لمشجعي-كرة-القدم.-كيف-تستعد-لاكتئاب-ما-بعد-كاس-العالم؟

لمشجعي كرة القدم.. كيف تستعد لاكتئاب ما بعد كاس العالم؟

اخبار اليوم الصحيفة, لمشجعي كرة القدم.. اخبار اليوم الصحيفة, لمشجعي كرة القدم..

بالنسبة للعديد من مشجعي كرة القدم، فان كاس العالم ومبارياتها المتعاقبة هي افضل شيء على الاطلاق لشعورهم بالحماس، ولكن للاسف فهو يمتد لعدة اسابيع فقط كل اربع سنوات.
اذ مع الدراما ومفاجات الاهداف الخاطفة، والاخفاقات الصادمة، والانتصارات في اللحظة الاخيرة، يشعر لاعبو كرة القدم بالسحر والانخراط، ما يجعل المشجعين والمحترفين على حد سواء ينتظرون المونديال بفارغ الصبر.
وبعكس الحماس المفرط في اليوم الاول لكاس العالم لكرة قدم، ينتظر الجماهير تراجعاً تدريجياً حاداً في عدد المباريات اليومية والاسبوعية، وصولاً للمباراة النهائية وتتويج الفائز بالكاس من الفرق الدولية.
هذا التناقض العميق ليس محزناً على المستوى العام فحسب، بل كان ايضاً مسبباً للاكتئاب والشعور بالقلق في انٍ واحد، فهو يشير الى ان الحياة الطبيعية ستعود الى مجراها السابق من الاعتيادية والرتابة، وهو ما بات يُعرف بـ”اكتئاب ما بعد كاس
ختام مباريات كاس العالم تدريجياً
بينما شهد الشهر الماضي مناقشة كاس العالم بقدر كبير من الابتهاج والفرح في معظم انحاء العالم، فقد اصبح ايضًا موضوعًا مفضلًا للنقاشات الساخنة؛ ما دفع الخبراء الى الاعتقاد بان العديد من مشجعي كرة القدم معرضون لخطر الاصابة باكتئاب ما بعد كاس العالم (PTD).
لذا مع اقتراب انتهاء البطولة، سيتبع ذلك لا محالة انخفاضاً حاداً في الاثارة الشديدة التي اذكاها موسم كرة القدم. وبالتالي فكرة العودة الى الحياة الطبيعية والرتابة في الحياة اليومية ليست شيئًا يتطلع اليه المرء ايضًا. في الحقيقة، نحن نحاول تجنبها قدر المستطاع.
اذ تمر جولات خروج المغلوب بشكل سريع، ثم تبلغ ذروتها في النهائي، وهو الحدث الاكثر مشاهدة في تقويم كرة القدم الذي يمتد لاربع سنوات من الانتظار، ويبدو انه ينتهي لحظة اطلاق صافرة النهاية للمباراة الاخيرة. وفجاة؛ لا مزيد من كاس العالم، وهناك ما يناهز شهراً على بداية اي موسم كرة قدم احترافي جديد.
حينها ينتاب الجماهير وعشاق متابعة كرة القدم في كاس العالم شعور غامر بالملل والحزن والشعور بالغياب والوحدة، كما لو انَّ شيئاً ذا مغزى في حياة الشخص قد اختفى بشكل مفاجئ ولا رجعة فيه على المدى القريب.
الاحساس بالتنفيس والتضامن
توضح مؤسسة الصحة العقلية الامريكية علاقة كرة القدم بالصحة العقلية، خاصة خلال فترة انعقاد بطولة كاس العالم.
اول عوامل الشعور بالمتعة عند المشجعين والمتابعين للمباريات هو “التنفيس”، حيث يتمكن الناس خلال عدة اسابيع متوالية التنفيس عن المشاعر المكبوتة والعاطفة الشديدة مثل الاحباط او الانزعاج او الحزن بطريقة مقبولة اجتماعياً.
لذا من المفترض ان تكون المدة الطويلة والمركزة لكاس العالم بمثابة فرصة جوهرية لهذا التنفيس، وفرصة لتفريغ اسابيع واشهر وسنوات من الاحباط المتراكم والضيق العام.
حيث تكون المشاعر التي تنتاب الناس خلال كاس العالم حقيقية وغير مبالغ فيها تماماً، مهما بدا الامر عكس ذلك لغير المهتمين بتشجيع فرق كرة القدم. وتكون الفرحة شديدة كما يمكن ان تكون خيبة الامل ساحقة.
ولكن بدون مباريات تستقطب الاهتمام العالمي، يعود الشخص مجدداً لحالته العامة والمعتادة من الفتور والتحامل النفسي على مشاعره السلبية او الايجابية المكبوتة وغير المفرّغة.
غياب “الهدف الاكبر” يسبب اكتئاب ما بعد كاس العالم
