تهاون-النساء-بالكشف-المبكرعن-سرطان-الثدي-يسبب-بنتائج-كارثية

تهاون النساء بالكشف المبكرعن سرطان الثدي يسبب بنتائج كارثية

اخبار اليوم الصحيفة, تهاون النساء بالكشف اخبار اليوم الصحيفة, تهاون النساء بالكشف

عانت الاربعينية اليمنية ايناس ناصر احمد، من الام في جسدها، لم تلق لها بالا الا بعد ان تفاقمت وصاحبتها حمى شديدة، ما دفعها للتوجه الى مشفى الصداقة الحكومي في عدن لاجراء الفحوصات الطبية في مايو/ايار الماضي، وهناك اشتبه الاطباء في اصابتها بورم سرطاني في الثدي، الامر الذي تطلب من الطبيب المعالج اخذ عينة من الورم وتحليلها لمعرفة نوعه، “وليتني ما عرفت” هكذا قالت ايناس لـ”العربي الجديد” قبل ان تضيف بصوت حزين “صعقت من نتائج تحليل العينة التي اكدت اصابتي بورم خبيث في الثدي”.
ويعد سرطان الثدي الاكثر انتشارا في مدينة عدن مقارنة بمختلف الامراض السرطانية، اذ اصيبت به 345 امراة من بين 1631 مصابا ومصابة بـ 54 نوعا من السرطان، خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2015 وحتى يوليو/تموز 2017 وفقا لسجلات فرع المركز الوطني لعلاج الاورام في عدن، وهو ما يؤكده الدكتور جمال حسين زين مدير عام فرع المركز، موضحا لـ”العربي الجديد” ان سرطان الثدي يتصدر قائمة الانواع السرطانية في عدن منذ 3 اعوام، ويليه سرطان الغدد الليمفاوية بواقع 167 مصابا ومصابة، وسرطان الدم “اللوكيميا” والذي جاء في المرتبة الثالثة بواقع 159 حالة فيما يصاب 10الاف يمني ويمنية بالسرطان سنويا في اليمن بشكل عام”.
اسباب الاصابة
تعد العوامل الوراثية مثل اصابة احد افراد العائلة كالام من الاسباب التي تزيد من احتمالية الاصابة بسرطان الثدي المنتشر في عدن بنسبة 22% من بين مختلف الانواع حسبما يقول الدكتور زين، مضيفا ان عوامل اخرى تزيد من احتمالية الاصابة بهذا النوع من الاورام مثل اضطرابات الهرمونات، وعدم الحمل لفترة طويلة، ناهيك عن تعرض المراة للعدوى الفيروسية، والمواد الكيميائية، وهو ما تؤكد عليه مجلة منظمة الصحة العالمية في مجلدها الـ91 والصادر في 9 سبتمبر/ايلول 2013 في مقالة طبية بعنوان “لغز سرطان الثدي”، وتوضح المجلة ان المواد الكيميائية التي تدعى المركبات المعطلة للصماوي EDCs توجد في كثير من الاشياء، مثل مزيلات الروائح، واقيات الشمس، مستحضرات التجميل ومواد تعليب الاطعمة الى المبيدات الحشرية كلها عوامل تزيد مخاطر الاصابة بسرطان الثدي عامة، ناهيك عن عوامل اخرى مسببة له، مثل الكحول، والسمنة، لكن رئيس المجلس العلمي في المركز الوطني لعلاج الاورام في صنعاء حمود درهم القدسي يؤكد لـ”العربي الجديد” غياب اسباب محددة للاصابة بسرطان الثدي المنتشر في مدينة عدن، اذ لم تتم دراسة الامر علميا.
يتطابق تاكيد القدسي مع اخصائي الاورام الدكتور عبد الله الرباس، والذي قال لـ”العربي الجديد”: “الغرض من تحليل عينات المصابات بسرطان الثدي، هو التاكد ما اذا كان الورم خبيث ام حميد، وليس لمعرفة سبب الاصابة به، لان هذا الامر يحتاج لدراسات علمية”.
