اخبار اليوم الصحيفة, الشاي التركي… مشروب اخبار اليوم الصحيفة, الشاي التركي… مشروب
خطر لمحطة تلفزيونية تركية منذ عامين، ان تجري استطلاعاً بشوارع اسطنبول حول سؤال “ماذا لو تم منع شرب الشاي بتركيا” فكانت الاجابات تلخيصاً لمدى ولع الاتراك بهذا المشروب، وتعلقهم به والذي تعدى كونه طقساً، ليقترب ربما، من الخطوط الحمر او الادمان.
يرد رجل على سؤال لو تم منع شرب الشاي، بقوله “لا يمكن، الشعب ينتفض ويتظاهر” ويرد اخر “حياتنا ستنتهي، الشاي يعني الحياة” ويقول ثالث “اذا منع الشاي ستقوم ثورة”.
وباجابة شاب صغير، يمكن رؤية المفاجاة وعدم، مجرد حتى التفكير بمنع الشاي “لمجرد طرح الفكرة تلعثم لساني” لتختم سيدة خلال الاستطلاع التلفزيوني ” كنا انتهينا، لا يمكن العيش بدون شاي”.
يمكن من تلك الاجابات، معرفة تاثير الشاي بحياة الاتراك الذين يربطونه بكل جلسة وطقس ووجبة طعام، بل ويقولون بامثالهم الشعبية “محادثة دون شاي، كسماء الليل دون قمر”.
يقول صاحب مقهى بمنطقة درامان باسطنبول، يدعى سيرين الطاي: شرب الشاي عادة لدى الاتراك، ان بالمنازل خلال وجبة الافطار مع الكعك التركي “السميت” او بالمقاهي المنتشرة بكثرة وبجميع مدن وشوارع تركيا، واصفاً الحالة “بالادمان” ولا يمكن التخلي عنه.
وحول طرق اعداد الشاي التركي، يضيف الطاي لـ”العربي الجديد” تختلف طريقة اعداد الشاي التركي عن غيرها، فهنا نملا ابريقين، الاول كبير مملوء بالماء المغلي وفوقه ابريق صغير مملوء بخمير الشاي، ويتم سكب الخمير ومن ثم الماء الساخن فوقه، على حسب رغبة الزبون، فالبعض يفضل الشاي المركز “ديمليه” واخرون بفضلونه عادياً “نورمال” مشيراً الى ان الشاي التركي وبحكم عدم غليانه، يكون النيكوتين فيه اقل وغير ضار.
ويقدر صاحب المقهى التركي عدد كؤوس الشاي التي يشربها التركي يومياً، بنحو عشر كؤوس صغيرة، ويشرح بحديث لـ”العربي الجديد” كيف باتت تركيا و”مدن البحر الاسود، كاوردو خاصة” من اهم مواطن زراعة الشاي، حيث يساعد المناخ، لوجود اكثر من 300 يوم مشمس في العام، ووفرة الامطار في فصل الشتاء، على شروط زراعة الشاي وجمع ما يكفي من محصول جيد.
وحول انواع الشاي بتركيا، يشير صاحب المقهى الطاي، الى ان بتركيا انواعا عدة من الشاي، الاسود وشاي الاعشاب مثل البابونج والكافور والمانجو، وهناك شاي مفيد جدا من اوراق شجرة الزيتون، وهناك الشاي الاسود المخلوط مع الفواكه كالتوت والاناناس والليمون والبرتقال والزهور، وهناك الشاي الابيض الذي بدا ينتشر اخيراً، لكنه غالي الثمن.
ولا يبتعد المتقاعد خليل اقطاي عن راي سابقه، بل يزيد بان بلده يصدر الشاي لاكثر من 110 دول حول العالم، وساهم بنقل ثقافة الشاي، منذ مطلع القرن الثامن عشر، ويتابع مبتسماً “الشاي مشروب رخيص ومفيد، كل اربع كؤوس شاي تساوي سعر فنجان قهوة”.
ويبيّن التركي اقطاي ان طقس الشاي دائم بالبيت التركي، حتى خلال حفلات الاعراس والزيارات العائلية “لا تحسب الزيارة ان لم تقدم للضيف الشاي.
وسالنا المتقاعد التركي عن “اطيب” كاس شاي شربها بحياته، فقال: في مقهى “اسماعيل دمير” في ولاية “بولو” لانه يحضر الشاي على نار حطب البلوط والصنوبر، وليس على الغاز او الكهرباء، كما انتشر بتركيا، لافتاً ان صاحب المقهى دمير، لا يحدد سعر كاس الشاي، بل يتركه حسب ما يريد الزبون.
