نوبل-لا-تذهب-دائمًا-لمن-يستحقها.-هؤلاء-لم-يكونوا-يستحقون-الحصول-عليها

«نوبل» لا تذهب دائمًا لمن يستحقها.. هؤلاء لم يكونوا يستحقون الحصول عليها

اخبار اليوم الصحيفة, «نوبل» لا تذهب اخبار اليوم الصحيفة, «نوبل» لا تذهب

مع حلول موسم الاعلان عن جوائز نوبل كل عام، تطفو الى السطح العديد من النقاشات وينتشر جدل واسع حول مدى استحقاق عدد من حاملي جائزة نوبل الحصول عليها. ربما نلاحظ ان هذا الجدل منتشر بشكل واضح فيما يتعلق بجائزة نوبل للسلام، والتي يرى فيها البعض انها جائزة تحمل بعض الحسابات السياسية.
لكن ما لا يعلمه الكثيرون ان هناك جدالًا منتشرًا ايضًا يتعلق بحصول بعض العلماء في مجال الطب والفيزياء والاقتصاد على الجائزة الابرز عالميًا، رغم اننا نعتقد ان هذه المجالات هي مجالات غير مثيرة للجدل، ولا يقع فيها انحيازات او تقييمات خاطئة.
سنضرب مثالًا صغيرا يوضح ان الحصول على جائزة نوبل قد يكون امرًا غير منطقي وغير مفهوم في بعض الاحيان. ربما لا يوجد عالم غير من مفهومنا للكون والفضاء مثلما فعل العالم الشهير البرت اينشتاين عبر نظريتيه النسبية العامة (عام 1905) والنظرية النسبية العامة (عام 1916)، واللتين غيرتا مسار الفيزياء للابد.
ورغم ان العالم لايزال يستوعب مدى عبقرية هاتين النظريتين ولايزال يكتشف تنبؤاتها بشكل عملي حتى هذه اللحظة، لكن اينشتاين لم يحصل على جائزة نوبل في الفيزياء تقديرًا لاي منهما. اينشتاين حصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1921 تقديرًا لانجازاته في مجال الفيزياء النظرية، وبخاصة اكتشافه قانون الظاهرة الكهروضوئية.
وذكر موقع صحيفة لوموند الفرنسية انه بالعودة الى قرارات اللجان العلمية التابعة للاكاديمية السويدية التي تمنح جائزة نوبل، يلاحظ ان بعض العلماء الذين حصلوا على جائزة نوبل لم يكونوا يستحقونها. وتساءلت الصحيفة عما اذا كان هذا عائدًا الى بعض «الهفوات» التي كثيرًا ما تنطوي عليها الابحاث العلمية، اي بسبب «الفجوة» التي يمكن ان تظهر بين النظرية وتطبيقاتها العملية.
وعلى عكس المثال السابق، سنعطي امثلة في هذا التقرير على ابرز العلماء الذين فازوا بجائزة نوبل عن اكتشافات ونظريات لم تكن حقيقية او اثبتت فشلها او كانت مثيرة للجدل.
يوهانس فيبيجر.. الدودة والسرطان
فاز العالم الدنماركي يوهانس فيبيجر بجائزة نوبل في الطب عام 1927 عن عام 1926 الذي حجبت فيه الجائزة، وذلك لاكتشافه ان دودة سبيروبتيرا كارسينوما الخيطية هي المسؤولة عن التسبب في حدوث السرطان، لكن كان هناك مشكلة واحدة بسيطة، وهي ان
الدودة كانت مظلومة فهي لم تسبب حدوث السرطان في الفئران كما اظهرت تجارب فيبيجر.
«الدانماركي يوهانس فيبيجر»
وكانت تجارب فيبيجر اظهرت ان الفئران التي تناولت يرقات الديدان عن طريق تناول الصراصير المحتوية عليها، كانت تصاب بالسرطان. في الوقت الذي فاز فيه بالجائزة، كان حكام الاكاديمية السويدية يعتقدون ان هذا البحث هو بحث مثالي كامل يستحق ارفع جائزة علمية في مجال الطب. ثم تبين لاحقًا وبعد منح الجائزة ان الفئران اصيبت بالسرطان نتيجة نقص فيتامين ا.
يوليوس واغنر جوريج.. العلاج بالملاريا
في عام 1927، منحت جائزة نوبل الثانية في الطب للعالم النمساوي يوليوس واغنر جوريج، وهو رائد العلاج باستخدام الملاريا. جوريج منح الجائزة تقديرًا لجهوده في علاج مريض الزهري عبر حقنه بالملاريا، وهو ما يعتبر اختصارًا خطيرًا للعلاج.
«النمساوي يوليوس واغنر جوريج»
ومرض الزهري هو مرض بكتيري ينتقل عبر الاتصال الجنسي ويمكن علاجه بسهولة عبر المضادات الحيوية، لكن في ذلك الوقت لم يكن البنسلين (اول مضاد حيوي يتم اكتشافه في التاريخ عام 1928) موجودًا، وبالتالي كان البحث مستمرًا من اجل ايجاد علاج شاف لهذا المرض الذي يتطور الى مرض خطير وقاتل في مرحلته الاخيرة دون علاج.
جوريج اكتشف ان طفيل الملاريا يمكنه القضاء على بكتيريا الزهري، لكن هذا يعني اصابة المريض بمرض اخر قاتل يمكن ان يودي بحياته، وقد دفع هذا العالم الميكروبيولوجي ومدير معهد باستور بمدينة ليل الفرنسية بارتريك بيرش، الى وصف عام 1927 بانه كان «سنة رهيبة» لجائزة نوبل.
بول مولر.. مكتشف الـ«دي دي تي»
السويسري بول مولر
