queenarwauni

اصوات

اخبار اليوم الصحيفة, اصوات اخبار اليوم الصحيفة, اصوات

بقلم د. وهيبه فارع
الجمعة 08 يوليو-2011 م
عندما عبرت كثير من الفئات الوطنية عن مواقفها بالصمت مما يحدث في قاعات الانقلابات وغرفها المظلمة وتبرات من كل فعل اجرامي دموي , انما كانت تعبر عن قناعتها باختياراتها الديمقراطية التي انتزعت بها الاعتراف الدولي لاستحقاقات سياسية عن طرق الانتخابات التي شهدتها اليمن مرات منذ توحيدها, كما كانت تعبر عن رفضها لاي فعل يجر الشباب في الساحات الى الفوضى التي اذا بدات فلن تعرف التوقف, والتي يمكن ان تلبس الحق بالباطل وتنقل المطالبات من سقفها المشروع الى مستويات لا علاقة لها بواقعهم ولا بتطلعاتهم, خصوصا بعد فقدان الحوار بين الشارع وبين المعارضة وبين السلطة والمعارضة.
هذه الفئات من البسطاء نساء ورجالا شيبا وشبانا التي ظلت خارج اللعبة التي تديرها بعض اقطاب القوى الكبرى لاحداث التخريب في اليمن شكلت دائما خط الدفاع الاول عن الثورة والجمهورية والوحدة والتصدي لما يواجهها من اخطار, فلم تتوانى عن تقديم اغلى التضحيات عندما ادركت حجم التكالب الخارجي على الوطن والذي ينتزع منها مشروعيتها ويغيب صوتها , ويحول مطالبه المشروعة الى مشاريع دموية تجاوزت طموح التغيير نحو الافضل لينحدر بها نحو الاسفل .
فالاعلام الانقلابي لا يغطي اصوات من يؤمنون بان حقوقهم قد اغتصبت بعد طغيان “ثوري” قلب موازيين التكافؤ والمواطنة حتى بين المحتجين المطالبين بالتغيير, لان هدفه هو الوصول بالشعب الى نقطة اللاعودة , فاصبح شعاره كنا مع الشعب واصبحنا ضد الشعب كنا نحمي التغيير واصبحنا ضد مطالب شباب التغيير, ولسان حاله يقول كنا مشتركين فاصبحنا منقسمين وبالاصح اصبحنا حزبا واحدا لا يماثله حزب في جبروته وتخوينه وملاحقته للاخرين.
لسنا نتحدث هنا من زاوية انفعالية كما تفعل بعض الاحزاب التي لا ترى الا نفسها وعلى غير حقيقتها العدائية للغير بعد تدمير ما امكن تدميره من مكتسبات البلاد, والتي كانت سببا في وصول حال الناس والبلد الى هذا الوضع الذي حذرنا منه مرارا, لكننا ننطلق من تتبع مواقف بعض الاطراف واصرارها على اغتصاب السلطة وتعميدها بدماء الابرياء رغم وجود مبدا التداول السلمي, فاحزاب المعارضة المستميتة في سبيل ذلك انتهى بها الامر من انقلاب عسكري دام وفاشل الى الانتحار الجماعي بالمشترك وبالشباب , والى اعتبار الشعب عدوا حقيقيا لها والى الطغيان “بالثورة ” ضد ما حولها من مؤسسات وبشر كانوا قد تعاطفوا معها الى ان خرجت عن نطاق القضية التي جمعتهم وولى المتعاطفين شهداء لليمن لا بواكي عليهم من اعلام الفوضى الخلاقة
هذه الفئات تذهلك ببساطتها وفي صبرها رغم كل ما يحدث معها لانها تعلم انها وملايين مثلها معاقبون في حياتهم المعيشية من غذاء وحركة وامن نتيجة لقناعتهم وتمسكهم بمبدا اتساع الارض للجميع, ينتظرون بصبر ان تحكي الفضائيات حكاياتهم الطويلة مع المعاناة وعن المتسبب بها.. لم لا ؟ فقد تحترم مشاعرهم او تسلط عليهم الاضواء كما تفعل مع المحرضين وهم كثر, ممن تنتظرهم كاميرات البث المباشر في كل ركن لتجميل وجوه ولتحكي اكاذيب تستدر بها عطف الخارج ومشاركته في العقاب الجماعي لليمنيين؟!