مركز ابحاث لا يعمل
يعجز مركز الاورام في عدن عن دراسة اسباب تزايد حالات سرطان الثدي بشكل خاص والسرطان بشكل عام في المدينة منذ 3 اعوام، على الرغم من انشاء الحكومة لمركز تسجيل وابحاث السرطان بكلية الطب جامعة عدن الحكومية في العام 1997 والذي يهدف الي اجراء الدراسات والابحاث المساهمة في تشخيص الامراض السرطانية والعوامل المرتبطة بحدوثها، وانشاء سجل وطني للسرطان، واعداد الاحصائيات المساهمة في صياغة خطط وطنية لمكافحة السرطان، من خلال الاستعانة بالكادر الاكاديمي في كلية الطب بجامعة عدن حسبما يقول الدكتور القدسي، متسائلا عن سبب عدم قيام المركز بابحاث علمية عن سرطان الثدي الاكثر انتشارا في عدن بعد 20 عاما من انشائه؟
رئيسة مركز تسجيل وابحاث السرطان بجامعة عدن الحكومية الدكتورة هدى عمر باسليم ترد على هذا التساؤل بالقول:” عدم اعتماد موازنة حكومية للمركز منذ نشاته حال دون اجراء الدراسات والابحاث المساهمة في معرفة الامراض السرطانية، والعوامل المرتبطة بحدوثها ومنها سرطان الثدي الاكثر انتشارا في مدينة عدن “، متابعة لـ”العربي الجديد”: “عمل المركز ظل مقتصرا على المشاركة في بعض ورش العمل والحملات التوعوية التي كان اخرها حملة للتوعية بالسرطان في عدن في فبراير/شباط 2016”.
لكن وكيل وزارة الصحة العامة والسكان في الحكومة الشرعية علي الوليدي، يقول ان مركز تسجيل وابحاث السرطان تابع لكلية الطب بجامعة عدن الحكومية، وموازنته ضمن الموازنة الحكومية المخصصة لجامعة عدن، “وهو طرح يتناقض مع وعود الحكومة اليمنية المتكررة بدعم المركز” بحسب الدكتورة باسليم، وهي ذات الاسباب التي جعلت مراكز علاج الاورام الستة في مدن (عدن، تعز، حضرموت، الحديدة، اب، سيئون) اليمنية، الى جانب المركز الرئيسي في صنعاء مقتصرة في عملها على علاج مرضى السرطان، رغم ان جزءا من عمل تلك المراكز هو اجراء الابحاث العلمية على الاورام السرطانية الاكثر انتشارا مثل سرطان الثدي في عدن بحسب الدكتور زين، والذي اكد على اهمية الابحاث العلمية في تحديد البرامج العلاجية والوقائية.
غياب الدعم الحكومي
صاحب انتشار السرطان معاناة 90% من مرضى بالسرطان بمن فيهم المصابات بسرطان الثدي من عدم قدرتهم على دفع تكاليف العلاج وشراء الادوية في ظل انعدام الانواع المجانية منها والتي كان فرع مركز الاورام بعدن يوفرها قبل اندلاع الحرب في مارس/اذار من عام 2015، اذ كان المركز يحصل على 75% من الادوية الكيميائية والمناعية، والداعمة والمحاليل الطبية المقدرة بـ450 نوعا من المركز الرئيسي لعلاج الاورام في صنعاء ويوفر جانبا كبيرا منها مجانا لمرضاه، بحسب الدكتور زين، لكن المركز اصبح عاجزا عن توفير العلاج بسبب النقص الحاد للدواء في عموم اليمن، ملقيا باللوم على الحكومة الشرعية التي لم تعتمد موازنة سنوية للمركز لشراء الادوية، رغم الطلبات التي تقدم بها المركز الى الحكومة، والتي كان اخرها في مايو/اذار 2017، ناهيك عن افتقاد المركز لجهاز فصل شرائح الدم واجهزة خاصة بتحديد انواع السرطان وتقسيمها، واجهزة فحص مدى استجابة المريض للعلاج وبنك دم، وجهاز الاشعة، الى جانب احتياج مختبر المركز الى جهاز “Cobas” الخاص بفحوصات الجرع الكيميائية حسبما اوضح.
