اخبار اليوم الصحيفة, ومن العلم ما اخبار اليوم الصحيفة, ومن العلم ما
يعتمد المنهج التجريبي في البحث العلمي على استخدام التجربة العملية في دراسة الظواهر العلمية، باعتبارها طريقة بحثية تمتاز بها البحوث ذات النتائج الدقيقة، والقيمة البحثية العالية. وتُمثل التجارب المعملية اساسًا قويمًا لاثبات الفرضيات والقواعد النظرية، وكما يُقال في الامثال الشعبية «التجربة خير برهان». مع هذا، لا تُحرز جميع التجارب النتائج المرجوة منها، مثلما نتناول في هذا التقرير ابرز التجارب
العلمية، التي كان من الممكن ان تقضي على البشرية.
1- تجربة «ستارفيش برايم»
في 26 يوليو (تموز) عام 1962، اطلق باحثون عسكريون بالولايات المتحدة قنبلة نووية كبيرة الى الفضاء الخارجي، من موقعهم على جزيرة «جونستون» في المحيط الهادي. حملت القذيفة اسم «ستارفيش برايم Starfish Prime»، وكانت عملية اطلاقها ضمن سلسلة من التجارب السرية، التي بداتها وزارة الدفاع الامريكية قبل اربع سنوات من ذلك التاريخ.
اطلقت القنبلة على ارتفاع 250 ميلًا، وكان الهدف منها تعطيل انظمة الصواريخ السوفيتية، خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. بلغت طاقة الانفجار 1.4 ميجا طن، كما امكن رؤيته على بعد 900 ميل. ويبدو ان الخطة كانت تهدف ايضًا لاختبار اثار التفجيرات النووية في الارتفاعات العالية، وخاصة تاثيرها في المجال المغناطيسي للارض.
يُعد الغلاف المغناطيسي المحيط بالارض طبقة مهمة من الجسيمات المشحونة، التي تحمي الارض من اضرار الاشعاع والرياح الشمسية. تسببت تجربة «ستارفيش برايم» في احداث تاثير كهرومغناطيسي اكبر مما كان متوقعًا ادى الى وقوع بعض الحوادث غير المرغوبة؛ فقد ضعفت اضاءة الشوارع فجاة وتوقفت محطات الاذاعة المحلية عن البث، وتعطلت الخدمات الهاتفية لبعض الوقت.
توقفت كذلك منظومات الاتصالات عالية التردد عن العمل، لمدة نصف دقيقة في امكنة اخرى من المحيط الهادي. كما شَكّل الاشعاع الناجم عن الانفجار حزامًا احاط بالارض لمدة خمس سنوات، وادى الى تعطيل سبعة اقمار اتصالات صناعية منخفضة المدار، شكّلت في ذلك الوقت ثلث الاسطول الفضائي للاتصالات.
2- مُصادم الهيدرونات الكبير
يُعد اقوى مصادم جسيمات في العالم، استغرق بناؤه 10 سنوات، عمل خلالها على تصميمه اكثر من 10 الاف من العلماء والمهندسين. بلغت تكلفة هذه الالة حوالي 6 مليارات دولار، وتُعد اكبر ماكينة في العالم، تقع اسفل الحدود الفرنسية السويسرية، بالقرب من العاصمة السويسرية «جنيف».
يستخدم الفيزيائيون المصادم لاختبار القواعد النظرية لفيزياء الجسيمات الدقيقة، عبر تسريع الجسيمات الى سرعات عالية جدًا، وسحقها في بعضها البعض، ثم جمع البيانات وتحليل النتائج. وكان الغرض من انشاء مصادم الهيدرونات الكبير تسريع عدد كبير من البروتونات في مسارات مغلقة،
يبلغ طولها حوالي 27,3 كيلومتر تقريبًا، ثم مُصادمتها ببروتونات اخرى؛ كي ينتج منها ثقوب سوداء تُحاكي الثقوب التي تشكلت عند نشاة الكون.
مصادم الهدرونات الكبير. المصدر: https://www.extremetech.com/extreme/236694-the-large-hadron-collider-of-all-places-is-running-out-of-disk-space
بمعنى اخر، كانت تهدف التجربة التي اشرفت عليها المنظمة الاوروبية للابحاث النووية CERN؛ لاعادة تهيئة الظروف التي صاحبت حدوث الانفجار الكبير The Big Bang، الذي يُعد احدى النظريات التي تُفسر نشاة الكون.
