5-حروب-اعتبرها-التاريخ-تافهة-لكنها-لم-تكن-كذلك

5 حروب اعتبرها التاريخ «تافهة» لكنها لم تكن كذلك

اخبار اليوم الصحيفة, 5 حروب اعتبرها اخبار اليوم الصحيفة, 5 حروب اعتبرها

ثمة اسباب لشن حرب ما، يمكن اعتبارها منطقية او غير منطقية، مثل الاطماع الاقتصادية، او الاختلاف في الدين، او الايديولوجيا، او حتى تضخم الانا لزعيم الامة، ولكن كيف تقوم حرب وتخلف ضحايا ويمكن وصفها بحرب غبية او تافهة؟ فاذا اختلفت مع الاسباب، هل يمكن ان ترى الحروب التالية حقًّا تافهة؟ في السطور التالية تعرض لاسباب اندلاع حروب وصفها المؤرخون بالـ«اتفه على مر التاريخ»، لكنها تسببت في اراقة دماء مئات الالاف، ومن زوايا نظر اخرى ربما ترى انها لم تكن تافهة على الاطلاق.
1- امبراطورية «اشانتي» نموت نموت ولا تجلس على المقعد
كانت امبراطورية «اشانتي» في غانا قبل اكثر من قرن من الان تحت الاحتلال البريطاني، وكانت تقدس مقعدًا ذهبيًّا يرفع عليه الحاكم قدميه وهو جالس على كرسي العرش، وكان مصنوعًا من ذهب حقيقي، ولم يكن هذا المقعد ملكًا للحاكم وسلطته فقط، بل كان مقدسًا وذا منزلة خاصة عند شعب اشانتي باكمله، فلا يضع قدميه فوقه اي شخص غير الحاكم من جنسيتهم نفسها، حتى عندما كانوا ينقلونه كانوا يرفعونه على اكتافهم سيرًا.
رسم لاهل اشانتي يصور مراسم احتفالهم بعيد شعبي- المصدر: ويكيبديا
لم تهتم بريطانيا بمقدسات اشانتي، وهو سبب نشوب الحرب بين الطرفين، ففي عام 1896 نفت بريطانيا ملك اشانتي ورجالًا من سلطته الى سيشيل، وبقي شعبه بلا قائد، فعرض البريطانيون ملء الفراغ في السلطة، بتعيين ممثلًا للمملكة البريطانية، حتى مارس (اذار) 1900، وعليه وصل السير «فريدريك هودجسون» الى مقر سلطته الجديد، منتظرًا من السكان المحليين ان يرحبوا به باذرع مفتوحة باعتباره سيدهم الجديد، وهو الامر الذي لم يحدث، وفور وصوله الى مقره طلب المقعد الذهبي المقدس ليسند قدمه اليه وهو جالس على العرش، وهو ما كان بمثابة تجربة لتخسر كل من حولك في غمضة عين.
غضب شعب اشانتي، واعترضوا على طلب فريدريك علانية، ورد عليهم هو بان ارسل جنودًا للبحث عن هذا المقعد، وهناك كان ينتظرهم السكان المحليون بقيادة يا اسانتيوا، والدة الملك المنفي، ونجحوا في قتل الجنود جميعًا، وحاصروا مقر الحكم حيث فريدريك وبقية جنوده البريطانيين.
استمر حصار اهل اشانتي للمقر ثلاثة اشهر ونصف، حتى وصلت تعزيزات بريطانية من الطعام والذخيرة تراسها «جيمس ويلكوكس»، والذي قرر قلب الموقف، فاباد الريفيين، وذبح الاشانتيين، ودمر مدنهم، حتى فازت بريطانيا في نهاية الحرب، مخلفة 1007 قتلى من البريطانيين، والفي قتيل من اشانتي، ولكن الاشانتيين راوا انهم انتصروا رغم ذلك، فقط لانهم لم يتركوا للبريطاني الفرصة ليرفع قدمه على المقعد المقدس.
2- النمسا 1788.. ان تطلق الرصاص على قدميك انت ورفاقك
تعد «معركة كارانزيبيس» النمساوية عام 1788 واحدة من اغرب الحروب في التاريخ ان صح الوصف، اذ حارب النمساويون انفسهم وهزموها.
بين عامي 1787- 1791، دارت حرب نمساوية- تركية، وفي الوقت نفسه حرب روسية- تركية، وكانت النمسا حليفة روسيا.
بدات معركتنا في 17 سبتمبر (ايلول) 1788، بقوة نمساوية قرابة 100 الف جندي، اقاموا معسكرًا في ضواحي «كارانزيبيس»، انقسمت القوات لفريقين مساءً بحثًا عن الجنود الاتراك، فعبر سلاح الفرسان -وكانوا طليعة الجيش- نهر تيميس للبحث عن العدو التركي، ولكنهم لم يجدوا له اثرًا، ووجدوا بدلًا منه مجموعة من الغجر معهم مشروبات كحولية، فاشتروا منهم خمورًا وبدؤوا في الشرب والاستمتاع بليلتهم.
