اخبار اليوم الصحيفة, المخرجة السحيري: فيلم اخبار اليوم الصحيفة, المخرجة السحيري: فيلم
“تحت الشجرة” فيلم للمخرجة التونسية الشابة اريج السحيري حصل في اختتام ايام قرطاج السينمائية في دورتها الـ33 على جائزة التانيت الفضي في مسابقة الافلام الرّوائية الطويلة.
الفيلم الذّي امتد على ساعة ونصف غاص فيها المشاهدون في عوالم ريف مدينة كسرة التابعة لولاية سليانة وسط تونس، وكان بمثابة مراة عكست واقع البلاد، بحسب ما قالت السحيري في مقابلة مع الاناضول .
ويتناول الفيلم واقع الفلاحين الذين يعيشون ظروفا صعبة، وتطرقت خلاله المخرجة للموضوع ببعد انساني اكثر فكان الفيلم انعكاسا للحظات فرحهم وحزنهم وغضبهم وتعبهم وطموحاتهم واحلامهم في الوقت ذاته.
وفي 29 اكتوبر/ تشرين الاول الماضي انطلقت فعاليات الدورة الثالثة والثلاثين للمهرجان في مدينة الثقافة بتونس العاصمة، تحت شعار “حل الثنية (افتح الطريق)”، بمشاركة 44 فيلما عربيا وافريقيا وانتهت في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وحصل على التانيت الذهبي فيلم “الثوار” لاميل شفنجي من تنزانيا في فئة الافلام الروائية الطويلة.
و”التانيت” هو مجسم للالهة القمرية للحضارة القرطاجية (تانيت) وياخذ شكل رمزه مثلث يعلوه خط افقي ودائرة.
** ابطال واقعيون
السحيري اختارت ان يكون ابطال “تحت الشجرة” اشخاص واجهوا الكاميرا لاول مرة في حياتهم، شباب ونساء من المنطقة التي دارت فيها احداث الفيلم حتى تعطيه بعدا اكثر واقعية، عبر اتقانهم للهجة المحلية وقربهم الكبير من تلك البيئة.
واعربت المخرجة عن سعادتها بحصول فيلمها على الجائزة قائلة: “انا سعيدة جدا بهذا التتويج، فان تحصل على جائزة في بلدك فان الامر له طعم خاص رغم حصولك على جوائز اخرى في مهرجانات عالمية اخرى”.
واضافت: “الفيلم لم يكن نمطيا او كلاسيكيا حتى في طريقة كتابته، فقد كنا نضيف مشاهد ونحذف اخرى خلال عملية التصوير”.
واردفت انها ارادت من خلال الفيلم التركيز على فئة من الشباب الريفي الذّين يعملون في الزراعة وان التوجه الاول لعملها كان روائيا الا ان طبيعة الاحداث جعلتها تغير هذا التصور ليميل الى الوثائقي الذّي يجسد يوما كاملا من حياة عمال الزراعة يقضون اغلب ساعاته تحت شجرة تين.
وتابعت: “لم اجد فعلا من يتقن اللهجة المحلية لمدينة كسرة افضل من ابنائها، فمنحت لهم فرصة حتى يتمكنوا من ايصال صوتهم فكانت المشاهد اكثر عفوية وتلقائية”.
وقالت اريج: “اردت ايضا خلق تصور جديد للحياة الريفية بنظرتهم، فكان التركيز منصبا على الاحساس والعفوية اكثر من الجانب الدّرامي”.
وارادت ان تترك لشخصيات الفيلم المجال للتعبير عن احاسيسهم عن كرامتهم حتى يثبتوا انّ الريف ليس مجرد حديث عن فقر واحتياج وانما هو مليء بقصص الحب والاحاسيس الجياشة، وفق ما تقول.
واضافت المخرجة انها ارادت ان تقدم تكريما ولو بسيطا لهم ولكن بطريقة سينمائية.
وتحدثت عن تجربتها معهم قائلة: “صحيح اننا وجدنا في البداية بعض الصعوبات، فان تقف اول مرة امام كاميرا السينما الامر لم يكن بالهين ابدا على الشخصيات.. فعالم السينما بدا غريبا عليهم في البداية وقد تداركوا ذلك وتوغلوا فيه سيما وان الفيلم يحكي عالمهم الخاص (الزراعة وجني التين)”.
