اخبار اليوم الصحيفة, عبقرية المعمار.. 69 اخبار اليوم الصحيفة, عبقرية المعمار.. 69
يوافق اليوم 31 اكتوبر/تشرين الاول الجاري ذكرى ميلاد المهندسة المعمارية العراقية البريطانية زها حديد (1950: 2016) المراة الشجاعة التي رفضت ان تستمر في التوقعات المهنية النسائية بالهندسة المعمارية، واقتحمت مجالا يسيطر عليه الرجال بشكل كبير.
ظهر تفردها في اسلوب عملها وفي طريقة تقديمها لذاتها حتى تركت بصمة كبيرة على المشهد المعماري العالمي المعاصر، وتعتبر من اشهر معماريات عصرها.
حصلت على العديد من الجوائز المرموقة على مدار مسيرتها المهنية، اهمها جائزة برتزكر للهندسة المعمارية 2004، وجائزة ستيرلنغ عامي 2010 و2011 والميدالية الذهبية الملكية ضمن جائزة ريبا للفنون الهندسية.
التفكيك والحركة
تتميز تصميمات حديد الهندسية بالجراة، مع احساس بالتفتت وعدم الاستقرار والحركة. قادها هذا الاسلوب التفكيكي الى نفس التصنيف مع كبار مهندسي الهندسة المعمارية التفكيكية التي تعتبر واحدا من الاشكال المعمارية التي ظهرت في القرن العشرين باميركا واوروبا بفضل استخدام برامج تصميم تم تطويرها من برامج صناعة الطائرات.
تعارض البنية التفكيكية في الهندسة البنية المنطقية التقليدية، وتتبع في تصميماتها خطوطا غير مستقيمة متعددة المناظير، لينتج التصميم في النهاية قائما على تحريف او تفكيك الخطوط المعمارية، الامر الذي يتماشى مع جوهر التفكيكية الفلسفية والفنية للمفكر الفرنسي جاك دريدا. وتمثل الهندسة التفكيكية ثورة على التراث الهندسي الاقليديسي والافكار الكلاسيكية، وتتجه نحو الثورة والانقلابية على الماضي.
عيوب واجهت التنفيذ
اوائل الثمانينيات عرفت حديد باسم مهندسة الورق، مما يعني ان تصميماتها كانت حداثية وطموحة جدا، بحيث لا يمكن ان تتجاوز مرحلة الرسم، ليتم تنفيذها بالفعل. زاد هذا الانطباع بعدما عرضت تصميماتها بشكل منفصل كلوحات تجريدية ملونة بالمتاحف الكبرى.
حتى بعد ان عززت نفسها في عالم الهندسة المعمارية واجهت مبانيها عدة مشاكل بمراحل التنفيذ، ابرزها التكلفة المالية العالية لتحويل الرسوم الى واقع معماري، بالاضافة الى عدم اخذها في الاعتبار تفاصيل تتعلق بالاستخدام الجماهيري للمباني، والذي يحتاج الى الوضوح في اماكن الممرات والابواب، عكس الغموض الذي يكتنف الكثير من تصميمات حديد، لان تنفيذ مبانيها تقنيا يفقدها الكثير من السهولة الوظيفية المطلوبة للجمهور، في سبيل التنفيذ الجمالي لافكارها.
تاتي التكلفة المرتفعة في تصميمات حديد بشكل رئيسي بسبب الانحناءات والاشكال الهندسية غير المنتظمة، لانها تتكلف اكثر من الخطوط البسيطة والاشكال غير المعقدة. لذا يمكن اعتبار ان مقاربات حديد المعمارية اهتمت بالشكل اولا، ثم وسائل تنفيذه، لتطرح مبانيها جدلا حول جوهر الهندسة المعمارية والتي يجب ان تجمع بين الجمال والوظيفية في ان واحد، مقابل الطرح الذي يعزز اهمية الخيال والبعد بشكل ما عن المنطق الذي كان ربما يعمل على واد العديد من المباني العظيمة حتى قبل ولادتها مثل: قصر ويستمنستر، دار اوبرا سيدني، مركز بومبيدو، ومعظم اعمال غاودي.
تكمن النظرية الفلسفية وراء معمار حديد في التصميم الثوري الذي يمكن ان يحدث ثورة صغيرة، ويشجع التفاعلات الديناميكية بين المواطن والمعمار. لكن اغلب اعمال حديد تعتبر ايقونات او اثارا في شكل عصري، لانها لا تترجم حرية الشكل المصمم الى حرية لمستخدميه. كان بامكانها ان تختار بين طريقين في بداية توهجها كمعمارية، الاول معالجة درجات الصعوبة والتكلفة العالية التي تتطلبها تحقيق اعمالها بطرق تجعل المباني اسهل في التعامل اليومي الجماهيري، او ان تبدا في تصميم ايقونات اكثر انفصالا عن الجمهور ومتطلباته وهو ما اختارته حديد.
اهم مبانيها
كان اول مشروع صممته حديد هو محطة اطفاء فيترا بمدينة فيل ام راين بالمانيا، والذي يتكون من سلسلة من الاجنحة ذات الزوايا الحادة ليشبه هيكله في النهاية هيكل طائر اثناء الطيران. استمر العمل في المشروع من عام 1990: 1993، وبعد فترة تحول المبنى من وظيفته الرئيسية الى متحف.
عززت حديد شهرتها كمهندسة معمارية عام 2000 عندما قامت بتصميم مركز لويس وريتشارد للفن المعاصر في اوهايو. تبلغ مساحة المركز 7900 متر مربع وتم افتتاحه عام 2003 كاول متحف اميركي صممته امراة.
يقع المركز وسط مدينة سينسناتي، وهو مكون من سلسلة من المكعبات الراسية وبينها فراغات. يتميز الجانب المواجه للشارع بواجهة زجاجية شفافة تدعو المارة الى النظر لاعمال المتحف في كسر للقاعدة السائدة عن المتحف كمساحة نائية او بعيدة.عبقرية المعمار.. 69 عاما على ميلاد زها حديد