اخبار اليوم الصحيفة, اقدم مكتبة عامة اخبار اليوم الصحيفة, اقدم مكتبة عامة
اعتنت مكتبة “مازارين” بكتب ومخطوطات نادرة جرى حفظها بعناية فائقة منذ اربعة قرون على رفوف وخزائن قديمة، لتتيح لكل من يزورها فرصة الغوص في التاريخ والاستمتاع برائحة الكتب القديمة والنادرة المثقلة بارث ادبي وثقافي لا يقدر بثمن.
تعد “مازارين” اول مكتبة عمومية في فرنسا، وتقع في قلب العاصمة باريس قرب جسر الفنون حيث متحف اللوفر في الضفة المقابلة، ويعود تاريخ تاسيسها الى القرن 17 على يد الكاردينال والدبلوماسي الفرنسي جول مازارين (1602ـ1661).
وبالاضافة الى قيمتها الثقافية والتاريخية، اشتهرت هذه المكتبة بحكاية عاشقها السري الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران وحبيبته ان بنجو التي انجبت منه ابنة سميت باسم المكتبة حيث التقيا لاول مرة، وهي اليوم الكاتبة الفرنسية مازارين بنجو التي كانت مخفية عن الصحافة لسنوات عديدة، الى ان نشرت مجلة “باري ماتش” صورا للرئيس ميتران معها في نوفمبر/تشرين الثاني 1994.
قصة عاشق للكتب
تحكي المجموعات الخاصة للكاردينال مازارين المتواجدة الى الان في المكتبة عن قصة عشقه للكتب ومحاولاته العديدة للحفاظ عليها واسترجاعها رغم كل الظروف الصعبة التي تميزت بها تلك الفترة.
وخسر جول مازارين الذي كان مستشارا للملك لويس الرابع عشر ورئيس وزراء فرنسا منذ العام 1642 حتى وفاته عام 1661، الكثير من عقاراته وممتلكاته حتى لا يتخلى عن هذه المكتبة، وخصها في وصيته التي كتبها قبل ثلاثة ايام من وفاته، مؤكدا على ضرورة بقاء مكتبته مفتوحة للجميع وملحقة بمدرسة الامم الاربع.
معمار المكتبات
بدا شغف مازارين بالكتب في فرنسا منذ العام 1643، واراد تجهيز مكتبة في باريس تحاكي المكتبات التي كان يملكها في روما حيث اقام لسنوات عديدة، وساعده المكتبي الفرنسي الشهير غابريال نوديه -صاحب اول اطروحة عن المكتبات الحديثة- في تحقيق هذا الحلم.
واعتمد مازارين على باعة الكتب المتجولين، واستخدم سلطته السياسية مع الدبلوماسيين والعسكريين للحصول على اندر الكتب واقدمها واهم المراجع الادبية والثقافية، ليتمكن بذلك من جمع نحو 50 الف كتاب ومجلد في منتصف القرن السابع عشر.
التقلبات الفرنسية
استطاعت المكتبة طيلة اربعة قرون الاحتفاظ بكتبها ومخطوطاتها القديمة، ونجت من الحروب تارة ومن الحرق او المصادرة تارة اخرى.
وشهدت فرنسا اضطرابات سياسية واجتماعية خلال الثورة الفرنسية في الفترة بين عامي 1789 و1799، كان من اهمها انهيار النظام الملكي، الا ان المكتبة لم تتاثر كثيرا بهذه الحرب، وبقيت ابوابها مفتوحة لاستقبال الراغبين في العلم بسبب طابعها التثقيفي.
واستمرت المكتبة في النمو خلال القرن 18، وزادت الثورة الفرنسية حجمها بشكل كبير، اذ اشترى امين المكتبة غاسبارد ميشال حينها الكتب التي صودرت من الاديرة ومن النبلاء الذين هربوا الى المنفى، وجمع ايضا اعمالا فنية وثريات برونزية ومذهبة وغيرها من القطع الفنية التي تزين غرفة القراءة في المكتبة اليوم.
وتضم المكتبة اليوم واحدة من اغنى مجموعات الكتب والمخطوطات النادرة في فرنسا، ويوجد بحوزتها حاليا قرابة 600 الف كتاب.اقدم مكتبة عامة في فرنسا.. اشعاع “مازارين” الثقافي مستمر منذ 4 قرون