فتيات-اليمن-الصغيرات-ضحية-حرب-لا-ترحم-الطفولة

فتيات اليمن الصغيرات ضحية حرب لا ترحم الطفولة

اخبار اليوم الصحيفة, فتيات اليمن الصغيرات اخبار اليوم الصحيفة, فتيات اليمن الصغيرات

كانت سلمى ذات الثلاثة عشر عاما تدرس في الصف السابع من التعليم الاساسي، غير انها انقطعت عن الدراسة بعد ان اضطر والدها حسن مروعي (41 عاما) الذي يعول سبعة اطفال الى النزوح باسرته جراء الحرب.
حسن غادر مسقط راسه مديرية حرض، محافظة حجة، شمال غرب اليمن، التي كان يعمل فيها مزارعا بالاجر اليومي، وتربية بعض المواشي، الى منطقة نائية شرق مديرية عبس التابعة لنفس المحافظة، ليعيش بعيدا عن مخيمات النازحين، حتى استنفد كل مدخراته.
وفي شهر مايو الماضي اضطر الى تزويج ابنته سلمى من احد اقاربه يعمل في احدى الدول المجاورة، بعد ان استدان منه مبلغ 700 الف ريال يمني (الفين دولار) على دفعات متفرقة لتلبية متطلبات حياة اسرته منذ بدء الحرب.
يقول محمد توفيق، وهو احد جيران حسن في مركز مديرية عبس، “لم تشهد ليلة زفاف سلمى اي مظاهر للفرح والاحتفال، بل جاءت سيارة يستقلها العريس الذي يكبرها بنحو عشر سنوات برفقة والدته، واخذا العروس الصغيرة الى منزل الزوج في منطقة اخرى”.
ويتابع محمد قائلا ، “بعد اسبوع نقلت سلمى الى مستشفى ‘اطباء بلا حدود’ في مدينة عبس لتلقي العلاج، وعلمنا انها تعرضت لنزيف حاد بسبب العنف الزوجي الذي استمر معها ثلاثة ايام قبل نقلها الى المستشفى”.
قصة اخرى لمريم راشد، ارملة في العقد الرابع، توفي زوجها قبل ستة اعوام في حادث سير، لديها خمسة اولاد، اكبرهم ابنتها فتحية (14 عاما)، كانت تعيش قبل الحرب على تربية المواشي والعمل في المزارع المجاورة في منطقة “القص” شرق مديرية ميدي، وبعد تصاعد الاعمال القتالية نزحت الى مديرية مستبا.
تعترف مريم بانها صمدت في مواجهة اعباء الحياة سنة كاملة، باعت المواشي واستنفدت مدخراتها، ولم تجد احدا تستدين منه لاعالة اطفالها.
وبحسرة والم تؤكد ان المخرج السهل كان في تزويج ابنتها فتحية مقابل مبلغ ستمئة الف ريال (اقل من الفي دولار) دفعها لها احد تجار التجزئة العاملين في المنطقة لتصبح الفتاة القاصر زوجته الثانية.
نفت مريم تعرض ابنتها للاذى من الزوج الذي يكبرها بعشرين عاما، وربما لم ترد ان تتكلم عن شيء يعد الخوض فيه عيبا خالصا في الثقافة المحلية، لكنها لم تخف انها تشعر بالاسى لان ابنتها تركت الدراسة.
ويؤكد محمد جهلان مدير اوقاف مديرية حجة، وموثق عقود الزواج في عزلة بني عيان ان “رضية . ن” زوجّها ابوها اواخر العام 2016 وهي في سن الرابعة عشرة لشخص يكبرها بسنوات لذات الاسباب وتعرضت لنزيف ليلة زفافها ما جعلها تدخل في صدمة نفسية وحالة من الكراهية لوالدها ووالدتها، ودفعتها الى الهرب من بيت الزوج الى منزل عمها.
ويضيف “تعرضت الفتاة للضرب اكثر من مرة من ابيها، ومن زوجها وكانت تعود مساء الى منزل الزوج بالقوة، لكنها كانت تهرب صبيحة اليوم الثاني الى منزل عمها او جدها” ويتابع “بعد مضي سنة كاملة على هذا المنوال تزوج الزوج باخرى، وترك رضية، التي انقطعت عن الدراسة، معلقة في بيت ابيها”.
وفي مديرية “الكعيدنة” سمعنا قصصا كثيرة عن حالات مماثلة، واكد لنا ابراهيم خالد، وهو كاتب عقود زواج، ان”90 بالمئة من حالات الزواج التي عقدها هو شخصيا في العامين الاخيرين كان احد طرفيها فتاة تحت سن الثامنة عشرة”.
وكشفت دراسة اجرتها منظمة اليونيسف في سبتمبر2016، وشملت 6 محافظات، ان معدلات الزواج المبكر وصلت الى مستويات تُنذر بالخطر.
وافادت 72.5 بالمئة من النساء المبحوثات اللواتي تتراوح اعمارهن بين 15 و49 سنة، بانهن تزوجن قبل بلوغ سن الثامنة عشرة، في حين افادت 44.5 بالمئة تقريبا بانهن تزوجن في سن الـ15 سنة وربما اقل، وتعد هذه الظاهرة اكثر شيوعا في محافظات الحديدة وحجة واب، حيث يكثر عدد النازحين جراء الحرب.
وتعتبر محافظة حجة (شمال غرب) من اكثر المحافظات اليمنية التي تفاقمت فيها المشكلة، بسبب وطاة الحرب ونزوح الالاف من الاسر التي فقدت مصادر دخلها؛ من النشاط الزراعي والحيواني، والتجارة والاعمال المرافقة لحركة المسافرين والبضائع عبر منفذ الطوال الحدودي بين اليمن والسعودية.
كما شكل انقطاع رواتب الموظفين مشكلة اخرى للاسر التي كان يعتمد عائلها على الراتب الحكومي في تدبر شؤون اسرته.ويعتقد رئيس منظمة “سياج” لحماية الطفولة احمد القرشي ان الزيادة الكبيرة في نسب زواج الصغيرات بمحافظة حجة واليمن عموما سببها الحرب التي احدثت تراجعا كبيرا وخطيرا في سبل معيشة جميع اليمنيين، وانسحاقا للطبقة العاملة الى هاوية الفقر والحاجة.
ويقول “مناطق المواجهات والنزوح مثل محافظات حجة وتعز وصعدة وعدن وصنعاء والحديدة هي الاكثر تضررا من اتساع المشكلة، حيث يوجد قرابة ثلاثة ملايين نازح جلهم من الاطفال والنساء”.فتيات اليمن الصغيرات ضحية حرب لا ترحم الطفولة

Scroll to Top