هولاء الابطال هم المنسيون الذين لم يحسب لغضبتهم حساب, والصامدون في خنادقهم دفاعا عن مؤسسات البلاد والذين يخرجون الى الشوارع للتذكير بالحوار والتعايش والمحبة مقابل من يدعون للحرب والقتل والاقصاء, قد دفعوا ثمنا غاليا لمواقفهم من دم وقوت, فتحملوا قطع الكهرباء وتفجير انابيب النفط والعزل عن كل اسباب الحياة لعل هذا الصبر على الكيد السياسي يشفي غليل المشترك, لكن ما من مؤشر واحد على ان صراع المصالح ضد اليمن ارضا وانسانا التي تقوده النخب الثرية ومن يدور في فلكها سيتوقف عند هذا الحد, بل على ما يبدو انه يطمح الى توقيف حركة التاريخ والانسان هنا قبل القفز على كراسي السلطة.
ان تغييب معاناة الفئة الاكثر تاثيرا عن المشهد الاعلامي في نظر المتتبعين للاحداث هينا, مقارنة با خفاء ما تبعه من اغتيالات دموية جماعية بالتصفيات والملاحقة لاصحاب المواقف السياسية المعارضة لهم, واستحلال دماء ابناء القوات المسلحة الذين يتصدون لاشرس هجمة دموية تقودها مجموعة المصالح المشتركة المستفيد الوحيد من الاحداث الجارية, فاجبرهم الصمت والحصار الاعلامي والاقتصادي على تحمل كافة اصناف التنكيل, ولكن ربما لم يزدهم هذا الا اصرارا على عدم السماح للمؤامرة بالمرور.
وكنا نتوقع ان نجد من بعض احزاب المشترك رفضا للتخريب الذي يطال البلد التي يعيشون عليها, ونبذا للعنف او على الاقل استنكارا لما يحدث من فوضى , لكن كان الابصار قد اعميت بعد ان غمزتها سنارة التدخلات الخارجية للاستيلاء على الحكم بالقوة التي اعجزتهم عنها الديمقراطية , وليصبح القفز على السلطة وتفيدها وقهر من فيها حقا بهائميا مشروعا في دولة “قادمة” ترغم رعاياها من اللحظة على الطاعة تحت اسنة السيوف صلفا وغرورا مبشرة بعقوبات جماعية وبسنن وحشية لن تستثني احد , فماذا لو وصلوها حقا .!؟ ماذا بعد لم يجربوه غير الركوع عند اقدام السفراء وعرض مهاراتهم في القضاء على الارهاب الذي يتبنونه, والتفنن بالتقطيع والترهيب والاعدامات والسحل لمعارضيهم وغزو البيوت والشوارع الامنة بالقاذفات والصواريخ؟
لعل الاوضاع والمواقف المحيرة هنا لا يتساوى فيها العقل ولا يستقيم معها المنطق لاقتراح حلول غير الحوار والحوار وحده بين اليمنيين, فكل متمرس برايه والراي اصبح عشرة والناس اصبحت اقسام, حتى مع التسليم بان الاختلاف لم يكن يفسد للود قضية قبل ان يلوي عجائز الاحزاب قاطرة التغيير, فقد كانت الاحتجاجات وجميع المشكلات التي تواجه الجميع يتم حلها بالتراضي كما كان التغيير قاب قوسين او ادنى وحقا متعارفا عليه في قاموس السياسة اليمنية , وكان الكل يعترف بضرورة مواجهة الكثير من المواقف الخاطئة التي ينبغي تصحيحها اما اليوم فقد تعددت المشاكل وابتعد الناس من الحوار واصبحوا يدورون حول انفسهم من كثرة الالغاز التي تواجههم , فاية معارضة هذه واين نحن مما يحدث ؟ وعن اي توازن تتحدث الدول الصديقة ؟!
