من-اجل-المتعة-او-احتلال-الارض.-حيوانات-تقتل-لاسباب-لا-تتعلق-بالبقاء

من اجل المتعة او احتلال الارض.. حيوانات تقتل لاسباب لا تتعلق بالبقاء!

اخبار اليوم الصحيفة, من اجل المتعة اخبار اليوم الصحيفة, من اجل المتعة

على عكس ما يشاع من القول ان الانسان هو الكائن الوحيد الذي يقتل لغير حاجته للغذاء، توجد في الطبيعة مشاهدات للكثير من الفصائل التي تقتل لاسباب غير الحاجة للتزود بالطعام. بعض فصائل مفترسة تقتل بوتيرة مبالغ بها وهي الظاهرة التي رُصدت وتم تسميتها «القتل الفائض عن الحاجة»، حيث يقوم الفرد او المجموعة من المفترسات بقتل عدد كبير للغاية من الفرائس دون ان تاكل منها اي شيء تقريبًا.
1- الدولفين: وحش بوجه حَمَل
تتصدر الدلافين صورة الحيوانات الذكية الصديقة للانسان، والتي شوهدت في مرات تنقذ بالفعل حياة بعض الاشخاص الذين كادوا يتعرضون للموت نتيجة هجوم القروش البيضاء او تحطم قواربهم. وعلى غير ما توحي به سيرتها الشعبية الرائعة، تمتلك الدلافين سمعة سيئة في عالم المخلوقات البحرية.
يعرف هذا النوع من الدلافين بانه صديق للانسان.
اكتسبت الدلافين من نوع «Bottlenose Dolphins» هذه السمعة من مشاهدات كثيرة تقوم فيها بتعذيب بعض الحيوانات الاخرى واحيانًا تنتهي حفلات التعذيب بموت الحيوان المسكين وانجرافه على الشاطئ مكسوًا بالجروح غارقًا في الدماء. كانت اول تلك المشاهدات الموثقة عام 1997 عندما ظهرت على الشاطئ بشكل متتابع جثث لخنازير البحر في الساحل الشرقي لاسكتلندا وشواطئ فرجينيا. وبتشريحها ظهر للعلماء انها ماتت بسبب الاضلاع المكسورة، والانتفاخات في الرئتين، وتضخم الكبد، وفسر العلماء السبب بانها هجمات طويلة ومركزة، وكان المشتبه الرئيس في هذه الحوادث هي الدلافين قارورية الانف بعلامات اسنانها المتطابقة مع نمط الهجمات.
بحث العلماء في الاسباب الطبيعية للقتل في عالم الدلافين، فوجدوا ان الطعام متوفر بشكل كبير في تلك المناطق، كما ان السلوك الطبيعي لهذه الفصيلة تجاه خنازير البحر هو قتلها وافتراسها، وهو عكس النمط الشاذ الذي لاحظه العلماء في الحوادث المذكورة. قد لا يمكن الجزم بنية تلك المخلوقات عند ارتكابها مثل تلك التصرفات، لكن التفسير القائل انها مجرد طريقة للعب سيكون مطروحًا باستمرار على الطاولة.
2- الذئاب و«جرائم الابادة»
في مارس 2013 نشرت العديد من الصحف حادثة غريبة قامت فيها الذئاب في مقاطعة «وايومنغ» بقتل 19 ظبيًا في ليلة واحدة. وصرح مسؤولو الحياة البرية بان قطيعًا من الذئاب مكونًا من مجموعة من الذئاب قام بقتل 19 ظبيًا من الصغار، واثنين بالغين في مساحة من الاراضي الثلجية قرب مدينة بوندورانت.
وفي تعليقه على الحادثة، قال «جون لوندز» مشرف الحياة البرية بالمنطقة: «هذا امر نادر، في العادة، يُقتل ظبي او اثنان في الليلة، وهذا امر عادي، لكن ان يقتل 19 ظبيًا في ليلة واحدة لهو امر نادر للغاية». ووصف لوند هذه الحادثة بانها «قتل من اجل الرياضة» قامت به مجموعة من تسعة ذئاب في المنطقة.
جرحت التفسيرات الرسمية وقتها من «مايك خيمينيز» وهو مسئول بمركز «المؤسسة الامريكية للاسماك والحياة البرية» لينفي تمامًا فكرة القتل من اجل الرياضة عند الذئاب، وصرح قائلًا: «الذئاب لا تقتل من اجل الرياضة. الذي نعرفه هو انه، وبشكل عام، الذئاب لا تقتل ما لا تاكله».
وقد رجح بعض التفسيرات لسلوك الذئاب تلك الليلة. احد تلك التفسيرات هو ان قطيع الظباء كان يعاني ضعفًا ما تلك الليلة مثل تفشي مرض معين، وهو ما شكل اغراءً كبيرًا للذئاب. او ان الذئاب احيانًا تقتل الكثير من الفرائس في الشتاء عندما يكون من الممكن حفظها تحت الثلوج والعودة لتناولها في اوقات لاحقة.
