اخبار اليوم الصحيفة, اثار موغلة في اخبار اليوم الصحيفة, اثار موغلة في
مواقد للنار وبقايا سلاحف واسماك، وقطعة حبل يشاع انها اول حبل عرفته البشرية، وقبور اثرية وموانئ بحرية بقيت ماثلة للعيان توثق لخطوات الانسان الاولى على ارض سلطنة عمان التي تمتد الى ازمنة سحيقة.
فقد بثت وزارة التراث والثقافة العمانية سلسلة تلفزيونية معرفية بشان ابرز ثلاثين موقعا اثريا في عُمان منذ ما قبل الميلاد وحتى العصر الاسلامي.
وتعد منطقة الوطية وسط العاصمة العمانية مسقط اقدم مستوطنة بشرية في البلاد اكتشفت فيها مواقد للنار تعود الى العصر الحجري والهولوسين، كما وجدت اصداف منثورة على تلال راس الحمراء في مسقط تعود الى 6000 سنة قبل الميلاد.
وكانت بقايا سلاحف واسماك كفيلة بان تذكي في علماء الاثار جذوة اكتشاف اقدم مجتمع صيد في شبه الجزيرة العربية عبر بوابة كهف ناطف بولاية سدح (جنوب) المطلة على بحر العرب، في حين تتدلى قطعة حبل يشاع انها اول حبل عرفته البشرية كما يشير الى ذلك كتاب “الخليج العربي وحدة حضارية عبر العصور” ومتحف الزبير الاثري.
وفي اكبر تجمع للابراج الحجرية وجدت قبور اثرية قائمة باتجاه السماء تربو على الالف في مناطق بات والخطم والعين بولاية عبري (شمال) التي ادرجت ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي في اواخر العقد الثامن من القرن الماضي، وهي تمثل مشهدا حيا ومهيبا للتجمعات البشرية في الالفية الثالثة قبل الميلاد.
قصص اسطورية
واحتضنت ولاية صور (شمال شرق) قطعا فخارية في منطقة راس الجنز ذات نقوش وزخارف تدلت من مستوطنات بنيت من الطوب اللبن والحجارة، وميناء لا تزال اثار السفن الراسية عليه تحكي قصصا اسطورية لسبر العمانيين اغوار البحار منذ زمن بعيد.
وفي الجنوب، ظلت منطقة وبار في محافظة ظفار بقلعتها ماهولة منذ مطلع العصر الحجري، وقال عنها الرحالة الحميري المعروف انها ارض لعاد.
وفي قلب محافظة الداخلية (وسط) اثار خيول لحروب طاحنة قديمة تعود الى الالفية الثالثة قبل الميلاد، اذ يصمد البرج الكائن بموقع سلوت في ولاية بهلاء، وهو غائر بالارض عبر ركائز صخرية عملاقة يصل سمكها الى ما يزيد على ثلاثة امتار.
وبالاتجاه قبالة شمال الشرقية عبر موقعي الميسر وسمد الشان تتراءى مخلفات افران صهر النحاس والحفر الدائرية واختام حجرية منقوشة باشكال حيوانية وبشرية كالختم المنشوري، مما يترجم انتعاش رحلات التبادل التجاري بين بلاد السند وعُمان خلال الالفية الثالثة قبل الميلاد.
ويعود رفات رجل في موقع العيون بنيابة سناو في محافظة الشرقية الى ما يعتقد انه زعيم لقبيلته مع اسلحته المصنوعة من الحديد المبطن بالفولاذ، وقد كان دليل علماء الاثار على قدم التواصل بين عُمان وما جاورتها من حضارات مزدهرة، كالحضارة الهندية التي اشتهرت بصناعة السيوف الفولاذية في العصر الحديدي.
كتابات صخرية
اما قمم جبال السحتن في محافظة الباطنة (شمال) فتضج بالرسومات والكتابات الصخرية وتسرد تاريخ التجمعات البشرية عبر العصور، منها ملامح افراح لنساء مجتمعات، ولمعارك وحيوانات ترجع الى الالفية الثالثة قبل الميلاد، بعضها كتب بالخط الحميري من خلال نصب تذكارية.
