لماذا-يكذب-السياسيون-دائمًا؟-ولماذا-تصدقهم-الجماهير-دائمًا؟

لماذا يكذب السياسيون دائمًا؟ ولماذا تصدقهم الجماهير دائمًا؟

اخبار اليوم الصحيفة, لماذا يكذب السياسيون اخبار اليوم الصحيفة, لماذا يكذب السياسيون

القضية لم تعد هل يكذب الساسة ام لا، فتلك قضية تم تجاوزها منذ زمن، فان كان من حقيقة لابد ان نعلمها جميعًا فهي ان كل السياسيين يمارسون الكذب بنسب واسباب متفاوتة، وان اغلب الجماهير تميل لتصديقهم – مهما بلغت ثقافتهم – الامر الذي دفع الباحثين الى السعي خلف الاسباب والدوافع التي تجعل السياسيين لا يتوقفون عن الكذب، بينما لا تتوقف الجماهير عن التصديق، نرصد هنا 7 اسباب
بعضها تتعلق بما يدفع السياسين نحو الكذب، بينما يتعلق البعض الاخر بما يجعل الجماهير دومًا وعلى طول الخط تميل لتصديق كذب السياسيين.
1- معظم السياسيين نرجسيون
طبقًا لجيم تايلور، المحاضر في جامعة سان فرانسيسكو، فانه ورغم ندرة الابحاث التي تُجرى على السياسيين فانه ليس من الصعب ان نستنتج ان اغلبهم من النرجسيين المتغطرسين الذين يحملون اعتدادًا مفرطًا بالذات وشعورًا مبالغًا فيه بالاستحقاق، لذا فانهم من ناحية يعتقدون انهم دائمًا على حق حتى وان كذبوا، ومن ناحية اخرى فانهم يرون انفسهم دومًا اكثر ذكاء ويرون حكاياتهم اكثر حبكة ومدعاة للتصديق من قبل الجماهير الاقل ذكاء.
المثال الابرز الذي قدمه تايلور على اطروحته هو ما لاحظه جون ادواردز، السناتور والمرشح السابق لمنصب نائب الرئيس الامريكي في تجربته التي جاء فيها: “ان التمحور حول الذات والنرجسية والانانية تجعلنا نعتقد دائمًا اننا قادرون على فعل ما نريد”.
2- نشر الخوف والحشد ضد الخصوم
جميع السياسيين يعلمون بوضوح ان راسمالهم في البقاء هو الخوف، فكلما كانت الجماهير تشعر دائمًا بان هناك ما يتهددها كلما كانت مستعدة اكثر لتصديق اي شيء، ويلجا السياسيون الى الكذب وترويج انجازات وهمية او مبالغ فيها للتغطية دومًا على اخفاقاتهم.
فرانكلين روزفلت، على سبيل المثال، كذب على الشعب الامريكي بشان مهاجمة قوارب يو(U-boats)
الالمانية المدمرة جرير (USS Greer) في عام 1940، لحشد الشعب للحرب ضد هتلر، كما تعد الاكاذيب التي روجها بوش الابن بشان مسوغات حربه على العراق من اشهر اكاذيب الساسة في التاريخ.
3- الخوف من ردود افعال الجماهير والرغبة في الحفاظ على تاييدهم
قد يلجا الساسة الى الكذب على الشعوب بشان بعض الخطوات السياسية التي قد لا تكون مقبولة جماهيريًّا كصناعة علاقات مع دولة تصنفها الجماهير على انها عدوة او التغاضي عن اعمال تنتهك السيادة الوطنية، الامر يعرف في العلوم السياسية بـ”استراتيجية التستر”، وابرز امثلتها اقدام الزعماء اليابانيين على
منح الاذن للبحرية الامريكية ان ترسو سفنها المسلحة نوويًّا في الموانئ اليابانية، وهو شرط لتنفيذ عمليات استراتيجية الردع الامريكية، ولكنهم ادركوا ان هذا القرار اذا اُعلِن للجمهور فانه سيثير الكثير من الجدل في بلد مناهض للاسلحة النووية؛ بحيث انه قد يتعين عليهم التراجع عنه.
وهكذا، وعلى مدى نصف قرن فانهم ظلوا ينفون الاتفاق، وفي 11 مارس/اذار 2010 فقط، استطاعت الحكومة ان تقر نهائيًّا ان الادارات السابقة قد كذبت على الجمهور الياباني لعقود بشان وجود اسلحة ذرية على ارضهم.
مثال اخر يتعلق بسلوك الولايات المتحدة ابان ازمة الصواريخ الكوبية؛ حيث نفى الرئيس جون كينيدي انه وافق على سحب الصواريخ النووية الامريكية من تركيا في مقابل موافقة السوفييت على سحب الصواريخ من كوبا، وكان كينيدي في واقع الامر قد قام بهذه المقايضة، لكنه حفظها سرًّا، لانه كان يعرف انها لن تحظى بشعبية لدى الناخبين في الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الاطلسي.
وعندما دَمّرت صواريخ كروز الامريكية معسكر تدريب لتنظيم القاعدة يوم 17 ديسمبر/كانون الاول 2009، اسرع الرئيس اليمني المخلوع، علي عبد الله صالح، لتحمل المسؤولية عن الضربات، وكانت هذه كذبة، لان الهجمات قد امر بها الرئيس باراك اوباما، ونفذتها الولايات المتحدة.
