اخبار اليوم الصحيفة, من سرق القهوة اخبار اليوم الصحيفة, من سرق القهوة
لا يعد اليمن مسقط راس القهوة الفعلي فحسب، بل يمكن القول ان اليمنيين هم من اكتشفوها واتقنوا زراعتها وتحميصها واحتكروا انتاجها لقرنين من الزمن ولا يزال الصنف اليمني الافضل في العالم.
القهوة جزء هام من تاريخ وثقافة “اليمن السعيد” وشجرته رمز للنبالة والاصالة، وفي هذا البلد نشات ثقافة زراعة القهوة وتطورت السلسلة الكاملة لتحميصها وتحضيرها واستهلاكها .
تبدا رحلة القهوة من بذرة تنمو منها شجرة تتفتح بازهار بيضاء جميلة تضوع منها روائح طيبة مثل الياسمين، وثمارها مليئة بالحبوب التي نراها على مغلفات هذه السلعة التي من النادر ان يخلو من رائحتها صباح.
موطن شجرة القهوة الاصلي اثيوبي، ومنها نقل اليمنيون شجيراتها وزرعوها في ارضهم الجبلية وتفننوا في ذلك حتى خرج الصنف الاكثر جودة والاطيب طعما حتى الان.
تعود اولى الاساطير عن القهوة الى القرن التاسع، وتروي ان راعيا يدعى مالدي وكان يسكن منطقة كافا في جنوب اثيوبيا، لاحظ ان معزاته حين تاكل ثمرة تسمى “التوت المعجزة” تكتسب حيوية ونشاطا كبيرين.
الراعي حين تذوق هذا “التوت”، تاكد بنفسه من طاقة النشاط التي يمنحها. اعد مع راعي الدير المحلي مشروبا من هذه الثمرة ما سمح للقسيس بالاستيقاظ والصلاة لساعات طوال.
اسطورة ثانية تفيد بان “الشيخ عمر”، وهو طبيب محنك من مدينة “المخا” اليمنية، كان يجري تجارب ويستخدم الثمار لعلاج الامراض المختلفة، وهو من اكتشف القهوة وتاثيرها المنشط.
اكتسبت القهوة بحلول القرن 15 شعبية بين اليمنيين، وبدات القهوة تزرع وتشرب وتباع في كل مكان، وساهم المناخ والظروف الطبيعية الفريدة في انتاج القهوة المعروفة في جميع انحاء العالم بمذاقها المميز.
القهوة في اليمن كانت خلال القرنين 17 و18، محرك التغيرات الاقتصادية والتاريخية والثقافية، وكانت حياة سكان هذا البلد العريق مرتبطة بشكل وثيق بهذه الشجرة ذات الثمار السحرية، وكان معظم المزارعون يتركز نشاطهم على زراعة القهوة.
ودخل اليمن باكمله مع بداية القرن 18 كان ياتي من صادرات البن. وجميع القهوة التي تم كانت تصل الى
جميع انحاء العالم تاتي من اليمن.
احتكرت اليمن القهوة لاكثر من قرنين من الزمان، وعملت قامت الامبراطورية العثمانية التي كانت ضمت اليمن على حماية هذه الثروة من السرقة والغزو، كي تحتفظ لنفسها بالاسبقية المطلقة في سوق البن.
مدينة “المخا” اليمنية كانت المركز الرئيس لتجارة البن، وكان يتوجب على جميع السفن التجارية التي تبحر في البحر الاحمر التوقف عند الميناء ودفع رسوم، ولذلك ازدهرت وتعاظمت ثروتها، واصبحت مزدحمة. بمرور الوقت بدا يطلق على جميع القهوة التي انتجت في اليمن اسم قهوة ” المخا”.
تعاظم الطلب على القهوة في جميع انحاء العالم وبدا الكثير من الدول في التفكير في زراعة اشجارها، وبدات الشركات التجارية الاستعمارية الهولندية والفرنسية والبريطانية في تهريب حبوب البن من اليمن وتمت سرقة فسائل للشجرة ونقلت سرا الى الخارج وزرعت في اماكن اخرى، وبدا احتكار اليمن للقهوة يتهاوى بشكل سريع، وانخفضت الاسعار بدخول منتجين كثر جدد، حتى ان اليمن لم يعد بحلول عام 1800 ينتج اكثر من 6% من مجمل الانتاج العالمي.
امريكا اللاتينية وافريقيا تنتج قهوة تشوبها حموضة ومرارة، ويبقى الاجود والاغلى ثمنا يمنيا، على الرغم من قلة الاراضي الصالحة للزراعة وفقر البلد الشديد وما يمر به من محن شديدة متواصلة حتى الان.
المصدر: RTمن سرق القهوة اليمنية؟