والى اقصى الشمال، ترقد مقابر دبا الاثرية في محافظة مسندم منذ 2000 سنة قبل الميلاد، وحسب تقرير البعثة الايطالية بجامعة بولونيا فان ابرزها يعود الى الحقبة المبكرة من العصر الحديدي، ويصل طوله الى 14 مترا وعرضه ثلاثة امتار دفن فيه نحو 190 هيكلا عظميا مرفقة بالكثير من اللقى الجنائزية (بقايا) التي تنوعت بين الاواني الفخارية والحجرية والبرونزية والسيوف والخناجر والسهام والحراب والفؤوس البرونزية وحلي ذهبية وبرونزية محلية الصنع ومستوردة من الحضارات المجاورة.
يضاف الى ذلك ختم اسطواني من الحجر الصابوني موشوم بعلامات ذات طابع اشوري من خلال تمازج راس انسان مع ثور في بلدة المضمار بولاية ادم (وسط) دلل على النشاط التجاري بين عُمان ودلمون والسند وبلاد الرافدين، اضافة الى مجسمات الافاعي البرونزية ومئات من رؤوس السهام التي حملت مضامين وطقوسا دينية تعود الى العصر الحديدي.
وتظل مدينة سمهرم التاريخية في ولاية طاقة بظفار حافلة بمشاهد الاستيطان البشري لعصور ما قبل التاريخ الى ما يدنو من ستين الف سنة قبل الميلاد كما يشير الى ذلك تقرير مكتب جلالة السلطان للشؤون الثقافية، حيث ذاع صيت مينائها التجاري، وكانت حلقة وصل بين الشرق والغرب، وازدهرت فيها الحياة وتنوعت الثقافات، فضمخ اللبان مبخرة المعابد، وتربعت المدافع على حصونها وابراجها الشاهقة، وتسورت المدينة بهندسة معمارية بديعة، وانتشرت في ربوعها انشطة التعدين والافران الفخارية العملاقة.
عقير الشموس
وفي جانب اخر مضيء بمحافظة الظاهرة (شمال غرب) يسطع نجم “عقير الشموس” في ولاية ينقل كاول موقع اثري متخصص في انتاج الحجر الصابوني بالسلطنة والخليج العربي، وهو يعود الى ايام غابرة حتى مطلع الالفية الاولى قبل الميلاد، وقيل ان نحو ثمانمئة قطعة من الاواني الحجرية التالفة وجدت اثر عملية تصنيع قديمة.
واشار تقرير وزارة التراث والثقافة العمانية المتلفز الى ان مدينة البليد الاثرية بجنوب عُمان مدت جسور تعاونها التجاري مع مناطق -مثل الهند ودول جنوب شرق اسيا والصين وموانئ شرق افريقيا- ورد ذكرها لدى الرحالة والمستكشفين، مثل ابن المجاور وماركو بولو وابن بطوطة وقائد الاسطول الصيني زنغ هي، كما تبادلت البليد الوفود الرسمية مع البلاط الامبراطوري في الصين.
وعبر تلال منطقة المزيونة في الشمال الغربي من محافظة ظفار المتاخمة للحدود اليمنية، عثر على دلائل حجرية استعملت في العصر الحجري القديم من خلال ادوات ومحامل واسلحة وعظام متحجرة، وبحيرات مائية مترسبة منذ امد طويل.
وتحظى مدينة قلهات -التي ادرجت على لائحة التراث العالمي لليونسكو 2019- بالعديد من القصص والاساطير القديمة التي تروى عن تاريخها، خصوصا ضريح “بيبي مريم” الذي تحول الى مادة ادبية في مدونات ومؤلفات بعض الكتاب العمانيين.
وهذه المدينة -التي تعد اقدم مدينة عمانية- تحكي انفتاح عُمان على العالم عبر المحيط المتصل والمتسع، فكان اهلها على الدوام صدرا رحبا لجميع القادمين من مختلف فجاج الارض.اثار موغلة في التاريخ العُماني.. حضارات مرت من هنا