هل-تعتز-اسرائيل-بالفن-اليمني-اكثر-من-العرب؟

هل تعتز اسرائيل بالفن اليمني اكثر من العرب؟

اخبار اليوم الصحيفة, هل تعتز اسرائيل اخبار اليوم الصحيفة, هل تعتز اسرائيل

شُيع مؤخرا الى مثواه الاخير الفنان اليمني الكبير، احد اهم الاسماء في عالم الموسيقى العربية ابو بكر سالم.. دون اهتمام لائق من قبل وسائل اعلام تجاهلت حتى خبر وفاته.
الملفت في تعامل وسائل اعلام عربية مع خبر رحيل هذا الفنان الكبير هو ان بعضها نشر هذا الخبر بالاشارة الى انه سعودي، على الرغم من ان ابو بكر سالم ليس سعوديا من اصل يمني بل هو يمني حاصل على الجنسية السعودية، شانه في ذلك شان الكثير من اليمنيين المقيمين في السعودية، سطّر الكثير منهم اسماءهم بحروف من ذهب عبر انجازات شهدتها المملكة، علاوة على الكثير من النجاحات التي حققها يمنيون كُثر خارج بلادهم.. تُرفع لها القبعات.
فالقول ان ابو بكر سالم سعودي في الحقيقة، يبدو تماما كالقول ان المغنية السورية اصالة بحرينية وان الفنان اللبناني راغب علامة فلسطيني والمغني الجزائري الشاب خالد مغربي.. وهو امر يبدو جائزا من الناحية الرسمية لحصول الفنانين المُشار اليهم على الجنسيات المذكورة، ولكنه يجافي الواقع.. فاصالة سورية وراغب لبناني والشاب خالد جزائري.. وابو بكر سالم يمني.
الملفت ان الكثير من المتابعين لوسائل الاعلام اليومية، لم يقراوا خبر وفاة ابو بكر سالم الا اثناء تصفحهم خبرا ما، راوا على هامشه، اي ضمن زاوية “المزيد من الاخبار”، صورة الفنان الراحل مرفقة بعنوان عن وفاته.
يندرج هذا التجاهل الاعلامي لليمن واليمنيين ضمن توجه عام، بات يقتصر على تغطية سفك الدماء اليمنية في مختلف وسائل الاعلام، وكان هذا البلد، الذي لم يعد سعيدا، لا شيء فيه سوى صور لمسلحين ومشردي حرب، بعد ان تحولت اراضيه الى ميدان تصفية حساب بين قوى “شقيقة” و”صديقة”، تتخذ منها حلبة صراع، تتبادل فيها تحقيق “انتصارات” على حساب هذا الشعب المغلوب على امره، لتتحول اراضيه الى حلبة رقص على جثث ضحاياه.. ما يجعل اليمنيين يتحسرون على تلك الايام التي كان فيها يمنهم متجاهلا وخارج اي تغطية ويتمنون عودتها. صحيح هو لم يكن سعيدا حينها ايضا، ولكنه لم يكن بهذا البؤس والتعاسة.
وعند تسليط الضوء على الفن اليمني تجدر الاشارة الى ان هذا الفن حاضر وبقوة في المشهد الفني العربي ولا سيما الخليجي، علما انه غالبا ما يُشار اليه على انه خليجي فقط، وكان الامر مقصود ويهدف الى تمييع اسهام اليمنيين العظيم في هذا المجال.
هناك الكثير من الالحان التي ابدعها موسيقيون يمنيون ولكنها اشتهرت خارج اليمن.. ربما اشهرها اغنية “انا ما انساك لو تنسى” بصوت الفنان الكويتي نبيل شعيل، علما ان اول من ادى هذا اللحن كان الراحل ابو بكر سالم باغنية تحمل اسم “ورى الايام لك وحدك”، وكان ذلك في عام 1959.. اي عندما كان نبيل شعيل في الثالثة من عمره.
لا بد من الاشارة هنا الى ان كاتب هذه السطور منحاز للفن الخليجي، وخاصة الكويتي الذي يعد في طليعة هذا الفن. لكن هذا الانحياز لا يحول دون التذكير بان لحن الاغنية الكويتية “انا ما انساك لو تنسى” هو لحن يمني.. وليست هناك ضرورة الى معلومة موثقة كي تستشعر يمنية هذا اللحن، فهو ينطق، بل يصرخ بكل نغمة فيه.. انا يمني.
“انا اليمني”.. اغنية بصوت المطرب التونسي لطفي بشناق، الذي ادى كذلك واحدة من اروع الاغاني في الفن العربي المعاصر، هي اغنية “ليلى” بلحن يمني ابن يمني “ابو اسد”.. ابدعه الفنان الحاصل على جوائز وشهادات تكريم عربية وعالمية، الموسيقار، المغني اليمني احمد فتحي الذي غنى في حفل منح جائزة نوبل لاول سيدة عربية.. اليمنية توكل كرمان.
في المقابل.. يرى المتابع ان الفن اليمني حاضر في اسرائيل، حيث يعيش يهود كثر تعود اصولهم الى اليمن، لا يزالون يشعرون بالترابط الوجداني مع ارضهم وعاداتهم وثقافتهم اليمنية.. فتجدهم يغنون تراثهم الموسيقي، ويؤلفون اغاني جديدة ويتغنون بحب يمنهم بلهجة يمنية خالصة. والملفت هنا ان جذور اشهر المغنّين في اسرائيل تعود الى اليمن.
لن اسهب بذكر الكثير من هذه الاسماء اللامعة، كي لا يُقال انني ادعو الى “التطبيع مع العدو”.. ولكن تكفي الاشارة الى حاييم موشي والى عوفرا هازا، التي غنت في حفل “نوبل” للسلام ايضا عام 1994، وشوشانا دماري الملقبة بام كلثوم اسرائيل.. علاوة على ان السواد الاعظم من الفائزين الاسرائيليين بجائزة الـ “يوروفيجن” هم من اصول يمنية، كانوا ولا يزالون يحظون باعلى درجات التقدير على مختلف المستويات.
اذا كان اليمنيون يفتقرون الى الية الترويج الفعّالة لمبدعيهم وكنوزهم الفنية، خلافا للحال في مصر وسوريا ولبنان على سبيل المثال، فذلك لا يعطي الحق لاحد بالتعامل مع هذا الكنز على انه لا صاحب له، يقبع في مغارة لا “افتح يا سمسم!” فيها.. فتصبح مشاعا لمن هب ودب.
من المؤسف الا يحظى فنان عربي كبير، هو اول اسم يتبادر الى ذهنك حين تقول “فنان يمني”، الراحل ابو بكر سالم، بالمستوى اللائق من التغطية لوفاته. لكن من المؤسف اكثر انه حين يتم تناول هذا الخبر، فان ذلك يتم بصورة مغلوطة.. من خلال الترويج لمعلومات ذات مغزى عن جنسيته، ما يعد مصادرة ارث وطن ضائع.. و”ضائع” هنا تعود على “ارث”.. وعلى “وطن” ايضا.
علاء عمرهل تعتز اسرائيل بالفن اليمني اكثر من العرب؟

Scroll to Top