في البداية توقع البعض انها ستكون نهاية العالم، وان هذه الثقوب سوف تتسع لتبتلع الارض باكملها، كما تفعل الثقوب السوداء التي تنشا في الفضاء عند موت النجوم. لم يحدث شيء من ذلك بالنهاية، مع هذا تمكن العلماء من اكتشاف «بوزون هيغز Higgs boson»، الجسيم الاولي الذي يُعتقد انه المسؤول عن اكتساب المادة لكتلتها، في الرابع من يوليو (تموز) عام 2012.
جاء هذا الاكتشاف بعد اربعة عقود طويلة من البحث، الامر الذي يُعد انتصارًا للتكنولوجيا الحديثة وفيزياء الجسيمات المتقدمة.
3- اختبار «ترينيتي» النووي
في 16 يوليو (تموز) عام 1945، فجر الجيش الامريكي اول سلاح نووي في العالم، في صحراء «جورنادا ديل مرتو» بولاية نيو مكسيكو. كان هذا الاختبار الذي اطلق عليه اسم «ترينيتي» (الثالوث)، جزءًا من «مشروع مانهاتن Manhattan Project» الذي اطلقته الولايات المتحدة خلال سباق التسلح العالمي، الذي جرى اثناء الحرب العالمية الثانية، بعدما وردت تقارير مخابراتية تكشف عن سعي المانيا نحو تطوير سلاح نووي.
حتى ذلك الوقت، كانت معرفة العلماء عن القنبلة الذرية نظرية بحتة، وجاء «اختبار ترينيتي Trinity Test» ليصبح اول تجربة عملية، يختبر بها الباحثون سلاحهم الجديد. خشي البعض من احتمالية فشل التجربة، في حين خشي البعض الاخر من نجاحه بصورة مدمرة، قد لا يُمكن السيطرة عليها.
وقد اعرب اعضاء مشروع مانهاتن، بمن فيهم «انريكو فيرمي Enrico Fermi» (عالم فيزياء نووية حائز على جائزة نوبل)، و«ادوارد تيلر Edward Teller» (المعروف بابي القنبلة الهيدروجينية)، عن قلقهم من ان يؤدي الانفجار النووي الى تفاعل اندماجي متسلسل لانوية النيتروجين يُشعل الغلاف الجوي للارض باكمله.
وعلى الرغم من ان هذه المخاوف ابطات تقدم المشروع، راى القائمون عليه في نهاية الامر ان احتمالات حدوث تلك المخاوف ضعيفة، وقرروا الاستمرار فيه والمُضيّ قُدمًا. حقق الاختبار النجاح المرتقب دون اية خسائر بشرية، وكانت قوة الانفجار تُعادل حوالي 20 كيلوطن من مادة «تي ان تي TNT»، كما اضاء التاثير المضيء الناتج من التجربة البلاد بالكامل بضوء حارق، وبكثافة ضوئية تفوق شمس النهار.
مثّل ذلك الاختبار بداية العصر النووي، ونتج من نجاحه استخدام الولايات المتحدة قنابلها الشهيرة ضد هيروشيما وناجازاكي.
ومنذ ذلك الحين، اُجريت ما يقرب من الفي تجربة نووية، حدثت معظمها خلال فترة الستينيات والسبعينيات.
كما جرت اختبارات متكررة حققت نتائج مذهلة، وادت الى تطوير اسلحة احدث واكثر فتكًا، جعلت من الاسلحة النووية احدى الوسائل، التي قد تُدمر بها البشرية نفسها يومًا ما.
4- بئر كولا العميق
كانت «بئر كولا» مشروع حفر علمي، شرع فيه الاتحاد السوفيتي في شبه جزيرة «كولا» الواقعة في شمال غرب روسيا. وكان الغرض من هذه التجربة استكشاف قشرة الارض، ومعرفة التكوين البنائي والكيميائي لاعماق الارض.
تُعد اعمق بئر استكشافية في العالم، بدا الحفر فيها في مايو (ايار) عام 1970، وكانت تهدف اعمال الحفر للوصول الى عمق 15 الف متر. حققت رقمًا قياسيًّا في عام 1983، عندما وصل الحفر الى عمق 12 الف متر؛ لتُصبح اعمق حفرة في العالم متفوقةً على بئر «البرثية روجرز» في ولاية اوكلاهوما الامريكية، التي كان يبلغ عمقها 9583 مترًا.
