمْ لو تَعْلَمِينَ ضَنِينُ
وانَّ فؤادي لا يلين الى هوًى سواكِ وانْ قالوا بَلى سيلينُ
(مجنون لبنى)
لم ينظر علماء الشريعة الى المحبة العفيفة على كونها شيئا ينبغي ان يُنزه عنه الرجال، بل نظروا اليها على انها فطرة انسانية، وشيء جِبلي للبشر، تُهذب ولا تُعاند، ولا حرج فيها ما ظلت حيز العفاف ولم تتحول الى معصية، او تذهبنّ بدين الرجل ودنياه كانواع المَحاب المَرَضية.
من اشهر الكتب التي الفها فقهاء الاسلام واقتصروا فيها على الحب وما اتصل به
كتاب “طوق الحمامة في الالفة والاُلاف” للامام ابن حزم الاندلسي
ومؤلفه هو الامام ابو محمد علي بن حزم الظاهري الاندلسي، وهو امام كبير في الفقه الظاهري نشا في تنعم ورفاهية، ورُزق ذكاء مفرطا، وكان والده من كبراء اهل قرطبة(16). واما الكتاب فقد جمع مجموعة من اخبار واشعار وقصص المحبين، وتناول عاطفة الحب بشيء من التحليل النفسي من خلال الحكايات البشرية التي بلغته. فيعالج ابن حزم في اسلوب قصصي هذه العاطفة من منظور انساني تحليلي.
والكتاب يُعد عملا فريدا في بابه(17). وقد جعل الامام ابن حزم الكتاب في ثلاثين بابا، وفيه ابواب طريفة مثل “باب من احب من اول نظرة”، “باب من احب في المنام”. ولعل هذا الكتاب هو الكتاب الاول الذي بلغنا كاملا مستقلا في المحبة والحب، وقد اكتسب شهرة واسعة في الافاق، وحظي الكتاب بعناية شديدة في الادب العربي والغربي على حد سواء لا سيما الادب الاسباني، حتى تُرجم الكتاب الى الانكليزية والروسية والاسبانية والفرنسية والالمانية.
وكتب الفيلسوف الاسباني الكبير اورتيجا اي جاسيت (1993 – 1995) مقدمة فيها دراسة موسعة وشاملة عن “طوق الحمامة” صدّر بها النسخة الاسبانية(18). وقد عقد الدكتور الطاهر مكي فصلا في كتابه “دراسات عن ابن حزم وكتابه طوق الحمامة” بعنوان “فصل: تاثير طوق الحمامة في الادب الاسباني” وبيّن فيه اثر كتاب “طوق الحمامة” في الادب الاسباني(19). رابط لتحميل الكتاب.
كتاب “روضة المحبين ونزهة المشتاقين” لابن قيم الجوزية
والكتاب بلغت شهرته الافاق، وابن القيم فقيه حنبلي من علماء القرن الثامن الهجري، درس على يد ابن تيمية وله مؤلفات عديدة في الفقه والعقيدة والتفسير والتصوف. والكتاب من احسن الكتب التي اُلّفت في موضوع الحب، وقد تناول ابن القيم فيه كل انواع الحب، ولعله اكثر الكتب المؤلفة فائدة من جهة جمع الاحاديث والاثار والاخبار في هذا الباب، واحسنها انتقاء لاخبار المحبين والعشاق.
وقد جعله المؤلف في تسعة وعشرين بابا، وقدم لها بمقدمة جيدة ذكر فيها الغرض من تاليف الكتاب وهو الوصال بين الهوى والعقل، وذكر منهجه، وسرد ابوابه، قال ابن القيم رحمه الله: “هذا الكتاب يصلح لسائر طبقات الناس، فانه يصلح عونا على الدين وعلى الدنيا، ومرقاة للذة العاجلة ولذة العقبى، وفيه من ذكر اقسام المحبة وحكامها ومتعلقاتها، وصحيحها وفاسدها، وافاتها وغوائلها، وسبابها وموانعها، وما يناسب ذلك من نكت تفسيرية، واحاديث نبوية، ومسائل فقهية، واثار سلفية، وشواهد شعرية، ووقائع كونية، ما يكون ممتعا لقارئه، مروحا للناظر فيه”(20). رابط لتحميل الكتاب
“ديوان الصبابة” لابن ابي حجلة
وابن ابي حجلة فقيه مغربي حنبلي، وكان معاصرا لابن القيم، وقد بدا كتابه بمقدمة مسجوعة يذكر فيها اخبار من قتلهم الهوى وتركهم كهشيم محتظر، وجعله على مقدمة وثلاثين بابا وخاتمة. قال ابن ابي حجلة: “كتاب حوى اخبار من قتل الهوى وسار بهم في الحب كل مذهب، وتركهم الهوى كهشيم المحتظر واصبحوا من علة الجوى على قسمين فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ما بين قتيل وشهيد وشقي وسعيد”(21). رابط التحميل الكتاب.
