اخبار اليوم الصحيفة, مبادرة شبابية باليمن اخبار اليوم الصحيفة, مبادرة شبابية باليمن
منذ عقود داب اليمنيون على اطلاق النار في الهواء خلال حفلات الزفاف، كتقليد متوارث حرص عليه الكثيرون رغم الاثار السلبية لهذه الظاهرة التي استعد البعض لمكافحتها.
وضمن مسار مكافحة اطلاق النار في حفلات الزفاف اطلق شبان في مديرية سامع بمحافظة تعز مبادرة بعنوان افراحنا امان ، وقد ركزت على مقاطعة الاعراس التي يطلق فيها الرصاص الحي، سعيا الى التوعية بمخاطر هذه الظاهرة.
وقد بدات هذه المبادرة في قرية الضياء بمنطقة بني احمد التابعة لمديرية سامع، ويسعى المشاركون فيها الى توسيع نشاطها الجغرافي حماية للناس من الرصاص الراجع من الهواء والذي اودى بحياة الكثيرين وحول الافراح الى احزان.
وتعد مقاطعة الاعراس التي تطلق الرصاص الحي من الحالات النادرة في اليمن الذي يشهد حربا مستمرة منذ تسع سنوات، بين قوات الحكومة المعترف بها دوليا والمسنودة بالتحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، وجماعة الحوثي المدعومة من ايران من جهة اخرى.
وفي بلد يعاني الكثير من العوائق في شتى مجالات الحياة، تكون مواجهة اي ظاهرة بحاجة الى عزيمة مستمرة بسبب الصعوبات التي تعترض طريق المبادرين والراغبين في احداث تغيير ايجابي.
كيف بدات الفكرة؟
الصحفي عامر دعكم رئيس هذه المبادرة يحكي لوكالة الانباء الالمانية (د. ب ا) عن كيفية انطلاقها، قائلا ” قبل عيد الاضحى، باسبوع(يونيو /حزيران 2023) كنت في جلسة مقيل مع عدد من شباب قريتنا “الضياء”، وناقشنا باستفاضة ظاهرة اطلاق الرصاص في الاعراس، باعتبارها كارثية وخطيرة، وعزمنا على التصدي لها ومكافحتها وفق ما هو متاح لنا، قبل ان تحلّ كارثة في مجتمعنا”.
واضاف” عرضت القضية على معظم اهالي قريتنا في مجموعات الكترونية تجمعنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، فاطلقنا مبادرة “افراحنا امان”، وبدانا في التوعية بمخاطر اطلاق الرصاص في المناسبات، خصوصا الاعراس”.
ولفت الى ان مسار التوعية المجتمعية استمر في التشديد على “ان من يفعل ذلك هو “قاتل محتمل”، كون الرصاص التي تطلق جوًا لا تبتلعها السماء، بل تعود الى الاراضي القريبة من مكان العرس”.
واردف” بعد ذلك، اتخذنا موقفًا واعيًا، وبدانا باعلان مقاطعتنا كلّ الاعراس التي ستطلق فيها الرصاص، واكدنا انه في حال اطلقت الرصاص بعد وصولنا الى مكان الحفل ، فان العريس بين خيارين: اما ان يطرد الضيف الذي اطلق الرصاص او سسيغادر العشرات من الضيوف”.
ومضى الشاب اليمني قائلا “لم نكتفِ بالتوعية الالكترونية ، بل فعلنا ذلك في خطبة الجمعة، وفي خطبة عيد الاضحى، وفي اللقاءات المجتمعية، مع تواصلنا بكل عريس مسبقًا، والزمناه بنشر اعلان مسبق يشعر كل ضيوفه بان اطلاق الرصاص ممنوع”.
ويعرب دعكم عن سعادته بشان نتائج المبادرة “بصراحة، استجابة الاهالي كانت كبيرة جدًا، وفي اول عرسين بعد تنفيذ المبادرة، لم تطلق حتى رصاصة واحدة.. نسبة نجاحنا تجاوزت 90 بالمئة حتى الان، بعد اقامة عشرة اعراس على مستوى القرية”.
* بعض الصعوبات
في بلد يعاني الكثير من العوائق في شتى مجالات الحياة، يكون مواجهة اي ظاهرة بحاجة الى عزيمة مستمرة بسبب الصعوبات التي تعترض طريق المبادرين في التغيير الايجابي.