توقف الحفر حينها سنة كاملة للاحتفال بذلك الانجاز، ونتيجةً للتباطؤ في عمليات الحفر انهارت التربة حول البئر، ما ادى الى سقوط كمية كبيرة من التربة داخلها افقدتها 5 الاف متر من عمقها، في سبتمبر (ايلول) عام 1984.
كان من المتوقع ان يصل عمق البئر الى 13500 متر في نهاية عام 1990، الا ان العمل توقف لدى الوصول الى عمق 12262 مترًا؛ اذ تبين تعذر الوصول الى ابعد من ذلك نتيجة درجات الحرارة العالية التي بلغت 180 درجة مئوية.
اثيرت عدة مخاوف خلال فترة العمل على المشروع، كان من بينها امكانية ان يتسبب الحفر العميق في قلب الارض بحدوث زلازل كارثي، وانفجارات بركانية واسعة الانتشار. كما اثار عدة شائعات تناقلتها وسائل الاعلام حينها، ارجعت سبب توقف الحفر الى اختراق العمال لطبقة شديدة السخونة، وسماع اصوات صرخات بشرية تصدر من اسفل البئر.
ادعى بعض رجال الكنيسة حينها ان البئر قد وصلت الى الجحيم الذي يحكي عنه الانجيل، وان تلك الاصوات هي اصوات الارواح الملعونة في الجحيم، الا ان اتضح لاحقًا ان الصوت الذي سجلته الميكروفونات وقتها، كان جزءًا من الموسيقى التصويرية لاحد الافلام (بارون الدم 1972).
نفى بعدها المسؤولون تلك الشائعات، وصرحوا ان السبب في توقف العمل يرجع الى وقف التمويل من قبل الاتحاد السوفيتي. مع هذا، مَكّنت بئر كولا العلماء من جمع معلومات وفيرة عن قشرة الارض، ومعرفة ما كان يحدث على كوكب الارض قبل ما يزيد على 52 مليار سنة. وعُثِر كذلك على ادلة تُشير الى ان الحياة على كوكبنا بدات قبل 1.5 مليار سنة على الاقل، كما اكتُشفت مكامن غنية بالذهب والنحاس والنيكل وغيرها من المعادن.
5- الطاعون كسلاح بيولوجي
تسببت اخر مرة تفشّى فيها مرض الطاعون، المعروف ايضًا باسم «الموت الاسود»، في مقتل ما يُقدر بنحو 75 الى 200 مليون شخص في جميع انحاء اوروبا واسيا بين عامي 1346 و1353. وفي نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، توصّل برنامج ابحاث الحرب البيولوجية الخاص بالاتحاد السوفيتي الى استخدام الطاعون كسلاح بيولوجي في الحروب.
اعلن منشقون عن البرنامج بعد انسحابهم، ان علماء الاتحاد السوفيتي كانوا يعملون على تجارب للوصول الى طرق تزيد من مقاومة الامراض الميكروبية، بغرض استخدامها كاسلحة بيولوجية. وكان الطاعون احد تلك الامراض التي كانت تُجرى عليها الابحاث، لتطوير نسخة منه مقاومة للحرارة والبرودة، بالاضافة الى عديد من المضادات الحيوية.
كما يشمل المخطط وضع تلك السلالة الجديدة من الميكروب في رؤوس حربية، يُمكن حملها واطلاقها على صواريخ عابرة للقارات. شملت خطة «موسكو» خلال الحرب الباردة كذلك، اعداد مئات الاطنان من بكتريا الجمرة الخبيثة، وعشرات الاطنان من فيروسات الجُدري والطاعون.
وقد الغى الرئيس الامريكي «ريتشارد نيكسون Richard Nixon» برنامج الاسلحة البيولوجية للولايات المتحدة، بينما استمرت الولايات المتحدة في اجراء البحوث، حول برامج الدفاع عن نفسها ضد اي هجوم بيولوجي. لكن السوفييت لم يُصدقوا ابدًا انتهاء البرنامج الامريكي للاسلحة البيولوجية بالفعل، وواصلوا خلال السبعينيات والثمانينيات برنامجهم الخاص، في سباق تسلح سري ضد اي تهديد متوقع.
