اخبار اليوم الصحيفة, كيف لبست العبودية اخبار اليوم الصحيفة, كيف لبست العبودية
لم تعد العبودية مجرد بقايا تاريخية، فقد انتشرت بشكل كبير بعد مرور اكثر من قرنين على حظرها، وبات اكثر من 40 مليون شخص في جميع انحاء العالم ضحايا لها، تحت اسم “الاسترقاق الحديث”.
وفشلت القوانين الدولية وحقوق الانسان ومطالبات المنظمات الحقوقية في حماية الاشخاص الذين يذعنون للعبودية، رغم كل المحاولات لانقاذهم، وباتت العبودية تتفشى في جميع المجتمعات، وبفعل تجارة الرقيق استطاع كثيرون تكوين ثروات طائلة.
وفي العام 1807 اقر برلمان المملكة المتحدة قانوناً بعنوان “الغاء تجارة الرقيق”، وتم الغاء هذه التجارة في الامبراطورية البريطانية، ولا سيما تجارة العبيد عبر الاطلنطي، وضغط على دول اوروبية لاتخاذ نفس الموقف، لكن ذلك لم يلغ العبودية نفسها.
واعلن بعدها الرئيس الامريكي ابراهام لنكولن تحرير العبيد في يناير من العام 1863، وغيّر الوضع القانوني الاتحادي لاكثر من 3 ملايين مستعبد بمناطق معينة من الجنوب الامريكي من “رقيق” الى “حرّ”.
وعلى الرغم من ان الاسترقاق الحديث غير معرّف في القانون، فانه يستخدم كمصطلح شامل لممارسات مثل العمل الجبري، واستعباد المدين، والزواج القسري، والاتجار بالبشر.
حالات خطيرة
ولمحاربة الاسترقاق خصصت منظمة الامم المتحدة يوماً عالمياً تحت اسم “اليوم الدولي لالغاء الرق”، وهو الثاني من ديسمبر، وفيه تشير الى حالات الاستغلال التي لا يمكن للشخص ان يرفضها او يغادرها بسبب التهديدات والعنف والاكراه والخداع او اساءة استعمال السلطة.
ومن الحالات الخطيرة لهذا الاسترقاق ما يتعرض له اكثر من 150 مليون طفل من عمالة الاطفال، وهو ما يمثل قرابة واحد من كل عشرة اطفال في جميع انحاء العالم.
ويُقدر عدد الاشخاص الذين يعيشون في الرق الحديث بنحو 40.3 مليون شخص، اندرجوا تحت اشكال عدة من العبودية؛ ومنهم: 24.9 مليوناً في السخرة (العمالة القسرية)، و15.4 مليوناً في الزواج القسري، وهناك 5.4 ضحايا للرق الحديث لكل الف شخص في العالم، و1 من بين كل 4 ضحايا للرق الحديث هم من الاطفال.
ومن بين 24.9 مليون شخص محاصرين في العمل الجبري يتم استغلال 16 مليون شخص في القطاع الخاص مثل العمل المنزلي او البناء او الزراعة؛ و 4.8 ملايين شخص في الاستغلال الجنسي القسري، و4 ملايين شخص في السخرة التي تفرضها سلطات الدولة.
وتتاثر النساء والفتيات بصورة غير متناسبة بالعمل الجبري، اذ يمثلن 99% من الضحايا في صناعة الجنس التجاري، و58% في القطاعات الاخرى.
عبودية مخفية
وبعض الاماكن تكون فيها العبودية موجودة ولكنها مخفية، وقد تتعامل مع شخص يصنف كعبد او رقيق وانت لا تعلم، واغلب هؤلاء الضحايا من دول مثل البانيا وفيتنام ونيجيريا ورومانيا وبولندا.
ففي العاصمة لندن، توجد العبودية في صالونات التجميل ومغاسل السيارات والفنادق، بحسب ما بينت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية.
وتصنف التجارة بالبشر ثالث اكبر تجارة اجرامية بعد كل من المخدرات والسلاح، كما توجد ضمن سلسلة عالمية من العرض والطلب، والتي تدر على تجارها ارباحاً طائلة.
ويبدا طريق العبودية من قلة الحيلة والعجز والفقر والحاجة، ويشق الفرد طريقه فيه وهو لا يعرف نهايته، حتى يجد نفسه متورطاً لا يعرف كيف يعود ولا يتحكم في باقي مسيره تحت اذعانه للتهديد والوعيد.
ويستفحل استغلال البشر على الرغم من مساعي الامم المتحدة لمكافحة الرق، الذي يتعارض مع المادة الرابعة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والتي تنص على انه “لا يجوز احتجاز اي شخص في العبودية، ولا تجوز تجارة الرقيق بجميع اشكالها”.
كما تنتشر العبودية مع انتشار الحروب في العديد من الدول العربية، ففي ليبيا اثارت تجارة بيع المهاجرين الافارقة التنديد والاستنكار من قبل جهات رسمية وحقوقية، وانتقل هذا الغضب الى المستوى الشعبي.
عبودية تحت غطاء الزواج
وتحت اسم العبودية يندرج ايضاً زواج القاصرات، الذي تجبر فيه الفتيات الصغيرات على الزواج.
وكشفت منظمة اليونيسيف في تقرير لها ان نسبة النساء اللواتي تزوجن وهن في سن الطفولة بلغ نحو 15% خلال السنوات العشر الماضية.
ووفقاً لتقرير المنظمة، يقدر عدد الفتيات المتزوجات في مرحلة الطفولة حالياً بنحو 12 مليوناً في السنة.
ويظل انهاء هذه الممارسة بحلول العام 2030 الهدف المحدد في اهداف التنمية المستدامة، ولهذا يدعو التقرير الى ضرورة تسريع وتيرة التقدم بشكل كبير.كيف لبست العبودية ثوباً جديداً بعد قرنين من حظرها؟