اخبار اليوم الصحيفة, سمسرة وردة .. اخبار اليوم الصحيفة, سمسرة وردة ..
“صنعاء، لا بد منها هي حبنا، اشواقنا، ان حملنا حزنها وجراحها، وبكل مقهى قد شربنا دمعها..الله ما احلى الدموع وما امر “لربما كان يقصد “المقالح”، وهو يتغنى بصنعاء، سمسرة وردة، اشهر واقدم مقهى في المدينة، كما يطلق عليها اليمنيون هناك في وسط زحام صنعاء القديمة، حيث يحافظ صاحبها على عمل قهوة البن اليمني الاصيل، منذ اكثر من 220 عاماً.
“لا يمكنني ان اتجاهل، يوم السبت من كل اسبوع، استيقظ باكراً واذهب الى المقهى” يبادرنا بالحديث الشاب العشريني اكرم احمد، والذي وجدناه في المكان مع موعد شروق الشمس يحتسي القهوة مع رفاقه، ويتبادلون الاحاديث.
يجتمع اكرم مع اصدقائه عند الفجر، ويلتقون عند البوابة الرئيسية لصنعاء القديمة قبل ذهابهم الى المقهى واصطحاب البرعي معهم، (وهي احدى وجبات الافطار التي تشتهر بها المدينة).
تعرف هذه السمسرة في الواقع بانها منشاة معمارية صغيرة جداً، تؤدي وظيفة اجتماعية واقتصادية، وارتبط ظهورها قديماً بنشوء وتطور الانتاج الحرفي، وقد كانت السماسر بمثابة الشكل الجنيني لما يسمى (بالخدمات الفندقية حالياً)، تقدم خدمات الايواء للمسافرين بحسب الاجداد القدامى، لكنها تغيرت حالياً.
“المجة، وعسلان، والظفري، والميزان والسواري”، وغير ذلك من اسماء المقاهي التي كانت موجودة في صنعاء القديمة، ويتجاوز عددها 25 سمسرة، خرجت عن تخصصها واصبحت تؤدي دور المخازن التجارية، فيما بعضها لم يعد له اثر يذكر بفعل عاملي الزمن والاهمال. وحدها وردة التي استطاعت ان تبقى معلماً تراثياً بارزاً.
الحرب لم تمنع اليمنيين من ممارسة طقوسهم التي الفوها، يؤكد الحاج حسين العماد، وهو احد سكان صنعاء القديمة لـ”العربي الجديد”، ويضيف ان الناس يتوافدون الى هذا المكان كل يوم، وكانهم يهربون من كل ما اصبح يزعج سكونهم وخلوتهم.
فيما يؤكد صاحب المقهى، ابو هاشم، نفسه انه حتى قبل تصاعد الاحداث الاخيرة باليمن، كان كثيرٌ من السياح يرتادون المكان، ويمتلئ الفناء بشخصيات مختلفة، بينهم مثقفون وسياسيون، وحتى النساء، كنّ يحرصن على الحضور احياناً، مصطحبات كوب القهوة ليحتسينه على احدى شرفات مباني صنعاء القديمة.
يفتتح ابو هاشم مقهاه الصغير عند ساعات الفجر، ويستمر حتى وقت متاخر من المساء، واكثر ما يُمتع زبناءه حضورُهم، في الصباح الباكر، وبعد صلاة العصر.
ما الذي يميز قهوة ابو هاشم اذن؟ مباشرة ياتي الجواب، ربما ارتباط الناس بالمكان، فصنعاء القديمة هي معلم سياح مكتمل، تجبر الزائرين على التوقف عند كل شيء فيها، وياتي هذا المقهى الذي يتوسط السوق ليمنحهم فرصة للاستمتاع بالنظر الى تلك الازقة والممرات الضيقة الفاصلة بين البيوت.
اضافة الى ذلك طريقة اعداد القهوة نفسها، ومشاهدتك ابا هاشم، وهو يخلط ويعد البن بطريقة مختلفة، وبسرعة واحتراف، قبل ان يضيف اليه الحليب بكل نشوة، يوزعه بخفة رهيبة عبر برادات مختلفة الاحجام، ويضعها على النار حتى درجة غليان معينه، قبل ان يصبح في متناول الزائرين.سمسرة وردة .. مقهى يمني عمره 220 عاما