اخبار اليوم الصحيفة, ان الاوان ليكون اخبار اليوم الصحيفة, ان الاوان ليكون
مقال في صحيفة : القدس العربي
اقتربت حرب اليمن من عامها السابع مخلفة عشرات الالاف من الضحايا العسكريين والمدنيين ومئات الالاف من الجرحى والاف المعتقلين والمغيبين قسريا مشردة الملايين ودمارا في الممتلكات لا يوصف. حرب عبثية مؤلمة من المؤكد انه اتخذ قرارها في عدة عواصم اجنبية وعربية فكان احد اهم اسبابها الرئيسية امتلاك اليمن مخزونا ضخما من الثروات الطبيعية بترولية وغيرها مُنِع اليمن يوما من استغلالها… بالاضافة الى موقعه المستفز للبعض وتحكمه بطرق التجارة الدولية وهو ما يمنحه اهمية استراتيجية تجعله منافسا لجواره النفطي. وهو ما يمكن استنتاجه من مجريات الاحداث طيلة ست سنوات. بعد السيطرة على المناطق الاستراتيجية والغنية التي لم تكن في الاساس محل نزاع بين اليمنيين.
ولهذه الاسباب وغيرها كانت السيطرة على المنافذ الحدودية والمناطق الامنة وطرد السكان منها، كما حدث في جزر كمْران وميُّون التي تم تحويلها الى قواعد عسكرية. وكذلك تم تسريح الجيش او مهاجمته « بنيران صديقة » وتقسيم القبائل الى اطراف متناحرة وتحويل المحافظات الى دويلات وتذويب مفهوم الدولة التي كانت تمتلك مقومات السيادة والتعددية التي اثنى العالم يوما على ديمقراطيتها الناشئة. مما ساهم بشكل ماساوي في توسع الحركات الانفصالية والطائفية، وافشال قيام اي شكل من اشكال الدولة.
وفي ظل ضبابية الحرب وتعدد الاطراف التي لا تريد ايقافها، وفي ظل تردد اليمنيين عن اخذ زمام مبادرة سلام او تصالح بسبب الضغط الخارجي، ومع غياب الارادة الدولية لانهاء الحرب، فان من المتوقع استمرار الحرب للاسف اذا لم يحدث اي تغيير في السياسة الدولية. وعلى اليمنيين ان يتاكدوا ان السطو على اليمن سيستمر تحت كل المبررات، اذا ما انتهت هذه الحرب دون حلول، وان الفوضى والقتل سيستمران بوجود البيئة العسكرية المسلحة ضد المدنيين والامنيين وغياب الدولة، ولن يسمح من اشعل هذه الحرب لليمنيين بالتقارب والمصالحة، كي لا تتحول دعوتهم للسلام الى قضية عالمية عادلة يتبناها الكثير ممن لم تتلوث اياديهم بالدماء ومن يستطيعون بمدينتهم وتوجههم السلمي تشكيل حاجز لايقاف هذا النزيف الدموي كي يعود اليمن عزيزا قويا.
اليوم نحن نحتاج اكثر من وقت مضى الى المكاشفة من كل اليمنيين عن الحقائق التي حجبت عن الناس والتي بدات دخانا وتحولت نارا تاكل الجميع، ويحتاج الايمان بالسلام لمواجهة الحرب بقناعة لان الكراهية لا تبني وطنا للجميع وليس لمن يملك السلاح فقط، وان القوة يجب ان تكون للدفاع عن اليمن وان يكون المتقاتلون السواعد التي تبني اليمن والعقول التي تديره، افرادا واحزابا وقوى وطنية ومفكرين وعلماء.
مع انتهاء الانتخابات الامريكية وتوقع حدوث توازنات دولية جديدة في الشرق الاوسط فقد ان لليمنيين ان تكون لهم كلمتهم فيما يحدث على تراب وطنهم وان يغيروا اساليب اتصالاتهم مع العالم وبالذات مع دعاة السلام، وان يبادروا الى احراج الادارة الامريكية الجديدة من خلال توحيد ارادتهم الوطنية وحلحلة عقد الازمة والخروج بها من حالة الجمود والركود. والتواصل مع القوى الراغبة بوقف الحرب على تراب وطنهم. وتريد مد اليد لليمنيين وتمكينهم من ايصال اصواتهم الى العالم طلبا للسلام، خصوصا وان الادارة الامريكية الجديدة من مصلحتها الان وقف هذه الحرب التي تورطت فيها كطرف وتاجر سلاح متجاهلة كافة الجرائم التي ارتكبها حلفاؤها ضد اليمنيين والانسانية.