قد يبدو التفسير الذي قدمه خيمينيز منطقيًا ومقبولًا في تلك الحادثة على غرابتها، لكن هذا التفسير قد يبدو غير كافٍ في حادثة اخرى وثقتها بعض التقارير، حدثت في محمية «يلوستون» عندما وجد صاحب مزرعة 122 جثة لخراف بالغة غارقة في الدماء وهو ما رجحته جريدة «لوس انجلوس تايمز» على انه دليل على القتل لمجرد المتعة، وقد اتُخذ حينها قرارٌ بقتل مجموعة الذئاب بالكامل بعد ان تسببت في اغرب حالة افتراس في الذاكرة الامريكية.
3- الشمبانزي يقتل «من اجل الارض»
في جنة الشمبانزي بالمنتزه الوطني بكيبالي اوغندا، شهد الباحث «جون ميتاني» احداثًا وجرائم مروعة قامت بها مجموعة من احد قطعان الشمبانزي. قامت تلك المجموعة بين عامي 1998 و2009 بقتل 18 قرد شمبانزي، كما وجد ادلة على قتلهم لثلاثة افراد اخرين.
الشمبانزي يقتل من اجل السيطرة على ارض الخصم.
من المعروف ان الشمبانزي يمتلك قدرًا كبيرًا من التشابه مع البشر، من حيث التكوين الجيني والتشابه الجسدي، وكذلك السلوكيات الكثيرة المشتركة مع الانسان. فقد شوهدت حالات متعددة لاظهار الاسى والحزن، وكذلك الفرح او القلق والخوف لاسباب تتشابه مع مثيرات تلك المشاعر لدى البشر.
اثبت الشمبانزي بعد تلك الحادثة انه ليس فقط قادرًا على الشعور والتصرف مثل البشر، لكنه كذلك قد يرتكب جرائم مروعة مثل القتل المخطط له من اجل اثبات السيادة والتفوق على بني جنسه. لقد شوهد افراد مجموعة متنزه كيبالي تقوم بالتخطيط وتنفيذ هجوم جماعي على افراد من مجموعات اخرى، وكانت تلك التصرفات تشمل الهجوم المفاجئ والضرب حتى الموت. كانت الاسباب التي تدفع تلك المجموعة لمثل هذا التصرف شديدة الغموض واكثر اثارة للحيرة.
جرى نقاش واسع بين متخصصي سلوك الحيوان عن هذا التصرف، لكن دراسة مجموعة متنزه كيبالي قد ظهر انها سيطرت على مساحات كبيرة كانت ضمن سيطرة المجموعات التي قتلت بعض افرادها، وهو الامر الذي يرجح ان تلك الحيوانات تقتل احيانًا من اجل «احتلال الارض».
4- الفهود لا تتوقف عن القتل.. عندما تستطيع
تعتبر الفهود من انجح القطط المفترسة في القارة الافريقية، شكلت في اوقات متفرقة مشاكل حقيقية بالنسبة للمزارعين المحليين، وتسببت هجماتها المتكررة على القرى في خسائر كبيرة لاصحاب المزارع والقطعان من الابقار والاغنام المحلية.
في محاولة لفهم ورصد تلك الهجمات المتكررة والتي كانت تسلك فيها بعض الفهود سلوك «القتل الزائد عن الحاجة» قام الباحث «سي تي ستيوارت» بتدوين دراسته لرصد اسباب هذه الظاهرة، حيث كانت افراد من الفهود تقوم بالهجوم على المزارع وقتل اعداد كبيرة من الحيوانات ولا تاكل منها اي شيء تقريبًا.
رصدت الدراسة 104 حادثة شكلت فيها الفهود خطرًا حقيقيًا على الحيوانات المحلية. كانت 73% من تلك الهجمات تشمل قتل حيوانين او اكثر. فيما كانت الحادثة الاشهر لفهد قتل 51 من الخراف في ليلة واحدة، كان من الواضح ان تلك الحيوانات لم يقتلها الفهد بغية التهامها، حيث كانت معظم تلك الجثث بكامل هيئتها تقريبًا.
5- الاسود.. عصابات السافانا
الاسود هي ملوك السافانا، تقتل الاسود اكبر الحيوانات الموجودة في البرية، لا تصمد امام قوتها ودهائها اكبر الحيوانات مثل الفيلة ووحيد القرن والجاموس البري وحتى الزرافات. على الجانب الاخر شوهدت الاسود ايضًا تقتل حيوانات ضئيلة الحجم لا يمكن ان تشكل اي قدر معقول من الطاقة التي تحتاجها مثل القوارض الصغيرة والطيور بحجم اليمام.
