اخبار اليوم الصحيفة, فنان يمني يسخر اخبار اليوم الصحيفة, فنان يمني يسخر
منذ سنوات عديدة، يسخّر الفنان التشكيلي اليمني محمد سبا ريشته في نشر تراث وثقافة بلاده التي تعاني اوجاع الحرب منذ نحو 8 اعوام.
يقيم الباحث محمد سبا في العاصمة المصرية القاهرة، ويواصل نشر رسالته الفنية من المنفى، املا في صنع واقع جمالي وفني بعيد عن اوجاع الحرب وتداعيات الصراع.
بدا محمد الرسم منذ نعومة اظافره، حين كان يرسم بالاقلام المتوفرة القليلة للشح الكبير في ادوات الرسم والمكتبات والخامات الخاصة بالفن التشكيلي.
وفي لقاء مع وكالة الانباء الالمانية، تحدث محمد عن بدء محاولاته في الرسم بالاقلام العادية التي كان يدرس فيها المرحلة الاساسية، ويشير الى انه في المرحلة الدراسية الثانوية انتقل الى شراء ادوات الرسم من المدينة، بعد ان انحصرت حياته في ريف محافظة اب خلال المراحل الدراسية الاولى.
درس محمد في قسم التربية الفنية بجامعة اب، حيث كان من اوائل من اقتحموا هذا المجال في المحافظة الواقعة وسط اليمن، والتي تعد من اكثر المحافظات اليمنية سكانا وتوصف بانها العاصمة السياحية للبلاد.
يقول: “درست بكل حب 4 سنوات في تخصص التربية الفنية بجامعة اب، وبعد التخرج عملت في الجامعة عامين، وتوقفت لفترة، ثم عدت لمواصلة الدراسات العليا في العاصمة المصرية القاهرة في مجال الفن التشكيلي”.
وعن الدوافع التي جعلته يدخل مجال الفن التشكيلي، يقول “احب هذا المجال.. اعشق الفن، وقد كان لي شغف بالرسم والفن منذ طفولتي، مما جعلني اختاره تخصصا جامعيا”.
واضاف “مما جذبني لدخول وحب الفن التشكيلي هو ما تملكه اليمن من طبيعة خلابة وجبال خضراء ومبان قديمة وقرى معلقة ومناظر بديعة مذهلة تشبه الى حد كبير اللوحات الفنية، هذه المناظر الجذابة شجعتني على القيام بتحويلها الى لوحات فنية”.
•معارض فنية
اقام محمد معارض فنية خلال دراسته في الجامعة، اضافة الى اقامة معرض فني اثناء تخرجه منها عام 2007، حيث كانت حينها محافظة اب عاصمة الثقافة في اليمن، وشارك وقتها بلوحة فنية عن الملكة اليمنية القديمة الشهيرة “بلقيس”.
وخارج البلاد، كان لمحمد اول معرض فني في القاهرة عام 2016، وقد احتوى على 30 لوحة، وكان المعرض تحت عنوان “اليمن تراث.. ماض وحاضر”، وفي العام التالي (2017) اقام معرضا فنيا تحت شعار “اليمن مهد الحضارة”.
وفي عام 2018، اقام معرضا فنيا في اكاديمية الفنون بالقاهرة، بعنوان “اليمن.. مقتطفات فنية”، حيث احتوى على 50 لوحة فنية.
وفي عام 2019، نجح محمد في اقامة معرض فني في دار الاوبرا المصرية، تحت عنوان “في حبّ مصر واليمن”، واحتوى 60 لوحة فنية من مصر واليمن.
•حب الموروث الشعبي
الفنان محمد سبا يعشق كثيرا ما تحظى به بلاده من موروث شعبي فريد، مما جعله يركز كثيرا على نشر هذا المجال في السنوات الماضية، ونتيجة لذلك تخصص في “الموروث الشعبي” اثناء دراسته الماجستير في القاهرة، مما اوجد له شغفا اكبر بهذا التراث.
من اعمال الفنان التشكيلي اليمني محمد سبا صاحب كتاب “فنون التشكيل الشعبي في اليمن” (الالمانية)
ومن الدوافع لاقتحام هذا الجانب، يقول محمد “شعرت ان تراث اليمن يندثر ولم يوثق، مما جعلني ابحث بشكل كبير واكثف جهودي بالتعاون مع اساتذتي لتوثيق هذا التراث”.
