اخبار اليوم الصحيفة, مصيدة اليوتيوب لسرقة اخبار اليوم الصحيفة, مصيدة اليوتيوب لسرقة
مليار ونصف مستخدم شهري لشبكة اليوتيوب، هل تتخيل معي هذا الرقم، هذا يعني انه قريباً سيصبح ربع سكان العالم يشاهد الفيديوهات عبر هذه المنصة، كما ان الموقع يحتل المركز الثاني بعد قوقل في قائمة اليكسا، وهذا يعني انه من اكثر المواقع زيارة في الانترنت، ليس هذا فحسب، بل انه يستهلك الكثير من وقت الزوار، من الصعب ان تجد الشخص الداخل اليه يخرج بعد 3 او 4 دقائق، فالمصائد قد احكمت والمغريات قد اعدت من اجل ابقائك اطول فترة ممكنة داخل الشبكة.
اليوتيوب لديه هدف رئيسي (من بين عدة اهداف) هو ابقاء المشاهد اطول فترة ممكنة؛ كسب المزيد من وقتك ووقتي داخل الشبكة، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو العائد المادي طبعاً، فمعنى ان تشاهد المزيد يعني انه من الممكن اظهار اعلانات اكثر، وبالتالي تحقيق المزيد من الارباح.
معادلة اليوتيوب بسيطة في سبيل تحقيق هذا الهدف، فالشبكة تكافئ اصحاب القنوات التي تبقي المشاهد اطول فترة ممكنة اثناء مشاهدة فيديوهاتها، بان تسلط الاضواء على القناة اكثر وتكسبها المزيد من الجمهور، وبتالي زيادة المكسب المالي لاصحاب تلك القنوات (عبر الاعلانات).
هي دائرة تدور والجميع يربح، الخاسر الوحيد هو وقتك، فالوقت هو العملة التي يتم استهلاكها في هذه المعادلة، هي التي تنقص ولا تزيد، فصاحب القناة تزيد ارباحه، واليوتيوب يزيد مكسبه، لكن انت فقط من يخسر من وقته.
بالطبع ستخبرني الان انك لست العنصر الخاسر، بل انت رابح من بين الرابحين، اعلم ذلك، وقد قلت مسبقاً ان الجميع يخرج رابح من المعادلة، فانت وانا بصفتنا مستخدمين نحصل على المعلومة بالمجان، نتعلم ونستفيد ونكتسب خبرات كان من الصعب اكتسابها قديماً، وكل ذلك ونحن نسترخي في منازلنا بدون ان نبذل اي مجهود او نضحي باية اموال.
لكن هذا في حالة كنا نشاهد المحتوى المفيد والنافع، ذلك المحتوى الذي يحصل على القليل من الاهتمام والمشاهدات -للاسف- بينما يحصل المحتوى الترفيهي (واحياناً السامج) على ملايين المشاهدات، انا اعلم انه ليس من الخطا مشاهدة المحتوى الترفيهي، لكن المشكلة عندما نضيع فيه جل وقتنا، فالحياة عمل وبناء، والبناء بتطلب المعرفة اولاً، واليوتيوب احد ابواب المعرفة المجانية.
معرفة مجانية لكنها سلبية!
مجانية المحتوى في اليوتيوب ميزة ايجابية وامر سلبي في نفس الوقت، سبب الايجابية واضح، لكن لماذا هو امر سلبي؟ السبب هو ان ما جاء (بالساهل) يذهب (بالساهل) عند اغلب الناس، طبعاً ليس جميعهم، فالبعض يستفيد من المعلومة والمعرفة المجانية ليستخدمها في تحسين وتطوير حياته وحياة الاخرين من حوله، فمن ينجح في تحويل الجانب النظري الى جانب عملي هو فعلاً من يخرج رابح من المعادلة وينجو من المصيدة، لكن من يقف عند الجانب النظري فقط، هو ايضاً من الخاسرين، لكن كيف ولماذا؟
عندما تشاهد محتوىً لا تستفيد منه في حياتك -وان كان مفيداً- فانت تستهلك وقت المهام الاخرى المطلوبة منك في الحياة، مثل مذاكرة الدروس او اتمام الاعمال او العناية بالاسرة والاهتمام بالاولاد، هنالك الكثير من المسؤليات في حياتنا، سواءً تجاه انفسها او تجاه من حولنا ممن نعولهم او نهتم بهم، وكل ساعة تقضيها هنالك انت تاخذها مما هو واجبٌ عليك هنا.
لذلك اسال نفسك وانت تشاهد اي فيديو في اليوتيوب، هل تشاهد وفق نية مسبقة، ام ان الفعل يسبق النية دائماً؟ بمعنى: هل تسير مع التيار، مع الفيديوهات المقترحة التي تظهر لك يميناً ويساراً، ام انك تدخل الموقع وفي راسك هدف معين وتشاهد الفيديوهات التي تحقق لك مبتغاك وتساهم في ايصالك الى اهدافك.