جميعنا يتساءل الان وبعد الاقصاء لهذه الجموع من المدافعين عن ارادتهم من المحتجين وغير المحتجين هل نحن امام تغيير قادم على اسنة الرماح ؟ واين الديمقراطية التي تحدث رعاتها عن قدومها وشاركونا في احلالها وفي الاشراف على تنفيذها ؟ ما الذي جرى لمثل هذه الدول وهل كفرت بالديمقراطية ؟ ام انها كانت تتحين فرص تفكيك النظام بطرق غير ديمقراطية لغرض اخر لا علاقة لها بما تنسبه وتدعيه لنفسها كراعية للحرية ؟ فاوهمت نفسها والمجتمع الدولي بالتغيير لتفيق على اسماء حلفائها العلماء في التخريب وما يحملونه من ارث تشيب منه الرؤؤس ليختتم الفصل الاخير من الانقلاب بمحاولة اغتيال قيادات الدولة الذي جهزت له كل الامكانات الاعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي وكل اصناف نقل المعلومة والتي تبنت الحدث واذاعته ونشرته قبل وقوعه . اوليس هذا انقلابا ؟
اسئلة تحتاج الى اجابات من اصدقاء اليمن تحديدا, بعضها تبعث على الحيرة فاي حراك سياسي ثوري او حتى ديكتاتوري يتبنونه هذا الذي يقوم على تخريب المنجزات والفوضى وسفك دماء الابرياء؟ وباي وجه سيقابل الزاحفون نحو السلطة جماهير اليمن وقد ارتكبوا ضدها كل هذه الحماقات الارهابية والتدميرية في حق وطنهم وشعبهم ؟ وباي وجه سيقابل هولا الاصدقاء الشعب اليمني وهم يحتضنون هولاء القتلة والمجرمون؟ هل سيواسونهم بانها كانت تضحيات لابد منها؟
نعم هناك اخطاء يجب تصحيحها وهناك سياسات لا بد ان تتبدل وهناك وضع لابد ان يتغير وهناك تداول سلمي للسلطة لابد ان ياتي في موعده وبطريقة ديمقراطية, وكل هذا كان ممكنا ان يحدث باقل قدر من الخسائر للحفاظ على مكتسبات الامة وعلى امن الناس وارواحهم التي تزهق وعلى حقوقهم التي تغتصب وتنهب كل يوم, وكنا نستطيع كمجتمع مدني انجاز ذلك فقط عن طريق الحوار, او عن طريق الاحتجاجات السلمية التي كانت قد حققت ما تريد من اول تجاوب للسلطة معها !
الا يستحق الامر منا وقفة للحصول على اجابات على كثير من الاسئلة المحيرة التي بدات تصب فعلا باتجاه اننا نعيش ضمن اطار مؤامرة دولية على اليمن وعلى العالم العربي لاسباب تتعلق بوجودنا وثرواتنا وشبابنا, واننا ندفع كل هذا ثمنا لمواقفنا.!
هذه اصوات من لم تسمعوهم فتذكروها ان كنتم تدعون الحرص على اليمن واهله !
الحوار وحده الان كفيل بوقف الانهيارات التي سببها المشتركون وعلى الدولة ان تكون مستعدة للتضحية بالفاسدين وبمن لا يحترمون الحياة كقيمة انسانية, وان تمد يدها للشباب لانهم هم المستقبل, اما احزاب المعارضة العجوز فعليها ان تغادر الساحات التي ملاتها حقدا على البشر والحجر وان تترك الفرصة لقواعدها الشبابية المستقلة ممن لا يرتبطون بهم قرابة بان تحدد اختياراتها السياسية لمستقبل افضل لهم وللوطن ونتمنى على الشباب المستقل ان يفتحوا عيونهم على ما يدور حولهم من مؤامرات فانها لا تستهدف النظام وحده في اليمن وانما تستهدفهم ايضا, وكفى!
المصدر : ردفان برس https://rdfanpress.com/articles.php/userimages/2012/articles.php?lng=arabic&id=402اصوات

Scroll to Top