لم يعلم احد حقيقة ما اذا كان الاتحاد السوفيتي، يُخطط فعلًا لاستخدام اي من تلك الاسلحة البيولوجية بشكل مكثف، لكن مع امتلاكهم لذلك الطاعون الجديد الاكثر فتكًا؛ فلديهم القدرة على القضاء على حياة الانسان باكملها على الارض.
6- فرضية المادة السوداء
ظهرت منذ عام 1990 فرضية تقترح ان احد اشكال الطاقة، المعروف باسم «الطاقة المظلمة Dark Energy» قد يكون السبب وراء تسارع تمدد الكون. نتج من هذه الفرضية اعتقاد يُرجح وجود نقطة، يتوقف عندها الكون عن التحلل بسرعة اكبر ويبدا في التباطؤ، وفقًا لنظرية غريبة في فيزياء الكم تُسمى «تاثير زينو Zeno Effect».
تُشير هذه النظرية الى ان الملاحظة والقياس المستمر للجسيمات غير المستقرة يُغير من المعدل الذي تتحلّل به، ما يعني ان ملاحظة المادة السوداء سيؤدي الى تباطؤ تحلل الكون وبالتالي سيتواجد الى الابد. وقد ادى ذلك الى ظهور نظريات اكثر غرابة، تقترح ان القياس العلمي لوفاة عدة نجوم في عام 1998، الذي كشف عن وجود الطاقة المظلمة للمرة الاولى، قد يكون ادى بالفعل الى اعادة ضبط ساعة تحلل الكون الى الصفر، واعاد ضبطها الى نظام كمي ذي معدل تحلل اسرع.
بعبارة اخرى، تُؤدي ملاحظة العلماء للمادة السوداء الى تقليل عمر الكون؛ اذ قد ينتج من ملاحظتها انهيارها اخذةً الكون معها في الانهيار.
7- البحث عن كائنات ذكية خارج الارض
قد تكون هذه التجربة مختلفة قليلًا، ربما لكونها ما تزال قائمة بالفعل. يقع معهد «البحث عن مخلوقات ذكية خارج الارض SETI»، في «ماونتن فيو» بولاية كاليفورنيا الامريكية. ويُعد منظمة غير ربحية مهمتها الاساسية البحث عن مخلوقات خارج كوكب الارض، تملك الذكاء والقدرة على التواصل.
في عام 1974، بثّ العلماء رسالة عبر موجات الراديو الى الفضاء، تضمنت معلومات عن البشر والكوكب الذي نعيش عليه، بالاضافة الى معلومات حول تركيبة الحمض النووي البشري، ورسم توضيحي لشكل الانسان وسكان الارض، بجانب خريطة توضح طريقة العثور علينا.
يعتقد كثيرون ان ارسال هذه الرسالة الى الفضاء فكرة سيئة؛ لانها قد تقع في ايدي جنس عدواني من الكائنات الفضائية، وتُقدم لهم ببساطة كل ما يحتاجون الى معرفته لمحو جميع اشكال الحياة على الارض. يتوقع اخرون ايضًا امكانية ان يؤدي الاتصال مع كائنات فضائية متقدمة الى حرب بين الكواكب، الامر الذي قد لا يكون البشر مهيئين للتعامل معه بعد، مع اعتبار ان تلك الكائنات ستكون اكثر تقدمًا عنا من الناحية التكنولوجية.
وعلى الرغم من ان هذه المعتقدات قد تبدو نوعًا من نظريات المؤامرة او ضربًا من الجنون، فضلًا عن النتائج السلبية التي ياتي بها المسح الفضائي الذي يُجريه «SETI»، وعدم وجود اية ادلة قاطعة حتى الان تُشير الى وجود حياة ذكية خارج كوكب الارض، الا ان بعض العلماء البارزين يُحذرون من سوء عاقبة نتائج مثل هذه التجارب.
من بينهم الفيزيائي الشهير «ستيفن هوكينغ Stephen Hawking» الذي اوضح التالي: «اذا زارت كائنات فضائية الارض، فان النتيجة ستكون مُشابهة لما حدث عندما هبط كولومبوس في القارة الامريكية، الامر الذي لم تكن نتائجه جيدة بالنسبة لسكان امريكا الاصليين».ومن العلم ما يقتل.. 7 تجارب علمية كادت تقضي على العالم
