اخبار اليوم الصحيفة, تابط شرا.. الشاعر اخبار اليوم الصحيفة, تابط شرا.. الشاعر
يعد واحدا من الشّعراء الذين فقدوا استقرارهم في مجتمع جاهلي تميَّزَ بغياب العدالة الاجتماعيّة، سلّطَ هجومه على تركيبة القبيلةِ مُتمرّدا عليها كحال الصعاليك الذين عُرِفوا في العصرِ الجاهلي.
هو الشاعر الصُّعلوك ثابتُ بنُ جابر الفَهْمي المُلقَّب بِتابَّطَ شرًّا، من اهل تهامة والحجاز، نشا يتيما، مُعانيا من مرارة الفقر، تزوجت اُمُّه من ابي كبيرٍ الهُذَليِّ بعد موت ابيه، فحاول قتله بايعاز من امه، ولكنَّه فشل. اما سببُ تسميته فتعود الى روايات عديدة، منها انَّه قتلَ غولاً ووضعه تحت اِبْطِهِ ومشى به الى قبيلته، فقيل: تابَّط شرًّا، ومن الرّوايات انّ امَّه طلبت ان ياتيها بشيءٍ فاحضر افاعيَ بعد اصطيادها ووضعها في جِراب مُتابِّطًا ايّاه.
كما قيل انه كان كُلَّما خرج الى غزو وضع سيفه تحت ابْطِه، وله حكايات كثيرةٌ تَروي شجاعتَه:
فَاَصْبَحْتُ والغولُ لي جارَةٌ
فيا جارَتا انتِ ما اَهَوْلا
فمَنْ سال اين ثَوَت جارتي
فانّ لها باللِّوَى مَنزِلا
وكنتُ اذا ما هممتُ اعتزمتُ
واحرِ اذا قلتُ ان افعلا
عاش تابَّطَ شرا -الذي سلطت عليه الضوء حلقة (2023/1/10) من برنامج “تاملات”- في القفار ومجاهل الارض يعانقه الفقر والتشرد والتمرد، مؤمنا بان الحق لا يؤخذ الاّ بالقوة، ولا سبيل الى المحافظة على استمرارِه وفرض وجوده الاّ بالسلب، وهو الذي كَسّر قانون القبيلة والمجتمع الجاهلي بثورته ضد عُرْفها.
ثورة من الشعر
والى جانب السَّفْكِ والتَّصَعْلُك، امتهن تابَّطَ شرًّا الشعر، وانفصل عن دائرة التّقليد في القصيدة، فَثورتُهُ مع صعاليك عصرِه لم تقتَصِرْ على مجتمع القبيلة الذي لم ينصفهم، بل تجاوز ذلك ليصل الى القصيدة التي كانت تنتهج نهجا لا يحيدُ عنه الشّعراء، فجاءَت قصيدته في صراع مع الواقع الجاهليِّ تشكل عوالم من التشرد واثبات الذات والامل والياس والجوع والكرامة، لتفجرَ ثورة من الشعر.
تَمرّد على الحياةِ التي قسَتْ عليه فشكاها ببناء شعري كسّر فيه المالوف، مُبتعدا عن المنهج الطلَلِيّ ومدح الامراء وزعماء القبائل. وباح شعره بمشاعر عميقة خَلَقَتْ جوًّا يتناقض مع شخصيّتِهِ. فيذكر في قصيدته المُفَضَليّةِ صفات الصاحب الحقيقي الّذي يبتغيه والذي يجمع الحكمةَ والرئاسةَ والخِبْرةَ في شخصيّة واحدة.
وغلب على شعره استخدام المفردات الغريبةِ الخَشنة العائدة الى قساوة الحياة التي عاشَها.
كما اشتهر بسرعته فقيل كانَ اعدى ذي رِجْلَيْنِ وذي ساقيْن وذي عينيْن. وكانَ يُفاخِرُ ويُبالِغُ في وصفِ سُرعتِهِ.
وتوفي تابط شرا قبل اكثر من 1400 سنة، واختلف في تاريخ وفاته وسببها، فبعضُهم ذكَر ان اَفعى لَدَغَتْهُ، َاو قُتِلَ رميا بالسَّهم، لَكنَّه لم يغادر عصره الا وقد ارخ له بواقعيّة صادقة.تابط شرا.. الشاعر الجاهلي الذي عاش التصعلك وكسّر قانون القبيلة