وقالت: “كوننا عائلة صغيرة فاصبحنا وكاننا في مخبر او ورشة سينما، نكتب ونضيف ونغير مشاهد حسب الحاجة وحسب تطور الاحداث”.
** تسليط الضوء على ظروف الفلاحين
وتابعت اريج ان “الفيلم قام بتسليط الضوء على ظروف العمل الصعب لعمال الفلاحة، واستحضر الحوادث التي طالما تعرضت لها نساء فلاحات في طرق وعرة وفي انقلاب شاحنات كانت تقل اعدادا كبيرة منهم”.
واستدركت: “تناولت المسالة من زاوية ذاتية اكثر، فاردت التركيز على مختلف تفاصيل يوم هؤلاء بما يحمله من عمل وكد ومعاناة وفرحة وعلاقات انسانية وعلاقات حب وغضب احيانا وفن احيانا اخرى”.
ولكن المخرجة لم ترغب في ان يكون التطرق الى قضية عاملات الفلاحة كما تم تناولها في وسائل الاعلام والصحافة، وانما انصب تركيزها على تفاصيل دقيقة في حياتهم اليومية ببساطتها، وفق تعبيرها.
وقالت: “كمخرجة تونسية اردت ان اطور واقدم الجديد للسينما في بلادنا فكانت الصورة وكانك تشاهد احداثا تحصل للتو، فلا يمكنك ان تتوقع ما قد يحصل بين الحين والاخر على غرار ما يحدث في افلام اخرى”.
** رسائل ورموز
عدّة رسائل ورموز ارادت اريج ابلاغها من خلال فيلمها، منها ما تعلق بنساء الريف وما يتعلق بمكانة المراة والرجل في المجتمع عموما، فضلا عن تقديم تصور لقصص الحب في الرّيف وكل المشاكل الاجتماعيّة التي يعانيها الاهالي هناك.
واضافت ان “اختيار شجرة التين بعينها جاء باعتبار ما تحمله من دلالات عديدة، فبقدر ما تكون شجرة التين صامدة قوية فان ثمارها لينة جدا تتطلب من هؤلاء العمال الحفاظ عليها اثناء قطفها ونظمها في الصناديق قبل وصولها الى المستهلك”.
وهي برايها “شجرة تحكي عوالم عديدة، فان تقضي يوما كاملا تحتها فانك ستشعر حتما وكانك في عالم اخر بعيدا عن الحياة العادية، صحيح انك تشعر بالاختناق احيانا ولكنك لا تقدر على مغادرتها”.
وصورت السحيري من خلال الفيلم “تونس مصغرة” على حد وصفها، وارادت ان “تعكس الواقع الذّي تمر به البلاد بفتراته الصعبة والسعيدة في الان ذاته”.
وعن عروضها ومشاركاتها القادمة قالت: “كنا في فلسطين وستكون وجهتنا القادمة فرنسا ثم تركيا واسبانيا وبلجيكا وايطاليا وسويسرا وكذلك الولايات المتحدة الامريكية”.
وسبق لفيلم “تحت الشجرة” ان حصد 8 جوائز في اطار ورشة “المشهد الاخير” في الدورة 78 لمهرجان البندقية السينمائي بايطاليا، كما حصل على جائزة من مهرجان الجونة السينمائي في مصر.
وتوج الفيلم بالجائزة الاولى بمهرجان “نامور” للسينما ببلجيكا وشارك الفيلم في الدورة الـ 75 لمهرجان كان السينمائي في فرنسا.
يذكر ان السحيري اخرجت فيلمها الاول وثائقي بعنوان “عالسكة” (على سكة الحديد) وكان توج بالعديد من الجوائز ومنها جائزة مهرجان السينما المتوسطية “سينيماد” في تونس.
وتعكس احداثه واقعا مريرا لعمال الشركة الوطنية للسكك الحديدية عبر تتبع تفاصيل حياتهم اليومية بكثير من الشاعرية.المخرجة السحيري: فيلم “تحت الشجرة” مراة تعكس واقع تونس