مثال اخر هنا يظهر عندما جرى منح جائزة نوبل في الكيمياء الى الرجل الذي اكتشف استخدام الـ DDT، وهي المادة الكيميائية التي جرى منع استخدامها وحظرها لاحقًا. ذهبت جائزة نوبل في الطب عام 1948 للعالم السويسري بول مولر الذي اكتشف اكتشافًا انتهى به الامر الى استخدامات جيدة واخرى سيئة، وسيئة جدًا. لم يكتشف مولر مادة «dichlorodiphenyltricloroethane» المعروفة باسم «دي دي تي»، لكنه اكتشف انه يمكن استخدامه باعتباره مبيدًا قويًا يمكن ان يقتل الكثير من الذباب والبعوض والخنافس في وقت قصير.
واثبت هذا المركب فعالية كبيرة في حماية المحاصيل الزراعية ومكافحة الامراض المنقولة بالحشرات مثل التيفوس والملاريا، وقد انقذ هذا المركب عبر هذا الاستخدام مئات الالاف من الارواح، وساعد في القضاء على الملاريا في جنوب اوروبا.
ولكن في الستينيات وجد علماء البيئة ان مادة «دي دي تي» كانت تسمم الحياة البرية والبيئة. وكانت الولايات المتحدة اول من حظرت استخدام هذا المركب فى عام 1972، وفي عام 2001 حظرت استخدامه معاهدة دولية بالرغم من ان بعض الاعفاءات مسموح بها لبعض الدول التي تقاتل وتكافح الملاريا.
انطونيو ايجاس مونيز.. سنقطع جزءًا من مخك لتعالج نفسيًا!
قد تبدو فكرة نحت او كشط او ازالة جزء من ادمغة الناس فكرة جيدة في بعض الاحيان، رغم تحذيرات الاطباء واجراء مثل هذه العمليات بحذر شديد جدًا في لحظات الحياة والموت فقط، لانها قد تسبب اثارًا جانبية مثل فقدان بعض الوظائف الهامة في جسم الانسان.
لكن في وقت ما من القرن العشرين، حاز العالم البرتغالي انطونيو ايجاس مونيز في عام 1949 على جائزة نوبل في الطب لاختراعه عملية جراحية مخيفة تتمثل في ازالة الفص الجبهي من المخ بالكامل من اجل علاج «مرض نفسي» فقط لا غير.
اصبحت هذه الطريقة شعبية جدًا في الاربعينيات في علاج انفصام الشخصية او الشيزوفرينيا وامراض عصبية اخرى، وفي حفل توزيع الجوائز اشيد بانها «واحدة من الاكتشافات الاكثر اهمية من اي وقت مضى في العلاج النفسي». ولكن كانت لهذه العملية اثار جانبية خطيرة، فقد توفي بعض المرضى، وترك الاخرون يعيشون مع ضرر شديد في الدماغ، حتى العمليات التي اعتبرت ناجحة تركت المرضى بلا استجابة حسية ومخدرين عاطفيًا.
انخفض الاقبال على هذه الطريقة بسرعة في الخمسينيات من القرن الماضي، حين اصبحت ادوية علاج الامراض العقلية واسعة الانتشار، واصبحت هذه العملية نادرًا ما تستخدم في ايامنا هذه. يذكر ان جائزة نوبل التي منحت الى مونيز وصفت بانها «نوبل العار»، فكيف يمكن لهذا الاجتثاث «الشرير» لجزء كبير وهام من الدماغ ان يمر عبر لجنة التقييم التي تحتوي علماء يستوعبون جيدًا مدى فظاعة هذا الفعل على جسم الانسان؟
نظرية حازت على نوبل وتسببت في خسائر بالمليارات
اذا انتقلنا الى فرع الاقتصاد، يظهر لنا مثال هو الاوضح على ان الجائزة كانت تمنح لمن لا يستحقها بالفعل في كثير من الاحيان. نحن نقصد هنا الاقتصاديين الامريكيين مبيرون سكولس وروبرت ميرتون، واللذين تعد فكرة منحهما جائزة نوبل كارثة بكل المقاييس في نظر الكثير من المحللين.
«ميرون سكولس»
في عام 1997، جرى منح الرجلين جائزة نوبل في الاقتصاد وذلك لانهما «فتحا افاقًا جديدة في مجال التقييمات الاقتصادية»، على حد تعبير اللجنة المشرفة على الجائزة. لكن الكارثة ظهرت عندما بدا تحويل نظريات الرجلين الى واقع عملي من قبل الشركات.
وطبقًا لما ذكرته الاكاديمية السويدية، فقد جرى منح الرجلين الجائزة لوضعهما صيغة رائدة لتقييم خيارات الاسهم. وقد مهدت منهجيتهم الطريق للتقييمات الاقتصادية في العديد من المجالات. كما انتجت انواعًا جديدة من الادوات المالية، وسهلت ادارة المخاطر بمزيد من الكفاءة في المجتمع. وبالتالي فان صيغتهما الجديدة كانت تتعلق بمجال الاسهم والبورصة وما يتعلق بهما.
المفاجاة كانت عندما قامت الصناديق والشركات المالية بتطبيق نظريتهما الاقتصادية، وهو ما كلفها خسارة مبالغ كبيرة جدًا قدرت بحوالي اربعة مليارات دولار امريكي، وعلى الرغم من ان الاسواق العالمية تمكنت من تفادي العدوى التي ضرب بعضًا منها بسبب هذه النظرية، الا انه الاسواق العالمية بقيت شهورًا تتعافى من اثارها السلبية.«نوبل» لا تذهب دائمًا لمن يستحقها.. هؤلاء لم يكونوا يستحقون الحصول عليها

Scroll to Top