رسم تعبيري للحرب- المصدر: thinglink
لم يمر وقت طويل حتى عبر فريق المشاة النمساوي النهر، ووجدوا الفرسان في حالة سكر كاملة، فطلبوا منهم بعض زجاجات الخمر الا ان الفرسان رفضوا، والتفوا حول براميل الخمر، وتصاعد الامر فجاة.
بدات المعركة برصاصة اطلقها جندي نمساوي مخمور على زملائه، ولم يدر البعض بما يحدث فصاح المشاة «الاتراك، الاتراك»، فهرب الفرسان من مكان الحادث معتقدين انه هجوم تركي حقيقي، وما زاد الامر تعقيدًا ان الجيش النمساوي يتالف من جنود بخلفيات ولغات مختلفة، فلم يتمكنوا من فهم واستعادة بعضهم، حتى انهم لم يفهموا اوامر الضباط بالتوقف عن الجري مشتتين.
بينما كان الفرسان يهربون من معسكرهم اعتقد قائد عسكري نمساوي لم يفهم ماذا يحدث ان الفرسان الذين يتشاجرون مع المشاة تابعون للطرف التركي، وامر باضرام النار في المعسكر، ليخرج منه الفرسان مذعورين، وبدلًا من فهم ما يحدث، هربوا ثانية، حتى اطلقت قوات المدفعية النار في كل مكان، معتقدين ان الاتراك يحاصرونهم، ولكنهم في الواقع كانوا يطلقون الرصاص على زملائهم، واستمرت المعركة حتى انسحب الجيش بالكامل من امام عدو وهمي، ووصل الجيش التركي بعد يومين ليجد 10 الاف قتيل، واستطاع السيطرة على البلدة دون حرب.
3- حرب الباراجواي.. عندما تبيد بلدًا كاملًا
اذا سالت عن سبب اعتبار «حرب الباراجواي» تافهة فليس هناك اجابة منطقية، فهذه الحرب التي سُميت بـ«الحرب العظمى بامريكا الجنوبية» قد بدات في عام 1864، بسبب اعجاب «فرانسيسكو سولانو لوبيز» رئيس باراجواي بنابليون بونابرت، ورغبته في محاكاة افعاله في نواحٍ مختلفة في حياته، حتى انه شن حربًا ليصبح قائدًا عسكريًّا مهيبًا مثل نابليون الذي يخوض حروبًا كثيرة.
رسم تعبيري لحرب باراجواي- المصدر: steamcommunity
كانت باراجواي دولة مستقلة ومكتفية ذاتيًّا، ورغم خلفية حاكمها العسكرية وديكتاتوريته، الا انه فرض على دولته الاعتماد على مواردها، والانعزال عن دول امريكا الجنوبية؛ منعًا لتدخل اية دولة اجنبية في شؤون بلاده، ولكن ما حدث بعد ذلك ربما يجعلك تقلق من اي شخص هادئ ومنعزل.
اعلن لوبيز الحرب على البرازيل والارجنتين واوروجواي، وفيما كانت البرازيل تقدم دعمًا لدولة اوروجواي الوليدة، اغار لوبيز عليهما، فاتحدت الدولتان ضده، ثم طالت الحرب دولة الارجنتين بعد ثلاثة اشهر من ذلك الوقت.
انسحقت قوات باراجواي تمامًا، وهي التي بدات الحرب بالجيش الاكبر عددًا وافضل تدريبًا، الا ان الجيش اعياه القتال، وفي غضون عامين انتهت قوة باراجواي، واحتلتها القوات البرازيلية، ورغم ذلك لم يتوقف لوبيز، فابقى على القتال الدائر اربع سنوات من حرب عصابات كلفت وطنه الكثير ودمرته، حتى تخلى عنه كل رجاله واعلنوا استسلامهم، واخيرًا القت قوة برازيلية صغيرة القبض على لوبيز.
لم تكن القوات البرازيلية تنوي قتل لوبيز، ولكنه اختار الموت، فقد صاح مرات «اموت من اجل وطني»، حتى اطلق عليه 50 جنديًا الرصاص ليتفرق دمه بينهم. لم يكن احد متاكدًا من عدد الذين ماتوا في الحرب من جيش باراجواي، ولكن الخسارة قُدرت ما بين 60%- 90% من مجموع سكان البلاد، ما احتاج من الدولة قرنًا كاملًا لتتعافى مما حدث.
4- حرب كرة القدم.. ساهزمك على ارضية الملعب وساقتلك بعدها
اشتعلت «حرب كرة القدم» بين دولتين في امريكا الوسطى، وهما السلفادور وهندوراس في عام 1969، واشتهرت باسم «حرب المائة ساعة» لاستمرارها اربعة ايام. في الواقع كان هناك ازمة في الهجرة من والى البلدين، وازمة في التجارة، لكنها كانت خامدة ولم تدفع احد الطرفين الى اعلان الحرب، حتى كانت المباراة التي التقت فيها البلدان بتصفيات كاس العالم عام 1970.