في احدى رحلاته الاستكشافية شاهد باحث بيولوجي مجموعة من الاسود تلتهم جثة فيل بعد ان انقضت عليه وقتلته. في خضم عملية الغذاء قامت احدى اللبؤات بالابتعاد ربما لتروي عطشها. وجدت هذه اللبؤة مجموعة من الطيور الصغيرة فقامت بمطاردتهم، لتلاحظها بقية المجموعة وينضمون لها، ثم بعد دقائق يشعر الجميع بالملل ويعودون لالتهام جثة الفيل. قد لا يبرر هذا التصرف التدرب على القتل لوجود افراد بالغين في المجموعة المشاركة في قتل الطيور، كذلك بالطبع لا يبرر هذا التصرف الرغبة في الغذاء حيث توجد بالجوار جثة فيل.
في مرات اخرى شوهدت اسود تلعب بقوارض صغيرة مثل «السموريات» ويقوم الاسد باحداث جرح بالغ يمنع القارض الصغير من الهرب، لكنه في نفس الوقت لا يتسبب بقتله. يستمر الاسد في التلاعب بالقارض الصغير حتى يهلك او يشعر الاسد بالملل ويتركه، وقد شوهدت هذه الحادثة من اسود بالغة وكذلك لمراهقين.
6- الضباع ترى.. الضباع تقتل
لم يكن عالم السلوك «هانز كرووك» يعلم عندما ذهب لدراسة سهول «سيرينجيتي» الشاسعة في تنزانيا انه سيكون على موعد مع مذبحة مروعة مثل تلك التي شاهدها في احدى الليالي المظلمة عام 1966.
في تلك الليلة بينما شرع كرووك في العمل ومراقبة بعض القطعان، لاحظ اقتراب مجموعة من الضباع من قطيع كبير من الغزلان لتبدا فور اقترابهم من القطيع مذبحة حقيقية قتلت فيها الضباع 82 غزالًا، بينما اصابت 27 غزالًا اخرين بجروح قاتلة، وتركتهم لملاقاة مصيرهم بين الموت من العدوى او الوقوع فريسة لاي مفترس يمر بالجوار.
دون كرووك ملاحظاته بعد تفقد اثر الضباع، ليلاحظ انه فقط 13 جثة تم التهام بعض اجزائها الطرية سهلة القضم. قدمت ملاحظاته ايضًا تفسيرًا للامر الاغرب في هذه الحادثة، وهو كيف يمكن للضباع البطيئة نسبيًا قتل كل هذا العدد من الغزلان التي تفوقها في السرعة والمرونة؟
في الحالات الطبيعية تعتمد الضباع على عامل القوة وليس السرعة، فتقوم بمطاردة ضحاياها لمسافات شاسعة تصل الى خمسة كيلومترات حتى تُنهك الضحية وتستسلم لمصيرها في النهاية. فسر كرووك هذا الامر بان عاصفة شديدة كانت قد اجتاحت المنطقة مبكرًا تلك الليلة، وتركت قطيع الغزلان مشوشًا وضعيفًا امام هجوم الضباع التي استغلت الفرصة تمامًا لقتل كل هذا العدد من الغزلان في ليلة واحدة.
العديد من الدراسات حاولت رصد هذه الظاهرة في العديد من الفصائل الحية حول العالم، لكن تفسيرًا موحدًا للاسباب التي تدفع المفترسات لهذا النوع من السلوك لم يوجد بعد. لا يعلم العلماء على وجه التحديد المدى الذي تنتشر فيه هذه الظاهرة بين الحيوانات في بقاع العالم على الرغم من الالتفات القديم لها، لكن المثير للتفاؤل بشان كشف غموض هذه الظاهرة هو تحديها لكل ما نعرفه مسبقًا عن سلوك مملكة الحيوان. الامر الاخر الذي تؤكد على اهميته الدراسات التي اجريت بالفعل هو التوصيات بمزيد من الدراسات طويلة الاجل وذات النطاق الاوسع بهدف تحقيق فهم اوسع لظاهرة يمكن ان تتسبب في خلل كبير للتوازن البيئي والحيوي.
من التحديات التي ستواجه العلماء والمتخصصين في السلوك ايضًا حسم مسالة السبب الرئيس لقيام الحيوانات بالقتل الفائض عن الحاجة، في بعض الاحداث كانت المراقبة الثاقبة لظروف ومتغيرات عملية القتل تشي ببعض التفسيرات للفعل، لكن في مرات اخرى عديدة كانت التفسيرات الشائعة تفشل في فك الغموض الذي يعتريها. ربما بمزيد من البحث تنكشف كل تلك الالغاز ونصبح قادرين على فهم سلوك تلك الحيوانات، والذي بدوره قد يساهم في فهم اعمق للبشر انفسهم.من اجل المتعة او احتلال الارض.. حيوانات تقتل لاسباب لا تتعلق بالبقاء!

Scroll to Top