مثال اخير حدث مؤخرًا حينما قامت طائرة اسرائيلية بدون طيار باستهداف مسلحين داخل الاراضي المصرية في اغسطس الماضي؛، حيث سارعت القوات المسلحة المصرية الى نفى الواقعة برغم تاكيد الصحف الاسرائيلية والعالمية لحدوثها.
4- خلق الاسطورة القومية وتحقيق الالتفاف حول الحاكم
تضخيم الايديولوجيا التي يتبناها الحاكم والدولة وتقزيم كل ما سواها، الامر قد لا يقتصر على الدين او الايديولوجيا بل على امور غير ذلك كالجنس والقومية ايضًا، فهناك قوميات ابيدت بكاملها فقط لانهم بشر من الدرجة الثانية، ربما تكون اكثر اقتناعًا حين تفكر بشان الحرب العالمية الثانية حين اقتنع الالمان في عهد هتلر بفكرة انهم جنس متفوق على كل البشر، وخاضوا حروبًا دموية ودفعوا اثمانّا باهظة لعقود بسبب هذه القناعة المتهافتة.
5- السياسيون يثقون في سيطرة اتباعهم على الجماهير
يؤمن السياسي ان الجماهير تعيش معًا في غرفة مغلقة، تشاهد جهازًا يتحكم فيما يبثه، وصحيفة يتحكم فيما تكتبه، ومواقع وشبكات تبث اكاذيبهم باستمرار، صوت الحقيقة سيظل ضعيفًا وسط ركام هذا الزيف، في الوقت الذى تنكشف فيه الحقيقة تقود القضية قد انتهت والجماهير قد نسيت الكذبة او على الاقل “تناستها”.
6- الناس لا تريد ان تسمع الحقيقة
فالحقيقة دائمًا متعبة ومكلفة، والناس لا تريد ان تستمع للحقائق التي تهدد وجودهم، وتريد ان تصدق ان هناك خطرًا خارجيًّا، وان حكومتهم تتولى حمايتهم منه اسهل بكثير من ان تصدق ان حكومتهم نفسها خطر عليهم، لانه ساعتها لن يكون هناك بد من ان تفعل شيئًا، ومن السهل ان تصدق سياسيًّا يعدك بالجنة على الارض بدلاً من ان تصدق اخر يطالبك بالعمل والشقاء والتحمل والصبر.
يقول السياسيون انه من الافضل بالتاكيد ان نقول للناس ما يجعلهم يشعرون بالراحة فما الذي يستفيده الساسة من ترويج الحقائق السيئة (وتقليل احتمال الحصول على اصوات الناس)، مع امكانية ترويج حكايات ذات نهايات سعيدة ووعود مغرقة في الامل والتفاؤل؟
7-التحيزات المسبقة وسحر الايديولوجيا
يبدو بوضوح خطا ما؛ حيث يعتقد الجميع عن انفسهم انهم يدققون المعلومات، فالحقيقة غالبًا غير ذلك، فنحن في الغالب اسرى لتحيزات معرفية ونماذج تفسيرية يتم تلقيننا اياها دون ان نشعر.
اثبت دانيال كانيمان وغيره ان العقل البشري يشارك في العديد من الحيل المعرفية لمساعدة الناس على ان يحيوا بشكل اكثر استقرارًا، والحد من الارتباك والقلق، والحفاظ على حياة بسيطة ومتماسكة، وتؤكد الدراسات دور
التحيز الذي يدفع الناس الى البحث عن المعلومات التي تدعم الافكار المسبقة لديهم والى استبعاد المعلومات التي قد تشكل صدمة لافكارهم التقليدية.
يكفيك ان تصنع للناس شيطانهم، واتركهم ينسبون اليه كل شيء، حجم الاساطير والاخبار الكاذبة التي صدقها الامريكيون حول بن لادن والقاعدة اكبر من ان تحصى، لدرجة ان بعضهم كان بامكانه ان يصدق ان بن لادن ربما يكون سببًا في تعطل سيارته وتاخره عن العمل.
بعد احداث 11 سبتمبر كان الجمهور الامريكي مُهيّاً لتقبل اي شيء، فاسطورة النووي العراقي صارت اكثر قابلية للتصديق، وكثير من الامريكيين الان يعتقدون ان حكوماتهم قد خدعتهم بشان مسوغات الحرب على العراق.
8- الناس تفترض ان الكذب يتلاشى تلقائيًّا
كلما سمع الناس المعلومة بشكل مكثف، كلما زاد تصديقهم لها بشكل لا ارادي، الناس يعتقدون بالطبع ان المتداول والسائد هو الحقيقي والا لما اصبح مُتدَاولاً وسائدًا، الحقيقة في الغالب غير ذلك؛ فالاخبار الكاذبة والشائعات اكثر انتشارًا واكثر عرضة للتردد والتكرار، وغالبًا ما يمتلك الساسة وسائل الاعلام التي تضمن سيطرتهم الدائمة على الاذان والعيون وبالتبعية على الافهام والعقول.لماذا يكذب السياسيون دائمًا؟ ولماذا تصدقهم الجماهير دائمًا؟

Scroll to Top