ويقر وكيل وزارة الصحة العامة والسكان الدكتور علي الوليدي بعدم دعم مركز الاورام بالادوية في عدن، لكنه يقول لـ”العربي الجديد”: “وزارة الصحة تعمل في ظروف صعبة، الامكانيات شحيحة في ظل الاوضاع التي تمر بها البلاد”، مضيفا “وزارة الصحة تقدمت بمذكرة رسمية الى وزارة المالية لاعتماد موازنة تشغيلية للادوية والعمل جار لاعتمادها، كما انها تقوم بالتواصل مع المنظمات الخليجية والدولية للحصول على دعم لمرضى السرطان، لكن ايناس لا تثق بهذه الوعود بينما تستمر في الاعتماد على شقيقتها في تدبير امر علاجها الذي يكلفها 50 الف ريال (200 دولار) شهريا، فيما توفي الاربعيني عزام سعيد مطلع اغسطس/اب 2017 بعد معاناته ستة اشهر من سرطان الغدة اللمفاوية، ثاني الانواع انتشارا في عدن، بحسب شقيقه حامد.
مساعدات دوائية لا تكفي
يحاول المسؤولون بمركز الاورام في عدن التواصل مع مراكز الاغاثة الدوائية والمنظمات الصحية العاملة في اليمن لتوفير الحد الادنى من ادوية مرضى سرطان الثدي ومرضى السرطان عامة بحسب مسؤول الصيدلية في فرع مركز الاورام الدكتور محمد مجاهد، والذي كشف لـ”العربي الجديد” عن حصول صيدلية مركز الاورام على 11 صنفا من الادوية الكيميائية في يونيو/حزيران 2016 ولم تغطَ الكمية سوى ثلاثة اشهر فقط، بالاضافة الى خمسة اصناف دوائية من ضمنها 100 ابرة “بنكريستين” لمرضى سرطان الدم وفرها مركز الاغاثة الكويتية في مايو/اذار 2017، توزعت على فروع مركز الاورام الستة، وكان نصيب مركز الاورام في عدن منها 15 ابرة، كما يقدم فرع المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان (مؤسسة خيرية) في عدن دعما ماديا للمريض المعسر بنسبة 50% من ثمن شراء الادوية والفحوصات والاشعة اللازمة التي يحتاجها المريض بعد تعاقدها مع مراكز طبية ومستشفيات خاصة لهذا الغرض بحسب تاكيد عادل سعيد القدسي مدير المؤسسة لـ”العربي الجديد”، مشيرا الى ان المؤسسة تعمل على جمع التبرعات سنويا لدعم مرضى السرطان ومنهم مرضى سرطان الثدي، كونها تحظى بثقة الذين لديهم قدرة على المساهمة في علاج المرضى، لكن منذ بداية الحرب في اليمن، شح حجم التبرعات، ولم تقدم السلطة المحلية في عدن دعما ماليا للمؤسسة رغم توجيهاتها بذلك، فيما اعتذرت منظمة الصحة العالمية عن دعم مركز السرطان في عدن بالادوية بعد ان تقدم المركز بطلب دعمه بالادوية تحت مبرر انها منشغلة بامراض التغذية، والامراض السارية في البلد بحسب افادة الدكتور زين، وهذا ما اكده مدير المؤسسة الوطنية للسرطان الذي كان قد تقدم بطلب مماثل لمنظمة الصحة العالمية.
وبالرغم من هذه المساعدات الدوائية المقدمة من مراكز اغاثة ومؤسسات خيرية، الا ان الادوية المتوفرة في صيدلية مركز الاورام في عدن لا تغطي سوى 5% من اجمالي ما يحتاجه المركز خلال العام الواحد من الادوية، اذ ان 95% من الاصناف الدوائية غير متوفرة في الصيدلية، ما يؤثر على المصابات بسرطان الثدي ومرضى السرطان عامة من غير القادرين على شراء الادوية، “والذين يموتون في صمت” يقول الدكتور مجاهد. تهاون النساء بالكشف المبكرعن سرطان الثدي يسبب بنتائج كارثية

Scroll to Top