اخبار اليوم الصحيفة, السينما لرواية التاريخ.. اخبار اليوم الصحيفة, السينما لرواية التاريخ..
“لم تعد ملصقات السينما او الافيش بالمعنى نفسه الذي عرفه جيلنا، الامر تغير مع ادوات الترويج الحديثة، لم نكن ننظر الى اللوحة السينمائية على انها مجرد اعلان او ورقة عليها اسم الفيلم، فقد كان الملصق السينمائي بالنسبة لجيلنا هو مختصر الفيلم والمحرض الاول على المشاهدة”.
بهذه الكلمات افتتح وزير الدولة رئيس مكتبة قطر الوطنية الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري، المعرض الرقمي الجديد الذي تدشنه المكتبة عن “ملصقات السينما العربية: ذكريات وفنون”، الذي بدا يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري حتى 31 مايو/ايار عام 2021.
وفي سياق احتفاء مكتبة قطر الوطنية بهذا الفن السينمائي التراثي، قال الدكتور الكواري ان فنون اللوحة السينمائية هي بمثابة “ذاكرة تسجل تاريخ هذه الشعوب وملامحها وانتصاراتها وهزائمها وتوثق حياتها الاجتماعية في فرحها وحزنها، وهو في نهاية المطاف جزء اساسي من التراث الانساني يجب علينا حفظه وصيانته ككل جوانب التراث الانساني الملموس وغير الملموس مثل الكتب والمخطوطات والوثائق وغيرها من صور الابداع البشري”.
السينما ورواية للتاريخ
فن الافيش هو عبارة عن لوحة ورقية فنية، تتضمن عنوان الفيلم واسماء ابطاله وصورهم، وكانت ترفع على الجدران في الاماكن العامة او داخل دور العرض باعتبارها مدخلًا رئيسيًا لعالم الفيلم وتقدم فكرة ملخصة عن موضوعه، وتُعدّ من اهم وسائل الدعاية السينمائية لعرض الافلام.
وتسعى مكتبة قطر الوطنية في هذا المعرض لتقديم رؤية مشوقة عن نشاة فن الملصقات السينمائية في العالم العربي، وكيف انتقلت صناعته من ايدي مجموعة من الرسامين اليونانيين المقيمين في مصر الى جماعة فنية من الرواد المصريين ممن يمتلكون حسا مرهفا في الرسم، وكان اشهرهم السيد راغب وحسن جسور واحمد فؤاد واخرين، ممن اسسوا مجموعات فنية من ورش تصنيع الافيش في المنطقة العربية، قبل ان تتدخل التقنية وتتمدد على حساب اللوحات الفنية الابداعية.
ويسلط المعرض الضوء على اعمال فناني اللوحات السينمائية العرب من الذين برزوا في هذا الفن، وكذلك يكشف عن محاولات تعريب فن البوستر السينمائي ومراحل تطوره والسمات المميزة للحقب الزمنية المتعاقبة التي عاش فيها هؤلاء الفنانون، عبر ابراز قطع فنية جذابة امتزجت بالالوان الزاهية والخطوط العربية والرسومات المتنوعة، وساهمت الى حد كبير في نجاح الافلام التي رسمت من اجل ترويجها.
يحتل المعرض مكانا مميزا في بهو مكتبة قطر البديع، بعد ان رفعت الملصقات السينمائية على حوامل اشبه بالحوائط، وعرضت بشكل تتابعي، وتتيح الجدران للمتجول التقنية الرقمية لان يتعرف على اهم اشكال وسائل الدعاية السينمائية والمعلومات المهمة عن كل مرحلة، كذلك يكشف ترتيب “الافيشات” عن اطار مقصود من قبل المنظمين يسعى لتقديم سرد عن تاريخ السينما وتطورها في العالم العربي، وكذلك مسيرة الافلام العربية، واتجاهاتها التعبيرية عن القضايا المختلفة والمشتركة بين البلدان العربية.
