queenarwauni

تمثال سطيف بالجزائر وجدلية الفن والسياسة والاخلاق

اخبار اليوم الصحيفة, تمثال سطيف بالجزائر اخبار اليوم الصحيفة, تمثال سطيف بالجزائر

يعود تمثال مدينة سطيف الجزائرية من جديد الى واجهة الاحداث وذلك بعد حوالي ثلاثة اشهر من تخريبه من طرف احد المتطرفين. وهو يعود هذه المرة من اروقة البرلمان بعد ان طالبت احدى النائبات الاسلاميات وزير الثقافة عزالدين ميهوبي بنقل تمثال المراة العارية الى المتحف لانه لا يحترم قيم المجتمع الجزائري. رد الوزير كان فوريا بالقول بان النائبة هي التي يجب ان ترحّل الى المتحف وليس التمثال وهو مما زاد من حدة النقاش.
وبغض النظر عن السياق الجزائري للجدل الحالي الا ان حيثيات الموضوع تحيل على اشكالية عامة تطرح بحدة في المجتمعات العربية والاسلامية ومرتبطة بشكل كبير بمسالة التماثيل وموقعها في الفضاء العمومي. نقول ذلك ونحن نتذكر المصير التراجيدي الذي انتهى اليه جزء مهم من التراث الانساني بعد تفجير تمثال باميان في افغانستان بدعوى ان الاسلام يحرم تجسيد البشر. وكما في باميان اعتبر تمثال بوذا جارحا لايمان المسلم حسب راي طالبان فان تمثال المراة العارية عدّ جارحا لاخلاقه. لذلك جاءت الدعوة لحجبه بعيدا عن الانظار احتراما لاخلاق الناس واحتشامهم. غير ان اصحاب هذا الراي نسوا بان اول من تصدى لعملية تخريب التمثال هم المواطنون الذين يتكلمون باسمهم. لذلك تعتبر الدعوة لحجب التمثال تكملة لعمل تخريبه لا اكثر.
فهذا الربط بين التمثال والاخلاق والدين مفتعل خاصة وان المعلم قائم منذ نهاية القرن التاسع عشر. فهو معلم ينتمي اكثر الى التاريخ المحلي خصوصا والى التاريخ الجزائري عموما لانه يحيل على حقبة زمنية مهمة في تاريخ البلد.
اضافة الى قيمته التاريخية فان التمثال يبقى قبل كل شيء عملا فنيا يخضع لمنطق الفن اكثر منه لمنطق الدين والاخلاق. اذ لا يمكن تلخيص تمثال المراة العارية لمدينة سطيف فقط في ذلك الجسد العاري. فهذه تبقى نظرة غرائزية للصورة ولجسد المراة عموما. اي ذلك الجمال الغاوي الذي يلخص المراة في البنية الذهنية التقليدية للمجتمعات العربية.
فما المانع بان ينظر الشخص لتمثال امراة عارية وان يرى ما وراء الجسد والعراء؟ ان العمل الفني ينظر اليه بعين التجريد الفني وليس بعين التجسيد الجنسي. لا اعتقد بان ذلك بصعب في المجتمعات العربية بالرغم من المنسوب المرتفع للمحافظة. اذ لم يمثل يوما مشكلا على ما يبدو لسكان المدينة الجزائرية. بل نكاد نجزم بان المواطن قد تعود على مشاهدته ككل في الفضاء العمومي دون التركيز على التفاصيل. كل المشكل في الحقيقة يعود الى الاستثمار السياسي باسم الدين.تمثال سطيف بالجزائر وجدلية الفن والسياسة والاخلاق

Scroll to Top