اخبار اليوم الصحيفة, ما السلفية؟.. كتاب اخبار اليوم الصحيفة, ما السلفية؟.. كتاب
للوهلة الاولى يبدو من الصعب ان يضيف كاتب جديدا بشان موضوع السلفية بعد كل ما كتب عنها طوال العقود الماضية، لكن المفكر عزمي بشارة اضاف الى المكتبة العربية بحثا تحت عنوان “في الاجابة عن سؤال: ما السلفية؟” محاولا تقديم اضافة حقيقية عن هذه القضية المثيرة للجدل.
الجديد في الكتاب انه تناول الظاهرة من مداخل غير تقليدية، حيث استخدم المنهج التاريخي التحليلي والنقدي، وظهرت فيه بصمة الكاتب الذي درس والف في الفلسفة وعلم الاجتماع وحتى الادب والسياسة.
ويمثل الكتاب مساهمة مهمة على المستويين النظري والتحليلي التاريخي النقدي في فهم ظاهرة السلفية على مختلف اتجاهاتها، ويتميز بقدراته التفكيكية للمفاهيم الشائعة وتبسيطها وفتح افق معرفة جديدة لها.
في بداية الكتاب حاول بشارة تعريف الظاهرة (السلفية)، وفك شفرة المصطلح الذي بث فيه الامام احمد بن حنبل الروح في القرن الثالث الهجري، وذاع صيته على يد ابن تيمية، قبل ان يبعث من جديد بقوة من خلال الحركة التي اسسها الامام محمد بن عبد الوهاب في القرن الـ11 للهجرة.
وقد لفت الكاتب النظر الى تعدد مفهوم السلفية مفرقا بشكل اساسي بين السلفية الاصلاحية وتلك الدعوية والعلمية وحتى الجهادية، كما فرق بشارة بين السلفية والوهابية، واوضح العلاقة بين سلفية “اهل الاثر” الاولين وسلفية ابن تيمية وصولا الى السلفية الوهابية.
ويحصر الكتاب معنى مصطلح السلفية في ثلاثة معانٍ، هي العودة الى الكتاب والسنة، ونبذ البدع، وانكار المحدثات، ويحاول الكاتب الربط بين مفهوم السلفية ومفهوم الاصولي ويظهر حجم الاختلاف بين المفهومين.
الكتاب الذي تتجاوز صفحاته مئتي صفحة متوسطة الحجم ياتي فصله الثاني بعنوان “عن التكفير”، ويؤرخ لمدى تاثر الحالة السلفية بالتكفير والتاثير فيه، لكن هذا الفصل -وعلى عكس سابقه- حمل روحا تعميمية ولم ياخذ في الاعتبار التنوعات الواسعة في التيار السلفي، ففي احدى فقراته اعتبر الكاتب ان “السلفيين الطهرانيين” يميلون الى عدم الاختلاط بغير السلفيين ويبدّعونهم، ويقولون بمقاطعتهم اجتماعيا في الحد الادنى حتى لو كانوا ابناء عائلة واحدة.
اما الفصل الثالث فيناقش “السلفية والحركات الاسلامية” وكيفية “ماسسة” السلفية في السعودية من خلال هيئة كبار العلماء وغيرها، وكيف تاثرت السلفية بالتيارات الاسلامية الاخرى واثرت فيها كما حدث مع جماعة الاخوان المسلمين التي اسسها حسن البنا في 1928 في مصر.
اما الفصل الاخير من الكتاب -الذي اصدره المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات- فيتناول “الوهابية في هذا السياق”، وفي هذا الفصل يصف المؤلف الحركة الوهابية بانها اشبه بتاسيس دين جديد عبر تخيل التماثل مع بزوغ نجم الاسلام في مكة والمدينة.
واشار الى ان الوهابية صارت حركة دعوية وتبشيرية جراء ماسسة العلاقة بين الدعوة والسلطة، وهي نظرة تختلف كثيرا مع مفكرين قوميين ايضا -مثل برهان غليون- الذين راوا الحركة الوهابية كاحدى محاولات احياء الامة وانبعاثها.
وفي نادي الصالون السياسي الطلابي في معهد الدوحة للدراسات العليا الذي عقد امس السبت في المعهد تداول بشارة مع مجموعة من طلاب المعهد عرضا شاملا لمفهوم السلفية من خلال كتابه، واجاب عن اسئلة الحضور، مؤكدا ان هذا الكتاب يضع مصطلح السلفية في اطاره التاريخي.
واعتبر بشارة ان مصطلح السلفية يروج له في الدراسات العربية وكذلك السوق البحثية لدراسات الاسلام على انه يخص طريقة تدين متزمت في الجزيرة العربية، غير ان هذا الضرب من التدين ليس حكرا على الجزيرة العربية، بل يشمل كذلك المجتمع الشيعي.ما السلفية؟.. كتاب جديد للمفكر عزمي بشارة