التقت الدولتان ثلاث مرات في دورة كاس العالم هذه، المرة الاولى كانت على ارض هندوراس، وفازت فيها بهدف مقابل لا شيء، وشهدت المباراة بعض الشغب، ولكن تدهور الامر تمامًا في المباراة الثانية، والتي اُقيمت على ارض سلفادور، وكان منتخب هندوراس قد تحمل ليلةً بلا نوم قبل المباراة، مع قاذورات وجدها لاعبو هندوراس ومشجعوها في غرف الفندق، ما اشعل غضبهم حتى وقت المباراة.
Embed from Getty Images
لاعب كرة قدم سلفادوري يحكي احداث المباراة لوكالة فرانس برس.
بدات المباراة ورُفع علم سلفادور، وبدا النشيد الوطني فسخر جمهور هندوراس منه، واعترف مدرب منتخب هندوراس «ماريو غريفين» بعد خسارة فريقه بثلاثة اهداف مقابل لا شيء لصالح سلفادور، بان بال اللاعبين كان مشغولًا بكيفية الخروج من هذه الدولة على قيد الحياة، وانهم محظوظون بخسارتهم.
التقت الدولتان في المباراة الثالثة الحاسمة في المكسيك، في 27 يونيو (حزيران)، والتي فازت بها السلفادور بثلاثة اهداف مقابل هدفين، لتصعد السلفادور الى كاس العالم، فقطعت هندوراس علاقتها رسميًّا مع السلفادور، وبحلول 14 يوليو (تموز)، كانت السلفادور قد غزت هندوراس، وكانت اشد حرب شنتها القوات الجوية السلفادورية، فقد استخدمت الطائرات كقاذفات القنابل والمتفجرات، ودمرت قرى كاملة، حتى اعلنت منظمة الدول الامريكية وقف اطلاق النار، بعد وفاة 3 الاف جندي، واكثر من 300 الف مدني، وتدمير معظم بلدان الدولة.
5- حرب جزر الفوكلاند 1982.. طرق غبية لقتل اوقات الفراغ
كان الرئيس الارجنتيني جلتيري في ثمانينات القرن الماضي يرغب في تعضيد قوته، وتقنين حكمه الذي جاءه بانقلاب عسكري، لذا اراد بسط شكل من اشكال الحراك السياسي لاستعادة الروح القومية في بلاده، والتفاف الشعب حول زعيمه، والامتثال لاوامره، وانتهى تفكيره بان يطالب بضم جزر الفوكلاند لاراضي الارجنتين، ونجح مؤقتًا في تحويل احتجاجات الشعب على الازمة الاقتصادية وانتهاك حقوق الانسان الى حماس قومي.
رسم تعبيري- المصدر: colonialvoyage
قرر جلتيري غزو جزر فوكلاند بعد يومين من اعلانه طلب ضم الجزر لارضه، قصد استرجاعها، اذ سيطرت عليها منذ عام 1816 بعد استقلال الارجنتين عن اسبانيا، لتستعيدها بريطانيا عام 1833 دون مقاومة وتعلنها مستقلة في عام 1845، وتشكل حكومة مستقلة، مع وجود قوة عسكرية بريطانية لحفظ الامن، وتقع الجزر قبالة ساحل الارجنتين، وظن جلتيري انه سيكون من السهل عليه الوصول اليها، بالاضافة الى بعدها الشديد عن بريطانيا بحوالي 8 الاف ميل في المحيط الاطلنطي، فظن انها ستتردد في دخول حرب في قارة اخرى من اجل جزر لم تعد تخصها.
في 19 مارس 1944، استولت القوات الارجنتينية على جزيرة جورجيا الجنوبية، قبل شن هجوم واسع النطاق على جزر فوكلاند في الثاني من ابريل (نيسان)، واحتجاز قوات مشاة البحرية التي كانت تحمي الجزر، ونجح جلتيري في غزوته. ورجح ان بريطانيا لن تحرك ساكنًا بدلًا من ان تخوض حربًا ابدية مع الارجنتين، ولكن ما نسيه جلتيري هو ان رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت كانت العنيدة «مارجريت تاتشر».
ردت بريطانيا على هجوم الارجنتين على جزر الفوكلاند، واستعادت الجزر كاملةً، بعد ما شنت اضخم هجوم برمائي منذ 6 يونيو 1944. وبعد ثلاثة اشهر من القتال الدائر جوًّا وبحرًا وبرًّا، انسحبت قوات الارجنتين تمامًا، واطاحت ثورةٌ حكمَ جلتيري بعد دخوله في حرب سقط فيه الف جندي.5 حروب اعتبرها التاريخ «تافهة» لكنها لم تكن كذلك

Scroll to Top