نجح محمد في اعداد كتاب مهم عن الموروث الشعبي اليمني، حمل عنوان “حكايات من التراث الشعبي اليمني”، ضمّن فيه 150 حكاية شعبية متنوعة، تشمل حكايات تاريخية، اضافة الى حكايات الارض والزراعة والحكمة، وكذلك الحكايات المرتبطة بالحب والعشق، فضلا عن الحكايات الشعبية المرتبطة بالجن والكواكب، وكذلك الحكايات الفكاهية.
واستطاع ايضا تاليف كتاب “فنون التشكيل الشعبي في اليمن”، وهو مشروع تخرجه في دبلوم الماجستير، ويتحدث عن فنون الزخرفة والفنون التراثية في اليمن بمختلف مجالاتها، سواء المرتبطة بالعمارة الشعبية او تلك المرتبطة بالمعادن والحلي، او تلك المتعلقة بالنبات والاخشاب، وكذلك فنون التطريز والازياء، وخامات الطين بما فيها من عمارة تقليدية وفخار وغير ذلك.
•دمار فني
يشرَح الفنان باسى كيف اثرت الحرب بشكل كبير على الموروث الشعبي في البلاد، حيث قال انها ادت الى اندثار الكثير من هذا التراث، والى هجران الكثير من عناصر التراث الشعبي، اضافة الى تدمير العديد من المتاحف التي كانت مهتمة بالتراث الشعبي، وكذلك توقفت مشاريع توثيق التراث الشعبي التي كانت سارية قبل اندلاع الصراع.
يقول: “كانت هناك مشاريع توثيق التراث في اليمن من قبل وزارة الثقافة والصندوق الاجتماعي للتنمية، وجهود شخصية ومكتبات ومتاحف خاصة لحماية هذا التراث؛ هذه كلها توقفت تماما بفعل الحرب”.
•لوحات منوعة
قام الفنان محمد سبا برسم العديد من اللوحات الفنية الجذابة، ابرزها لوحات من التراث اليمني والقرى والمناظر الطبيعية، ومنها لوحات تاريخية من الحضارة اليمنية، اضافة الى لوحات تعبّر عما يجري حاليا من صراعات وحروب واوجاع وغيرها.
وعن الصعوبات التي واجهها في مجاله الفني، يقول “واجهت عوائق في التعليم والدراسات العليا، مثل توقف منح الطلاب الدارسين في الخارج، وتوقف رواتب الموظفين الحكوميين داخل اليمن، اضافة الى المشاكل التي خلّفها لنا الصراع الدائر، مثل مواصلة مسيرتنا الفنية خارج البلاد بدلا من الداخل. وهناك كثير من المعاناة التي تواجهنا، وهي على علاقة بما يجري من تداعيات الحرب في اليمن”.
عمل فني تشكيلي للفنان اليمني محمد سبا (الالمانية)
وعن واقع الفنانين التشكيليين في اليمن، يتحدث محمد بانهم يعانون اشد المعاناة في واقع مرير وصعب، جراء تداعيات الحرب المستمرة منذ نحو 8 سنوات.
واضاف ان الفنانين يعانون من توقف الفعاليات الثقافية، وعدم وجود اي دعم لهم في مواصلة فنهم، وكذلك لا توجد حاليا قاعات ومعارض لتقديم انتاجهم الفني، اضافة الى ندرة وجود اقسام ومعاهد مخصصة لتدريس الفنون.
وشدد على ان الفن في اليمن يحتاج اولا الى استقرار وامن وامان، داعيا الى ضرورة دعم الفنانين والقوى الناعمة التي تنشر الثقافة اليمنية بالشكل اللائق.
وفيما يتصل بالخطط المستقبلية التي ينوي العمل عليها، يفيد محمد بانه “يعتزم مواصلة الفن التشكيلي والعمل في احياء التراث الثقافي الشعبي وترويجه والحفاظ عليه، وعقد مؤتمرات ومعارض ونشر ابحاث فيما يتعلق بكل ما يخدم التراث والثقافة اليمنية”.
واشار الى انه سيحرص على العمل مع المتخصصين في المجال الثقافي؛ من اجل الحفاظ على تراث اليمن والتعريف به خارجيا وداخليا.
وبشان رسالته لليمنيين في هذه الظروف، يقول “اوجه رسالة حب ووفاء، واحث على ضرورة دعم العدالة والمساواة ومبادئ الجمهورية، والقيم النبيلة التي سنصل اليها من خلال الشباب الواعي المثقف”.
وشدد على ضرورة العمل من اجل السلام والحفاظ على اليمن والمساواة بين الجميع.فنان يمني يسخر حياته في سبيل التراث الشعبي