ويتاثر المقيمون بتركيا بطقس الشاي، فجل السوريين هجروا انواع الشاي التي اعتادوا عليها، رغم وجود العديد من المنشات السورية التي تصنع الانواع ذاتها التي كانت موجودة بسورية.
ومن السوريين الذين يتغنون بالشاي التركي، ولا تخلو منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي من “الشاي التركي” الاعلامي احمد العقدة.
ويقول العقدة لـ”العربي الجديد” لم استسغ طعم الشاي التركي حينما اتيت الى هنا قبل ست سنوات، ولكن بعد رؤيتي طرق الاعداد وعادة تقديم الشاي المستمرة طيلة اليوم، بدات اغيّر رايي تدريجياً، وخاصة بعد معرفتي ان تركيا من مواطن زراعة الشاي وفيها انواع فاخرة وليست كالتي كنا نستهلكها بسورية.
ويضيف العقدة، هنا الشاي ضمن اهم اولويات ثقافة مقاهي الارصفة، ولا يمكنك الفرار من تلك العادة، وخاصة حينما تبدا بتذوق الفارق مع الشاي التركي، خاصة الانواع الفاخرة التي تاتي من مدينة ريزة والتي يصل سعر الكيلو منها الى اكثر من 500 ليرة تركية “سبقت الاتراك الان واشرب بمعدل 20 كاس شاي يومياً”.
وتشير المراجع الى ان ثقافة الشاي، وصلت الى اسطنبول في عام 1856 مع قدوم الجنود البريطانيين والفرنسيين الى المدينة حلفاء في حرب القرم التي اندلعت في عام 1853. وقتها صارت حفلات الشاي التي اقيمت في السفارات رائجة ايضا بين افراد المجتمع البارزين، وبدا الاتراك يعيدون تقديم الشاي. وفور ان عرف الشاي طريقه الى بيوت اسطنبول، لم يكن يقدم للضيف فنجان من القهوة فقط، بل كان يقدم له الشاي ايضا.
واما “السماور” او ابريقي الشاي، فقد وصلت الى الاناضول مع المهاجرين القادمين من القوقاز في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ومع ذلك فقد صار الشاي والسماور ذائعين الى حد انهما صارا جزءا لا يتجزا من الحياة اليومية، ويحكى بالاوساط التركية ان السلطان عبد الحميد الثاني، احب الشاي، في حين كان السلطان محمد الخامس مدمنا لشربه. وزرعت بذور الشاي التي جلبت من اليابان في عام 1878 في مدينة بورصة، لكن اخفقت محاولة زراعته. وعندما اتضح ان منطقة البحر الاسود اكثر ملاءمة، زرعت بذور الشاي في مدينة باتومي عام 1918 كما عُرف علي رضا ارتين، مدير مدرسة الزراعة، بانه اول شخص حاول زراعة الشاي في تركيا. ليصدر بعد ذاك، قانون زراعة الشاي في عام 1924، وجلبت بذوره من باتومي الى مدينة ريزا، وكانت النتائج واعدة. وتاسس اول مصنع للشاي في تركيا في المدينة نفسها عام 1947.
ولشدة ولع الاتراك بالشاي، اقاموا العام الفائت، اول معرض للشاي بمدينة اسطنبول، بهدف التقاء جميع الشركات التركية والاجنبية الرائدة والعاملة في هذا القطاع، للتعاون والتطوير والتعرف على اخر التطورات المستخدمة في انتاج الشاي.
بل وبدا في مدينة ريزة شمالي تركيا، العمل على مشروع انشاء اكبر سوق للشاي في المدينة، تمتد على مساحة 9 الاف و520 مترا، فضلاً عن تمثال لكاس الشاي يتوسط المدينة.
….
بقي ان نقول ان تركيا تصدر الشاي الى 110 دول حول العالم، من بينها دول اوروبية، فضلًا عن الصين وسنغافورة والسعودية وروسيا، حيث تحتل تركيا المرتبة الخامسة في العالم من حيث انتاج الشاي والمرتبة الثالثة من حيث الاستهلاك، وكسبت تركيا نحو 25 مليون دولار من صادرات الشاي العام الفائت اثر تصدير نحو 5 الاف طن من الشاي.الشاي التركي… مشروب وطني اجتاح العالم