ان الملل الوشيك الذي يستعد له مشجع كرة القدم المخلص بات قريباً يوماً بعد يوماً مع حلول نهائيات المونديال. ويبدا الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي في استيعاب الحياة الواقعية والتساؤل: “بعد كل هذا، كيف نتوقع ان نعود الى العمل وعيش حياتنا المملة؟”.
راشيل بوشان، الاخصائية النفسية المقيمة في لندن، تقارن بين تجربة اكتئاب ما بعد كاس العالم وتجربة الاكتئاب التالي للعطلة او حضور الاعياد.
وتوضح راشيل ما اذا كان شخص ما من المعجبين وكانوا يتابعون كل المباريات منذ البداية، فيمكن ان تدفعه نهاية تلك الفترة بزخمها الشديد بشعور “ماذا سافعل الان؟ “، او “ما الذي يمكن ان يشعرني بنفس الشعور بالحماس والتواصل مع الاخرين؟”.
لذلك يعاني المشجعون من الشعور المفاجئ بالفجوة التي تركها نهائي بطولات رياضية مهمة او الاعياد العالمية المعروفة، لذا لا شيء يضاهي كرة القدم والتشجيع كحدث ممتع ومثير ودرامي.
غياب الاحساس بالوطنية والتضامن
النقطة المؤثرة التالية التي تساهم فيما بات يُعرف باكتئاب ما بعد كاس العالم هو الضربة القوية التي تصيب قدرة المشجع المتحمّس في التعبير عن “الهويّة” و”الوطنيّة” والتضامن مع ملايين الاشخاص من حول العالم على هدف واحد.
وتتميز هذه النقطة بانها “الشعور بالتواصل والتعارف والاندماج ضمن مجموعة اكبر”، ما يمنح مشجعي الكرة احساساً بالانتماء وعدم الشعور بالوحدة او الانعزالية.
مباريات كاس العالم توفر هذه الفرصة دون تعقيدات نفسية او حتى تهديدات امنية كتلك التي يوفرها شعور التضامن للنشطاء السياسيين او البيئيين وغيرهم.
الاستثمار العاطفي في “شيء عالمي”
ومن خلال مباريات كرة القدم يتم بناء روايات مشتركة والاستثمار عاطفيًا في نتائج اشياء اكبر من انفسنا تجعلنا نشعر بقيمة حقيقية. هذه في الغالب طرق امنة لنا للتعبير عن هويتنا وشغفنا واعطاء معنى لحياتنا، وفقاً لمؤسسة الصحة العقلية.
وبالتالي كلما كان التفاعل مع الفريق اقوى، كان رد الفعل العاطفي اشد على المكسب او الخسارة. وعندما يكون الاحساس بالهوية الوطنية قوياً كما هو الحال خلال كاس العالم، تزيد الحدة العاطفية للتجربة.
بمعنى اننا “بمجرد ان نقرر الاهتمام باي شيء في حياتنا، نصبح اكثر عرضة للاذى والغضب والانفعال من جراء الخسارة”، وهو الامر نفسه الذي ينطبق على تشجيع كرة القدم.
وبالنسبة للبعض، سيكون من الطبيعي الاحساس باعراض الانسحاب او الحزن الشديد و”الفراغ العاطفي” مع انتهاء التجربة.
كيفية التعامل مع اكتئاب ما بعد كاس العالم
الى جانب الترفيه الكثيف والقيمة الدرامية لكرة القدم في البطولة العالمية لكاس العالم، هناك النشوة المشتركة والعذاب الجماعي للتجربة، والتي تساهم في احساسنا بالمكافاة والرضا النفسي.
لذلك يمكن القول ان الكثير من الحزن ينبع من فقدان انتظام تجارب الصداقة والترابط تلك، ولكن يمكن بالتاكيد استحضارها خارج فكرة مباريات كاس العالم لكرة القدم.
علاوة على ذلك، لا حَرَج في تنظيم هواية بديلة بشكل استباقي، او نشاط اجتماعي منتظم مع الاصدقاء والعائلة، او حتى خطط استباقية لمتابعة مواسم كرة القدم الدولية والدوريات المفضلة، وذلك لاشباع الشعور بغياب كاس العالم والحفاظ على مساحة الطاقة الايجابية والاحساس بالاهتمام بالهدف الاكبر الذي وفره للجماهير حول العالم.
كذلك، لا تنطوي على نفسك. فحبس النفس وتجنب المحادثات فجاة بسبب غياب “الموضوع المشترك” لن يساعد ابداً؛ بل يُنصح بمقابلة الاصدقاء الذين يشاركون نفس الشغف بالامور المتنوعة.
وخلال بضع سنوات ستمر سريعاً قبل ان تنتبه، استعد مجدداً لمونديال حماسي بذهن اكثر وعياً بقيمته وتاثيراته الايجابية على الصحة النفسية.
(عربي بوست)لمشجعي كرة القدم.. كيف تستعد لاكتئاب ما بعد كاس العالم؟

Scroll to Top