وقد نقل فيه عمن سبقوه ممن تكلموا في المحبة كابن حزم في “طوق الحمامة”. وقد اكثر من ذكر ابيات شعرية رقيقة وفيها نفائس عديدة.
يقول اناس لو نعت لنا الهوى *** والله ما ادري لهم كيف انعت
فليس لشيء منه حد احده *** وليس لشيء منه وقت مؤقت
ما يعلم الشوق الا من يكابده *** ولا الصبابة الا من يعانيها
كتاب “تزيين الاسواق في اخبار العشاق” لداود بن عمر الانطاكي
وداود الانطاكي عالم بالطب والادب، كان ضريرا، انتهت اليه رياسة الاطباء في زمانه. واما كتابه فهو كتاب كبير جعله من مقدمة ثم ذكر المحبين لرب العالمين ثم ثنى الكلام في احوال عشاق الجواري والكواعب الاتراب وجعل فصلا في ذكر عشاق الغلمان! واتم كتابه بتتمات في معانٍ للحب والجمال يفتقر اليها العاشقون. رابط لتحميل الكتاب.
كتاب “نشوة السكران من صبهاء تذكار الغزلان” للسيد محمد صديق خان
ومؤلفه هو الشيخ محمد صديق خان من علماء الهند الكبار، وله عشرات الكتب في الحديث والتفسير والاعتقاد، وكتاب “نشوة السكران” كتاب لطيف، وذكر مؤلفه انه اختصر فيه كتاب “ديوان الصبابة” وكتاب “تزين الاسواق” وكذلك كتاب “سبحة المرجان”. وقد جعل كتابه “نشوة السكران” في مقدمة بداها بقوله: “نحمد من زين رياض الوجوه بنرجس اللحاظ وورد الخدود، واثمر اغصان القدود برمان النهود”، ثم جعله على فصول ثم خاتمة. وفي الكتاب ابيات وصف رائقة للمحبوب وفيها معانٍ لطيفة للغاية فتدبرها.رابط لتحميل الكتاب.
ان العيون التي في طرفها حور.. قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
ومن الجدير بالذكر ان فقهاء الاسلام حينما الّفوا في هذه الابواب كان لهم اغراض متعددة، مثل الاغراض الادبية او اغراض في كشف النقاب عن العاطفة الانسانية او من باب ذكر القصص والحكايات والمُلح. وقد اكثروا من ذكر عقوبة المعاصي في ثنايا هذه الكتب وفضل العفة والتعفف وشؤوم المعصية كما ختم ابن القيم كتابه “روضة المحبين” بفصول سماها:
“فيمن ترك محبوبه حراما، فبدل له حلالا او اعاضه الله خيرا منه” و”فيمن اثر عاجل العقوبة والالام على لذة الوصال الحرام” و”في ذم الهوى وما في مخالفته من نيل المنى”.
وكما تبين فان الحب كان موجودا في عصر الصحابة الكرام والعصور التي تلته، ولم يجدوا غضاضة في التعامل معه، ولم ينظروا اليه بعين الشزر بل بعين الشفقة على اهله، وسعى النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة للمحبين بالزواج، والّف فقهاء الاسلام فيه مؤلفات مستلقة، وذكروا مكانته في الشرع والدين والدنيا والحِس، وذكروا من قصص المحبين وما كان من اخبارهم, فلماذا اندثرت تلك المفاهيم عن الحب في عصرنا؟عشق وهيام.. الحب بعيون فقهاء الاسلام