queenarwauni

حسن اوريد.. من قلب السلطة لمحراب الفكر

اخبار اليوم الصحيفة, حسن اوريد.. من اخبار اليوم الصحيفة, حسن اوريد.. من

من قرية تازموريت الامازيغية ضواحي مدينة الراشيدية جنوبي شرقي المغرب، الى المدرسة المولوية بالقصر الملكي بالرباط زميلا لدراسة الملك محمد السادس، ومن المربع القريب للملك الى رحاب الفكر والادب.. تلك بعضٌ من ملامح سيرة المفكر والروائي المغربي حسن اوريد.
تقلب في مناصب عدة في العهد الجديد، فهو اول ناطق رسمي باسم القصر الملكي في 1999، ومحافظ جهة مكناس تافيلالت في يونيو/حزيران 2005، ثم مؤرخ المملكة في الفترة ما بين نوفمبر/تشرين الثاني 2009 وديسمبر/كانون الاول 2010.
خلع حسن اوريد جلباب السلطة وتحرر منها بعد خيبات ولحظات مغالبة فكانت ولادة جديدة، “عدت من الاندلس شبه معافى وقد اخذت ابرا من المخزن، كما يبرا المدمن مما كان يتعاطاه”. بهذه الكلمات وصف اوريد في بوْحه “رواء مكة” هجرته من المخزن (اي النظام المغربي) الى الفكر والادب. “لقد اقبرت تجربة واستقبلت اخرى”، يقول اوريد في حواره مع الجزيرة نت.
لم تكن هذه الهجرة سهلة، بل امتحانا اسئلته عسيرة دبج بعضها في “رواء مكة” “هل ارضى بوضع راتب مريح وامتيازات، ثم تذوي همة الانسان ويذهب معها العمر؟ هل اقبل هذه الازدواجية بين ما انتهيت اليه من فكر وما اعيشه من وضع؟ هل اغلب مصالح ابنائي في عيش رغد، واستكين لوضع مغر ولو مضن؟ اارضى باللقب، وهو اللقب الذي لا يعني شيئا لانه بلا ادوات عمل؟”.
سماء الثقافة
ومنذ تلك القطيعة، انطلق اوريد (كلمة امازيغية معناها بالعربية الطائر الصغير) محلقا في سماء الثقافة الفسيحة رئيسا لمركز طارق بن زياد للدراسات والابحاث ومستشارا علميا لمجلة “زمان” (بالعربية والفرنسية) واستاذا بجامعة محمد الخامس بالرباط.
وتوالت اصداراته الفكرية والادبية ومقالاته في عديد من الجرائد والمجلات والمواقع الالكترونية، وجال بمحاضراته ربوع الوطن، هذه الغزارة في الانتاج يفسرها اوريد بالحرية “انا لست مرتبطا لا اداريا ولا ماليا باي جهة، فانا حر واعيش من قلمي”.
لقد وجد في الفكر والادب “شعورا ايجابيا تجاه نفسي، شعرت انني اقوم بدور” يقول اوريد، اذ قادته تاملاته ورحلته الروحية الى الحج الى حقيقة ان “قيمة المرء ليس في وضع او لقب يحمله، ولكن فيما يُحسنه، وانا وجدت في الادب سببا للوجود وفي الفكر غاية وفي الكتابة رسالة”.
ومع ذلك، ظلت تجربته مع السلطة حاضرة في انتاجاته الفكرية والادبية، فكل ما كتبه في “الموريسكي” وروايته الاخيرة “ربيع قرطبة” حول تقاليد القصور ودسائس ووشايات الحاشية “استوحيته من تجربتي”، حسب قوله، ويضيف “الكتاب الذي ينهل منه اي كاتب هو تجربته الشخصية، او هي الدواة التي يكتبها منها”.
حضور التاريخ
يحضر التاريخ والذاكرة بشكل ملحوظ في روايات اوريد، في “الموريسكي” (2011) و”سيرة حمار” (2014) و”سينترا” (2015 ) و”ربيع قرطبة” (2017)،
لكن “التاريخ ليس (حاضرا) للتسلية والاخبار فقط، انما هو
سعي لاستنطاق مرحلة تاريخية من اجل فهم للحاضر”، ويتابع اوريد “الاسئلة الوجودية التي نعيشها في المغرب وفي العالم العربي هي ما يفسر هذه الانعطافة نحو التاريخ”.
هذه الاسئلة الوجودية لا تظهر فقط في كتابات اوريد الروائية، بل ايضا في اصداراته الفكرية وخاصة مؤلفاته “الاسلام والغرب والعولمة” (1999)، و”مراة الغرب المنكسرة” (2010 )، و”الاسلام السياسي في الميزان: حالة المغرب” (2016).
اوريد يتقن العربية والامازيغية والفرنسية والانجليزية، ويحضر هذا التعدد اللغوي في ترجماته وفي دواوينه الشعرية “فيروز المحيط” (2009) و”يوميات مصطاف” (2010) و”زفرة الموريسكي” ( 2014) و”صرخة تينهينان” (2014)، و”ما يقوله القصب” (2016).
يرى حسن اوريد في الانتاجات الفكرية والادبية بالمغرب “بوادر وارهاصات الحداثة” و”بنية عقلانية” رغم غياب ما تسمى الصناعة الثقافية،
لذلك لا غرو ان “يتالق المغاربة حينما يجدون اطارا ملائما، وان يحصدوا جوائز الابداع الروائي او يتالقوا في مراكز البحث او في مؤسسات خارجية لانهم يتميزون بالعمق والرصانة”، يجزم اوريد.حسن اوريد.. من قلب السلطة لمحراب الفكر

Scroll to Top