اعلم انه من الصعب ان نكون منظمين 100% وان تكون كل خطواتنا مدروسة واوقاتنا محسوبة، في النهاية نحن بشر، لنا رغبات ودوافع ونفوس تميل الى الراحة والدعة، لدينا رغبة جامعة في الاستكشاف وفضول قوي لمعرفة المجهول، لذلك فلا مشكلة في قضاء بعض الاوقات في الابحار في محيطات هذه الشبكة دون وجهة معينة، فقط كي نرى اين وصل الناس وماذا في الدنيا من حولنا، لكن الغير مقبول من الانسان الجاد في الحياة ان تكون هذه هي العادة والسمة الغالبة في كل مرة يدخل متاهات اليوتيوب المتشعبة.
ماهو الحل اذاً ؟
دعونا نستعرض بعض الحلول العملية والبسيطة التي قد تترك اثر كبير لو تعودنا عليها:
1. نصف دقيقة من التفكير
هذا الحل لا يتطلب ادوات او برامج او اي شيء من هذا القبيل، عبارة عن عادة شخصية تطورها عند استخدام منصة اليوتيوب او اي شبكة اجتماعية اخرى، وهي ان تكون واعٍ لسبب استخدامك للشبكة، ان تتوقف مع نفسك قبل ان تفتح الموقع او التطبيق وتتذكر ماهو سبب دخولك اليها، ماهو المحتوى الذي تنوي مشاهدته فيها.
في بعض الاحيان ندخل الشبكة، ثم ما نلبث ان ننسى لماذا دخلنا، فقد تهنا بين المحتوى المرئي، من فيديو الى اخر، العناوين البراقة تظهر هنا وهناك، ونحن نلهث وراءها نحاول اشباع فضولنا الذي لا يشبع.
2. استخدام اضافة 1-click-timer
هي اضافة برمجية لمتصفح قوقل كروم، مفيدة لتحديد وقت الاعمال والمهام الرقمية (التي تتم عبر الحاسوب)، ان كنت تتصفح اليوتيوب عادةً من سطح المكتب، فيمكنك استخدام هذه الاضافة لتحديد وقت بقائك في الشبكة في كل مرة تدخل اليها.
قبل ان تلج الى الشبكة، انقر على الايقونة وحدد المؤقت الى نصف ساعة او اكثر او اقل (الوقت الذي تريد قضاءه داخل اليوتيوب) سيعمل العداد التنازلي وانت تراقب الدقائق وهي تقل تدريجياً امام عينيك، وعند انتهاء الوقت سيرن الجرس.
مراقبة الوقت وهو يتناقص له تاثير كبير في ابقائك متيقضاً واعياً لوقتك وهو ينحسب ويذوب من بين يديك، سيساعدك هذا على التركيز على الاهم فالمهم وانت داخل الشبكة، وسيجعلك اكثر حرصاً على عدم الانسياق بسهولة وراء الاقتراحات المقدمة اليك.
3. استخدام زر (المشاهدة لاحقاً)
عندما تجد فيديو مميز وتريد مشاهدته لكن ليس لديك الوقت الكافي، فالحل هو الزر الذي اخترعوه لنا والمسمى (المشاهدة لاحقاً) يمكنك استخدامه بدون حتى الدخول الى صفحة الفيديو (عبر رمز الساعة الذي يظهر عند تمرير المؤشر فوق صورة الفيديو)، فانت بالتالي تقوم بتجميع كل المحتوى المميز الذي تريد مشاهدته الى وقت لاحق.
يمكن تحديد ساعة معينة في الاسبوع لاستعراض وتصفية قائمة (المشاهدة لاحقاً) وستجد ان بعض الفيديوهات لم تعد متشوقاً لمشاهدتها كما المرة الاولى، ويمكن حذفها من القائمة ببساطة، وهذه احدى فوائد استخدام هذه الخاصية، انك تؤجل المشاهدة حتى تتاكد من احتياجك فعلاً لمشاهدتها.
4. استخدام اداة DF YouTube
وظيفة اداة (DF YouTube) ببساطة هو حذف المحتوى الجانبي والذي يظهر بجانب وبعد الفيديو، والابقاء فقط على مربع الفيديو، لن تظهر لك المقترحات التي يحاول اليوتيوب اصتيادك بها ثم امتصاص وقتك كما الخفاش حين يمتص دم فريسته، ستقوم بالبحث عن الموضوع الذي تريد ثم تشاهد الفيديو المحدد وتذهب في سلام.
اخيراً …
اصبح سوق الاعلانات الرقمية اليوم من اكثر الاسواق ازدهاراً ونماءً، اصبحنا نجد الكثير من الخدمات المقدمة بالمجان مقابل ان تشاهد انت بعض الاعلانات، الكل يحاول الاستفادة من تواجدك الرقمي ووقتك المستهلك، فلا تكن انت اخر من يفكر في الاستفادة منه واستثماره، فالشركات الكبرى تتغذى على الاوقات المهدرة، على اوقات اولئك الذين يغيب عنهم الوعي الذاتي باوقاتهم، فكن انت من يدير ويتحكم في وقتك، لانك ان افلت الزمام، كان في يد غيرك.مصيدة اليوتيوب لسرقة اوقاتنا؟ وكيف ننجو منها