اخبار اليوم الصحيفة, فنان يمني يواجه اخبار اليوم الصحيفة, فنان يمني يواجه
منذ نحو ثلاثة عقود يواصل الفنان التشكيلي اليمني زكريا الاغبري ابراز جماليات بلاده بلوحات فنية مميزة حظيت باستحسان الكثير من اليمنيين الذين باتوا متعطشين لاي حافز ايجابي جمالي يخرجهم من واقع البؤس الذي خلقه الصراع.
لم تثنه ظروف بلاده عن مواصلة نشر الجمال في واقع انتشر فيه قبح الصراعات واوجاع النزاع المستمر في اليمن منذ نحو سبع سنوات.
الفنان الاغبري البالغ من العمر 39 عاما يرى ان الفن رسالة سامية تستوجب مواصلة العمل بها بغض النظر عن الظروف والمتاعب.
يقول الاغبري انه يهوى الفن والرسم منذ الصغر؛ فقد كان يمارس الرسم منذ الطفولة، حتى التحق بقسم الفنون الجميلة في المعهد التقني بمدينة تعز جنوب غربي اليمن عام 2000.
وقد التحق بقسم الفنون الجميلة لانه يهوى كثيرا العيش مع الفن وابراز الجمال، بغرض ايصال رسالة فنية سامية تخفف عن الجمهور اوجاعه.
وبعد التحاقه بقسم الفنون الجميلة عمل الاغبري في مجال قريب من هوايته، ولكن العمل اخذ كل وقته وترك الرسم لفترة طويلة، مما جعله يبحث عن طرق اخرى للرسم، وقد توجه خلال الفترة الماضية الى الرسم الرقمي.
والرسم الرقمي عبارة عن “عملية رسم الصور واللوحات باستخدام ادوات الكترونية وتطبيقات خاصة، بدلا من استخدام الطريقة التقليدية التي تعتمد على اقلام الرصاص والورق، حيث يستخدم الفنانون الرقميون الاجهزة اللوحية والكمبيوترات”.
شخصيات محببة
وفي ما يتصل بالدوافع التي جعلته يدخل مجال الرسم يقول الاغبري “الهواية وحبي للرسم هما الدافع الاول الذي جعل من الرسم متنفسا لي ابحر فيه، وخصوصا اني اعيش خارج بلدي؛ في المملكة العربية السعودية”.
استطاع الاغبري رسم العديد من اللوحات الجمالية التي لاقت استحسان الجمهور، ومعظمها رسومات لشخصيات يمنية بارزة تحظى بقبول واسع في البلاد التي تفنن في ابراز ادق تفاصيلها عبر لوحاته التي تتقصى وجوه اليمنيين وازقة المدن اليمنية بكل ما تحمله من خصوصية معمارية ومن حركة وحياة تدب فيها، وكاننا بالرسام يخلد اليمن المنطلق بداب الى الحياة، يخلده بعيدا عن الصراعات والخراب الذي طال البشر والحجارة والبيوت والطرقات وغير ذلك.
ومن بين هذه اللوحات رسم شخصية المذيع التلفزيوني اليمني الراحل يحيى علاو الذي كان يتمتع بحب كبير من قبل اليمنيين لما يحظى به من اتقان اعلامي وقرب اجتماعي ومعرفة واسعة، اضافة الى رسم الشيخ محمد بن اسماعيل العمراني الذي يعد من ابرز علماء اليمن، والذي رحل قبل اسابيع في العاصمة صنعاء بعد ان ناهز المئة عام.
كما اتقن الفنان الاغبري رسم لوحة لرجل مسن اظهر فيها تفاصيل وتجاعيد الوجه بطريقة فنية جمالية تحكي الكثير من التعابير على وجه الرجل، اضافة الى رسم العديد من اللوحات الفنية الاخرى.
وحول المجالات التي يهتم بها في رسوماته يقول الفنان “ارسم صورا لشخصيات تتمتع بحب اليمنيين، وقد تكون شخصيات لمشاهير في الاعلام او في السياسة او في مجال الدين او في الفن…”.
واثرت الحرب اليمنية على مختلف القطاعات، بما في ذلك القطاع الفني، حيث اغلقت العديد من المرافق الثقافية والفنية، والحق الصراع دمارا كبيرا بالساحة الفنية في البلاد، كما تاثر العديد من الفنانين جراء تداعيات الحرب، سواء في الجانب المعيشي او من الناحية النفسية.
الفن امانة
حول تقييمه للواقع الفني في اليمن يوضح الاغبري “الفن التشكيلي في اليمن يزخر بفنانين كبار، وتوجد في البلاد كنوز من الافكار والتراث والفن المعماري والاسواق الشعبية والزي الحضاري والمناظر الطبيعية التي يستلهم منها الفنان افكاره”.
ويستدرك “لكن لا يوجد اهتمام بالفنانين التشكيليين، فقد تجد بعض الفنانين الذين يصلون بفنهم الى العالمية لا يستطيعون تحصيل قوت يومهم بسبب الصراعات والحروب والظروف الصعبة التي يشهدها اليمن”.
وعن أبرز القضايا التي يفترض من الفنان اليمني أن يناقشها ويهتم بها يفيد الاغبري بان “الفن امانة في اعناق كل اليمنيين. على الفنانين طرح كل ما يعانيه الوطن كالانقسامات والحصار والحروب، وعليهم بث التفاؤل وتقريب وجهات النظر بين المتصارعين، ويجب ان يكون هدفنا الاول مصلحة الوطن”.
وفي ما يتعلق بوسائل ترويج اعماله الفنية يضيف “اعرض اعمالي في مواقع التواصل الاجتماعي، وما ينقصنا هو عودة السلام الى اليمن كي اعود واقيم فيه معارضي الفنية”.
ولدى زكريا العديد من الطموحات التي يتمنى تحقيقها، سواء على الصعيد الشخصي او على المستوى العام، لكن ابرز امنياته يوجزها بالقول “حلمي ان اعود الى وطني واكمل فيه بقية مشواري الفني وتنتهي الصراعات وتنتهي الغربة خارج الوطن”.
وفي ظل استمرار الصراع في اليمن، الذي خلف واحدة من اسوا الازمات الانسانية في العالم واودى بحياة اكثر من 230 الف شخص، لم ينس الاغبري ان يوجه رسالته الى جميع اليمنيين في هذه الظروف قائلا “رسالتي هي ان يتم تقديم مصلحة اليمن على المصالح الحزبية والشخصية كي يعود اليمن السعيد الى ما كان عليه سابقا”.
المصدر : dpaفنان يمني يواجه ظروف الحرب بلوحات رقمية تخلد جماليات بلاده