اخبار اليوم الصحيفة, “اب” اليمنية حيث اخبار اليوم الصحيفة, “اب” اليمنية حيث
تشكل مدينة اب الواقعة وسط اليمن متنفساً ومزاراً طبيعياً لالاف الزوار القادمين اليها من المحافظات المجاورة، فقد منحتها الطبيعة مشهداً يسر الناظرين عبر مجموعة من المدرجات الخضراء والهواء النقي خلال فصل الصيف الذي يشهد حركة سياحية ونشاطاً ملحوظين داخل المدينة واريافها.
التنوع النباتي لمدينة اب جعلها ايضاً تبدو كحلة خضراء بديعة تعانق الغيوم رؤوس جبالها وتزهو الطبيعة فيها وتتالق في مشاهد اسرة وبديعة تجسد مكنون الجمال الطبيعي الخلاب والاسر.
تقع المدينة اليمنية في جنوب العاصمة صنعاء (على بعد 180 كيلومتراً) منها، وتتميز بربيعها الابدي، بفضل معدل تساقط الامطار العالي لديها، والذي منحها مدرجاتها الخضراء المعروفة بعدد النبات الهائل، وقدر عدد النباتات التي سجلت في منطقة وادي عنة بنحو 769 نباتاً تتبع 110 فصائل منها 31 متوطنة، و27 شبه متوطنة.
وتشبه نباتات منطقة الوادي كثيراً نباتات المرتفعات الغربية متوسطة الارتفاع على ضفاف الاودية الواقعة على سفوح التلال التهامية، وفقاً لدراسة قام بها الصندوق الاجتماعي للتنمية اليمني.
ومن الجانب الاخر، تحتفظ “اب” باثارها التي ابقت قيمتها التاريخية، حيث كانت اب مدينة القرار السياسي للدولة الصليحية التي اتخذت من “جبلة التاريخية” عاصمة لها عام 1141م، والتي عرفت قديماً بمدينة الثجة نسبة الى كثرة سقوط الامطار عليها في شهر اغسطس (اب) من كل عام.
وفي مدينة جبلة التاريخية لا يزال بعض شواهدها التاريخية رمزاً حتى هذه اللحظة. مدينة جميلة تختزل في جنبات بنايات عتيقة فناً ومعماراً يمثلان مراحل مزدهرة من تاريخ اليمن، وقد اتخذتها الملكة اروى بنت احمد الصليحي عاصمة لها، وكانت الملكة من النساء القلائل اللاتي بلغن منصباً رفيعاً وقيادياً في العصر الاسلامي، بل وجمعت بين القيادة الدينية والسياسية، مما جعل منها الشخصية الاكثر دبلوماسية وحضوراً في عهد المملكة الصليحية.
متعة وفن وطبيعة
في مدينة اللواء الاخضر يستشعر الزائر بانه امام امواج خضراء متحركة او رسم ابداعي لا مثيل له، وتعرفت على انطباعات عدد من الزوار القادمين اليها.
يقول طلال المدير في حديثه لـ”اندبندنت عربية”، “انه قدم من عدن في نزهة سياحية”، ويرى “انها ملهمة بالنسبة اليه”. اما النازح من مدينة تعز صادق العلواني فيعتبر ان الطبيعة الخضراء انسته اوجاع الحرب، حيث يقضي اوقات الفراغ سائحاً متنقلاً في جنبات المدينة ومعالمها الطبيعية السياحية.
وتشتهر اب باوديتها، واهمها وادي عنة ووادي الدور، والمعروفة بزراعة اشجار البن والمانغو وقصب السكر والزيتون واشجار الصبار، ويتميز وادي عنة بجريان المياه خلال فصلي الربيع والصيف، وخصوبة التربة والاشجار الباسقة، وتوجد بعض الطيور النادرة.
وفي عام 2009 تم اعلان الواديين الشهيرين الدور وعنة، محميتين طبيعيتين بهدف الحفاظ على الحياة الطبيعية والزراعية فيهما.
ويرى المتخصص في تراث وفنون اليمن محمد اليوسفي ان “اب حاضرة في عدد من الروائع الغنائية اليمنية، سواء اوديتها او جبالها وشواطئها”، اذ الهمت طبيعتها الشعراء والمطربين.
ويستطرد اليوسفي “هذا ما نجده في موشح (وامغرد بوادي الدور من فوق الاغصان) للقاضي علي بن محمد العنسي، والذي ترنم به عدد كبير من المطربين، ومع الاستماع لهذا الموشح لا يلبث السامع الا ان يحلق بعيداً، حيث جريان المياه وتمايل الاغصان وسحر الطبيعة. نشعر بذلك ونحن نسمع موشح (وامغرد بوادي الدور) بصوت فضل اللحجي وبصوت الانسي والسمة وابوبكر سالم وطه فرع وايوب”.
اما وزير الثقافة اليمني الاسبق خالد الرويشان فيشير الى ان “في اب ثمة جبل ساكن في قلبها اسمه جبل ربي، ووحدها اب من تفردت بهذا الاسم، وامتازت بهذا القرب وبهذه الحميمية والصفاء والنقاء، وبهذا المقام، مقام القرب عدا عن ذلك، لا بد ان تصعد جبل ربي”.
ويعد شلال المشنة الذي يتدفق اثناء سقوط الامطار، ويشكل متنزهاً طبيعياً للزوار، والى جانبه مرتفعات جبل مشورة، من ابرز المعالم الطبيعية في المدينة.
امال وتحديات
ماساة المدينة السياحية ليست طارئة، وليس اقلها تردي الخدمات، اذ تعاني الشوارع والطرق الرئيسة والفرعية الاهمال، وتنتشر الحفر الكبيرة في معظمها، ويزداد الوضع سوءاً خلال موسم سقوط الامطار. ويامل زوار المدينة وسكانها في تحسين الخدمات المتهالكة.
وفي وقت سابق، انتقد الصحافي جمال عامر في منشور له على “فيسبوك”، السلطة المحلية في اب على اثر تردي الخدمات، قائلاً “انها تضم جيشاً من الوكلاء يتراسهم المحافظ، ويتمثل الانجاز الاهم لهؤلاء في تنظيم حصولهم على المكافاة الشهرية، اما المدينة التي لا يمكن الوصول اليها الا باجتياز حفر عميقة فتبدا من مدخلها الشمالي من مديرية يريم، ولا تنتهي بالمدينة التي اصبحت قرية كبيرة يضج اهلها بمر الشكاوى جراء انعدام الخدمات بمقابل جور ما يفرض عليهم من الواجبات والضرائب التي طاولت اصحاب الصناديق الصغيرة، ومن لم يحل عليهم الحول، اضافة الى جبايات تحمل تسميات مختلفة”.
المعاناة ترافق جبلة التاريخية منذ عقود، وهي اليوم في حاجة اكثر من اي وقت مضى الى الاهتمام من قبل الجميع، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال المباني التاريخية الموجودة فيها مهددة بالسقوط والانهيار، وقد سقط منزلان تاريخيان احدهما في العام قبل الماضي يعود لاكثر من 500 عام، والاخر في العام الماضي”.
وتحتضن اب الاف النازحين القادمين من محافظات يمنية مختلفة جراء الحرب الدائرة في البلاد منذ 2014، ووفقاً لاحصاءات محلية وصل عدد النازحين في المدينة الى اكثر 226 الف شخص.“اب” اليمنية حيث الامواج الخضراء المتحركة