اليوم نحن نحتاج اكثر من اي وقت مضى الى المكاشفة من كل اليمنيين عن الحقائق التي حجبت عن الناس والتي بدات دخانا وتحولت نارا تاكل الجميع، ويحتاج الايمان بالسلام لمواجهة الحرب بقناعة لان الكراهية لا تبني وطنا للجميع
ان لليمنيين ان يرفعوا اصواتهم مستغلين هذه الظرفية الخاصة رافضين هذه الحرب العبثية والتقاتل بكل اشكاله وتحت اي ذريعة كانت. لكي يتوقف هذا العبث الذي يستتر خلفه قتلة لا مصلحة لليمن ولليمنيين في كل جرائمهم. نعم ان لليمنيين ان يرفعوا شعارا واحدا في هذه المرحلة «لا للحرب والدمار والقتل المجاني»… ولا اظن ان هناك يمنيا شريفا يختلف مع هذا الشعار ومضمونه.
لقد اراد اعداء اليمن ان يفرقوا بل يفتتوا لحمة الشعب اليمني الى ابعد الحدود وان وعينا ورفعنا لصوتنا في هذه المرحلة هو خير رد على هذه الارادة المجرمة التي لا يمكن لنا مجابهتها بالسلاح لانها تملك منه الكثير. ومن هنا ياتي دور النخب والمثقفين في ايجاد الارضية الصالحة لبناء يمن الغد. فاعادة صياغة اللحمة بين ابناء اليمن الذين لم تتلوث ايديهم بالدماء هو واجب كل فرد منا. وهو عمل شاق ومضن ولا يقل اهمية عن بناء الحجر اذا ما وضعت هذه الحرب اوزارها… بل هو اهم من بناء الحجر على الاطلاق. وعلى ابناء اليمن ان لا يضعوا العربة قبل الحصان. والا يا ويلنا لانه نكون كاننا لم نتعلم شيئا من بحار الدماء الطاهرة التي اريقت على ارض وطننا يوما…
واذا كان اعداء اليمن قد شتتوا ابناءه وبنوا حواجز فيما بينهم فانه بامكاننا كسر هذه الحواجز واللقاء في مرحلة اولى عبر منصات التواصل الاجتماعي في لقاءات مفتوحة نتناقش ونتحدث فيها بحرية من اجل ايجاد صيغ توحدنا وتعميق النقاط المشتركة فيما بيننا مما سيساهم في بناء يمن الغد الذي نحب ونريد له ان يكون… فما بيننا ويجمعنا اكثر بكثير مما يفرقنا… وعلينا ان ندرك ان هذه اللقاءات اساسية وجد مهمة حتى لا يسرقوا منا اليمن غدا اذا ما توقفت هذه الحرب التي لا ولن يربح فيها احد…! ولهذا ليكن حصاننا الذي نراهن عليه هو اليمن ولا شيء سواه. والا فما فائدة ان نربح جوازات سفر مختلفة الالوان تزين جيوبنا ونخسر اليمن وطننا وحبنا…؟!
وهذا سوف يساعد ويدعم بقوة بلا شك كل المخلصين العاملين على ارض الوطن من اجل واد الفتن. والذين استطاعوا منذ فترة متسلحين بنواياهم الوطنية الصادقة في تكوين تحالفات وتجمعات مدنية مستقلة للمصالحة والتقارب بين المتحاربين في عدد من المناطق اليمنية مما اثمر عن فتح بعض الطرقات وتبادل للاسرى دون تدخل من اي طرف خارجي. مما يعني انه بمقدورنا تقديم الكثير من اجل اليمن وابنائه اذا ما توفرت الارادة الصادقة الرافضة للحرب واعتبرتها وسيلة متوحشة للسلطة، وطالبت باسقاطها اخلاقيا بوسائل سلمية.
ان الارادة الصادقة لابناء اليمن والتي ليست لها حسابات ضيقة وشخصية هي الافق الوحيد المتاح حتى الان لليمنيين من اجل تحقيق السلام، هذه الارادة التي يمكن ان تجمع اليمنيين في داخل وخارج الوطن وتساعد على وضع حلول وصيغ تقرب وجهات النظر بين الجميع وتمكن من المساهمة في صنع المستقبل لابناء الوطن وبناء اليمن وفق ارضية صالحة للمصالحة والعدالة والتنمية، ارادة تقرب وجهات النظر المختلفة بكل الطرق بتجرد وحيادية، لان لليمن حقوقا على ابنائه جميعا، وانا لمنتظرون لعودة الحكمة اليمانية وعودة الروح للجسد اليمني…ان الاوان ليكون لابناء اليمن كلمتهم في هذه الحرب العبثية