كذلك تقدم المجموعة السينمائية المنتقاة موضوعات تعكس العديد من القضايا المهمة، كالصراع بين الحداثة والاصالة والتغيرات الاجتماعية والاهتمامات الانسانية والقومية الاخرى، وفي الوقت نفسه يقدم المعرض نبذة عن بدايات السينما في الخليج.
في خدمة التراث
واكد الدكتور حمد الكواري رئيس مكتبة قطر الوطنية في سياق كلمته ان هذا المعرض المستمر لمدة 6 اشهر هو اول معرض رقمي ينظمه القسم التراثي، ولكنه المعرض الرقمي الثاني الذي تقيمه مكتبة قطر الوطنية.
واشار الى ان هذا المعرض يعبر عن جانب مهم من دورها وهو اتجاهها الاصيل في خدمة التراث العربي والانساني “فالمكتبة بالنسبة لنا ليس مجرد ارفف او خزائن للكتب بل تجربة ثقافية “، حسبما يقول.
واكد الكواري ان مكتبة قطر الوطنية تمتلك الامكانيات الحديثة والتقنيات الراقية التي تجعل من هذا المعرض وامثاله من الانشطة المميزة متاحة وميسرة لكل انسان في العالم، وان المكتبة انما تسعى للتفاعل مع روادها ومتابعيها في كل مكان، واضاف ان هذا المعرض ليس الا بداية لمسيرة طويلة لن تتوقف ونشاط متواصل لن ينقطع تقوم به مكتبة قطر الوطنية لاداء رسالتها في خدمة العلم والثقافة والبحث.
ويتضمن المعرض 7 اقسام، بدايات السينما العربية، والسينما في الخليج العربي، والمراة والسينما العربية، والسينما وحكايات التراث الشعبي، والفيلم الوطني في السينما العربية، والفيلم التاريخي العربي والانتاج العالمي، والسينما والواقع الاجتماعي، ويسعى كل قسم لاتاحة الكثير من المعلومات والايضاحات الصورية للزائر عن طبيعة كل قسم.
ويقدم القسم الخاص ببدايات السينما العربية كيف انتقل هذا الفن سريعا من اوروبا الى الاسكندرية ثم الى حلب والعراق ومنطقة الخليج.
وكذلك قدم ركن المراة والسينما بيانا تاريخيا عن تطور النظرة للمراة في المجتمع من خلال حرص بدايات السينما على ابراز دورها الاسري، وصولا لسينما الخمسينيات والستينيات التي بدات تقدم المراة كعاملة ومناضلة، ولعل اشهر تلك الافلام فيلم “انا حرة” بطولة لبنى عبد العزيز، وفيلم المناضلة الجزائرية “جميلة بوحريد” التي جسدت شخصيتها الممثلة ماجدة الصباحي.
كذلك يلقي المعرض الضوء ادوار المراة التاسيسية على صعيد التمثيل والانتاج من خلال اسماء بارزة امثال عزيزة امير واسيا وغيرهما.
وتمتلك مكتبة قطر ارشيفا سينمائيا ضخما يتسم بقدر كبير من التنوع، بين العربي والعالمي، حيث تمتلك المكتبة حوالي 20 الف مادة ارشيفية تخص الفن السابع، والاف اللوحات الفنية السينمائية العربية والاميركية والسينما الاوربية والهندية، وحوالي 4000 صورة فوتوغرافية لكوادر سينمائية ثمينة، وكذلك لقطات في غاية الندرة لعدد كبير من الممثلين.
كذلك يوجد في رصيد المكتبة حوالي الف شريط فيديو لافلام في الاربعينيات والخمسينيات، اضافة الى الاف الوثائق ومراسلات عقود بين شركات الانتاج والممثلين وميزانيات الافلام ومخاطبات بين شركات الانتاج بطلب الشراء والعرض، وتوفر المكتبة ارشيفا صحفيا مميزا، منها مجلات وصحف بارزة تخصصت في السينما بعضها يعود للاربعينيات من القرن الماضي.السينما لرواية التاريخ.. حكايات عربية في معرض “الافيش السينمائي” بمكتبة قطر الوطنية