في هذا السياق يوضح دعكم ان” صعوبات مبادرتنا تكمن في الحفاظ على استمراريتها لسنوات طويلة، مع اننا العشرات من شباب قريتنا ، عازمون على استمرار مقاطعتنا لاعراس الرصاص، فهذا وعد مجتمعي قطعناه”.
واضاف “بهدف ضمان استمرارية المبادرة ، لجانا لعمل وثيقة مجتمعية “تُجرّم” اطلاق الرصاص في الاعراس، تتضمن غرامة مالية يتحملها من يخرق الاتفاق، سواء كان من جانب العرسان او الضيوف.. وعلى هذه الوثيقة وقع الاهالي”.
وحول الاهداف المستقبلية للمبادرة يقول ” نسعى لتوسيعها بحيث تشمل بقية قرى المنطقة ، وبدانا فعليًا التواصل مع المؤثرين في القرى المجاورة، وهذا ضرورة، لانه بدون نجاح توسيع المبادرة سيظل اهالي قريتنا معرّضين لخطر الرصاص الراجع الذي يطلق في اعراس القُرى القريبة”.
ويامل دعكم بان “يجري استنساخ مبادرة مقاطعة اعراس الرصاص، على مستوى مديرية سامع ومحافظة تعز، وكل اليمن”.
وشدد قائلا” هذا لن يكون صعبًا في حال انبرى لهذه المهمة نخب المجتمعات وشبابها الواعون، مسنودين بالاجهزة الامنية في حال استدعى الضبط.. وبذلك لن تبقى اعراسنا اشبه بجبهات قتال ومصادر خطر، بل ستصبح افراح ومسرّات خالصة”.
*فائدة كبيرة
الاعراس في اليمن تقام فيها طقوس متعددة، بينها استقبال الضيوف القادمين من مناطق مختلفة، يصاحب ذلك الضرب بالطبول، اضافة الى اطلاق العاب نارية وكذلك اطلاق الزغاريد.
وقال مالك سفيان ناجي، وهو اول عريس تم زفافه بعد تدشين مبادرة مقاطعة الاعراس التي تطلق الرصاص الحي، “عرسي تم بلا اطلاق رصاص… لم اخسر شيئًا لانني لم اطلق النار انا وضيوفي”.
واضاف لوكالة الانباء الالمانية (د. ب. ا) “كسبت كثيرا حيث وفرت مبلغا ماليا كنا سنهدره في حال اطلقنا الرصاص، وكذلك لم نتسبب في ايذاء احد، لان من يطلق الرصاص في الاعراس يعتبر “قاتلا محتملا”.
ومضى قائلا “العرس بلا رصاص قيمة ايجابية عظيمة… اشعر بالفخر لان عرسي كان بلا نيران او ضحايا”.
ودعا جميع الشباب الى الحرص على ترسيخ القيم الايجابية في صفوف المجتمع، والعمل المستمر من اجل محاربة كافة الظواهر السلبية بما في ذلك اطلاق الرصاص، حتى تعم السكينة ارجاء البلاد.
*انشطة مميزة
لاقت هذه المبادرة اعجاب العديد من اليمنيين، رغم ان نطاقها الجغرافي غير واسع، لكونها توفر الامان.
محمد السامعي صحافي مستقل يعمل في وسائل اعلام محلية ودولية، وهو احد الذين ابدوا اعجابهم بالمبادرة، حيث قال ان “هذه المبادرة حظيت باهتمام ملحوظ من قبل الكثيرين”.
واضاف السامعي لوكالة الانباء الالمانية (د. ب. ا) ، وهو احد ابناء المنطقة التي اطلقت فيها المبادرة، ان “ثمة شبابا اضاءوا قراهم بمبادرات ذاتية خففت اثار العديد من الظواهر القاتلة، بما في ذلك اطلاق النار في حفلات الزفاف”.
واشار الى ان مبادرة “افراحنا امان” تعد من الانشطة المميزة والنادرة على مستوى المنطقة والمحافظة، لانها اتخذت قالبا جديدا في مكافحة اطلاق النار، وهو مقاطعة الاعراس التي تتخذ من الرصاص وسيلة للفرحة.
وشدد قائلا “نستطيع ان نفرح بوسائل عديدة هادئة وجذابة بعيدا عن صخب الرصاص واضراره، او مكبرات الصوت التي تزعج الاخرين”.
المصدر : وكالة الانباء الالمانيةمبادرة شبابية باليمن تقاطع حضور الاعراس التي يطلق فيها الرصاص